المصرف المصري يواصل إقراض الحكومة رغم تراجع التضخّم

النمو الحاد في المعروض النقدي على مدى أربع سنوات كشف نقاط ضعف جوهرية في الاقتصاد المصري.

القاهرة - أظهرت القوائم المالية الصادرة عن البنك المركزي المصري عن السنة المالية المنتهية في 30 يونيو/حزيران أن حجم الإقراض المقدم من البنك للحكومة استمر في الزيادة رغم تراجع التضخم من ذروة غير مسبوقة بلغها في سبتمبر/أيلول الماضي.

ويرى اقتصاديون أن زيادة إقراض البنك المركزي للحكومة قد يقوض الاقتصاد نتيجة ارتفاع المعروض النقدي وتأجيج التضخم وإضعاف سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية.

وأوضحت البيانات ذاتها أن المعروض النقدي (ن1) الذي يشمل النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي والودائع الجارية غير الحكومية بالعملة المحلية لدى البنوك كافة، قفز بـ 31.1 بالمئة خلال السنة المالية المنتهية في 30 يونيو/حزيران، وذلك بعد نموه 33.4 بالمئة في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو/حزيران 2023 و23.1 بالمئة في السنة السابقة.

وحدث النمو الحاد في المعروض النقدي على مدى أربع سنوات كشفت خلالها سلسلة من الصدمات منها جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا عن نقاط ضعف جوهرية في الاقتصاد المصري. ومع ذلك انخفض التضخم من مستوى غير مسبوق بلغ 38 بالمئة في سبتمبر/أيلول إلى 25.7 بالمئة في يوليو/تموز.

ومنذ مارس/آذار الماضي، رفعت الحكومة المصرية في إطار خطتها التي اتفقت عليها مع صندوق النقد لتقليل الإنفاق على الدعم على أسعار الكهرباء والوقود والمواصلات العامة فضلا عن زيادة أسعار الخبز لأول مرة منذ عقود، بهدف التغلب على عجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه (10.27 مليار دولار).

كما أبقى المصرف المصري على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير في اجتماع يوليو/تموز سعر العائد على الإيداع عند 27.25 بالمئة وسعر عائد الإقراض عند 28.25 بالمئة، فيما شهد مسار رفع أسعار الفائدة في مصر منذ فبراير/شباط 2022 وإلى غاية نفس الفترة من عام 2024 زيادة بواقع 1900 نقطة أساس، منها 800 نقطة أساس في عام 2022، ثم 300 نقطة أساس في 2023، و800 نقطة أساس في 2024.

وكانت لجنة السياسة النقدية قد توقعت أن ينخفض التضخم بشكل ملحوظ خلال النصف الأول من 2025، مضيفة أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي تراجع إلى 2.2 في المئة في الربع الأول من العام الجاري من 2.3 في المئة في الربع السابق.

كما أوضحت أن المؤشرات الأولية للربع الثاني من 2024 تبرز استمرار وتيرة تباطؤ النشاط الاقتصادي، مما قد يتسبب في تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال السنة المالية الحالية 2023-2024 مقارنة بالسنة المالية السابقة، كما يمكن أن يعاود الارتفاع في السنة المالية 2024-2025.

وتواجه الحكومة الجديدة انتقادات، إذ يعتبر العديد من المصريين أن قراراتها لا تستجيب لانتظاراتهم، فيما يذهب بعضهم إلى حد التشكيك في قدرتها على إيجاد حلول حقيقية تخرج البلاد من أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة.

وتئن مصر تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة فاقمها شح السيولة، في وقت تواجه فيه معضلة ارتفاع ديونها الخارجية في الأعوام الثمانية الماضية إلى أربعة أمثاله للمساهمة في تمويل بناء عاصمة جديدة وتشييد بنية تحتية وشراء أسلحة ودعم عملة مبالغ في تقدير قيمتها.