المعارضة السودانية ترفض خطة الجيش لإجراء الانتخابات

قادة الاحتجاجات يؤكدون إصرارهم على مواصلة العصيان المدني حتى تسليم السلطة لمدنيين ويتهمون المجلس العسكري بالتنصل من التزاماته عبر الدعوة لانتخابات خلال تسعة اشهر.

الخرطوم - قال مدني عباس مدني أحد الشخصيات البارزة في المعارضة السودانية إن المعارضة رفضت الثلاثاء خطة المجلس العسكري إجراء انتخابات خلال تسعة أشهر، بعد يوم شهد أسوأ أعمال عنف في البلاد منذ عزل الرئيس عمر البشير في أبريل/نيسان.

وقال مدني العضو بتحالف المعارضة (إعلان قوى الحرية والتغيير) "نرفض كل ما ورد في بيان رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان".

وذكر المجلس في وقت سابق الثلاثاء أنه ألغى جميع الاتفاقات مع تحالف المعارضة الرئيسي ودعا إلى انتخابات خلال تسعة أشهر.

وقال مدني إن العصيان المدني مستمر "بهدف إسقاط المجلس العسكري بعد أن تنصل عن كل التزاماته".

ويتعرض المجلس لضغط محلي وعالمي لتسليم السلطة للمدنيين.
وفي الساعات الأولى من صباح الاثنين، اقتحمت قوات الأمن مخيم الاعتصام في العاصمة وقالت مجموعة من الأطباء مرتبطة بالمعارضة إن أكثر من 35 قتلوا في أسوأ أعمال عنف منذ الإطاحة بالرئيس عمر حسن البشير في أبريل/نيسان. وقالت المجموعة في وقت سابق إن ما لا يقل عن 116 أصيبوا بجروح.
واتهم تجمع المهنيين السودانيين، المنظم الرئيسي للاحتجاجات، المجلس العسكري بالإشراف على "مجزرة" أثناء فض الاعتصام وهو اتهام نفاه المجلس.
وقال المتحدث باسم المجلس الفريق شمس الدين كباشي ان قوات الأمن استهدفت "متفلتين" فروا من موقع الاعتصام وأحدثوا فوضى.
وأصبح مخيم الاعتصام نقطة محورية في الضغط على الحكام العسكريين لتسليم السلطة للمدنيين.

 الانتخابات ستكون خاضعة لإشراف إقليمي ودولي

وقال رئيس المجلس العسكري الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في خطابه إن "القوى السياسية التي تحاور المجلس العسكري تتحمل ذات المسؤولية في إطالة أمد التفاوض بمحاولة إقصاء القوى السياسية والقوى العسكرية والانفراد بحكم السودان لاستنساخ نظام شمولي آخر يُفرض فيه رأي واحد يفتقر للتوافق والتفويض الشعبي والرضاء العام".
وذكر أن المجلس قرر إلغاء كل الاتفاقات مع جماعات المعارضة والدعوة لانتخابات خلال تسعة أشهر. وأضاف أن الانتخابات ستكون خاضعة لإشراف إقليمي ودولي.
وأعلن أنه سيتم تشكيل حكومة على الفور لإدارة البلاد لحين إجراء الانتخابات.

وتصاعدت ردود الافعال الدولية تجاه التطورات الاخيرة في السودان حيث عبّرت دولة الإمارات الاثنين عن أملها في أن يجنح السودانيون للحوار سبيلا لإنهاء الأزمة، داعية إلى التفاوض على اتفاق يقود السودان لبر الأمان.

وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدة على تويتر "نتطلع إلى استمرار الحوار والتفاوض في السودان الشقيق للوصول إلى اتفاق يقود البلاد إلى بر الأمان، فتجربة المنطقة علمتنا أن الانتقال المنظم والحافظ للدولة ومؤسساتها هو السبيل الوحيد لتفادي سنوات من الفوضى والضياع. قلوبنا مع السودان وأهله في هذه الظروف الدقيقة".

وأدان الاتحاد الإفريقي الاثنين، العنف ضد المعتصمين السودانيين داعيا إلى إجراء تحقيق "فوري وشفاف" من أجل مساءلة المسؤولين عن ذلك، فيما حث الاتحاد الأوروبي على التهدئة وضبط النفس بينما أعلنت شركة طيران الإمارات تعليق رحلاتها للسودان بسبب الوضع الأمني.

وقالت المفوضية الإفريقية التي تعتبر الأمانة العام للاتحاد وجهازه التنفيذي في بيان نشرته عبر الموقع الرسمي للتكتّل القاري "ندين بشدة أعمال العنف التي اندلعت اليوم بالخرطوم وأدت إلى سقوط عدة قتلى وجرحى مدنيين".

ودعا رئيس المفوضية التشادي موسى فكي إلى "إجراء تحقيق فوري وشفاف من أجل مساءلة جميع المسؤولين"، مطالبا المجلس العسكري الانتقالي في السودان إلى حماية المدنيين من المزيد من الأذى.

وأشار إلى بيان مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي بشأن السودان الصادر في 30 أبريل/نيسان الماضي والذي طالب الأطراف المعنية بالعودة إلى المفاوضات بشكل عاجل من أجل التوصل إلى اتفاق شامل بما يمهد الطريق إلى سلطة انتقالية بقيادة مدنية.

ودعا فكي "جميع الشركاء الدوليين إلى تعزيز الجهود المشتركة من أجل الوقف الفوري للعنف (في السودان) والاستئناف السريع للمفاوضات من أجل التوصل إلى تسوية سياسية".

وجدد عزم الاتحاد الإفريقي مواصلة إشراك الشعب السوداني ومرافقته لدعم توطيد اتفاق سياسي يتماشى مع قرارات مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد.

وحمّلت بريطانيا المجلس العسكري في السودان "مسؤولية" فض الاعتصام، مشددة على أن "المجتمع الدولي سيحاسبه على ذلك".

وجاء ذلك في تغريدتيْن لوزير الخارجية البريطاني جيرمي هنت عبر حسابه على تويتر على خلفية الأزمة.  وقال هنت في تغريدة "أدين هجوم قوات الأمن السودانية على المحتجين"، معتبرا أن "هذه خطوة مشينة لن تقود إلا إلى الانقسام والعنف".

وأضاف في تغريدة أخرى أن الاعتداء على المعتصمين "لن يساعد السودان في بناء المستقبل الذي ينشده الشعب".

وتابع "المجلس العسكري يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا العمل وسيحاسبه المجتمع الدولي على ذلك".

ما أدانت ألمانيا استخدام قوات الأمن السودانية "القوة المفرطة" ضد المعتصمين في العاصمة الخرطوم، داعية إلى وقف فوري للعنف.

وجاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده نائب المتحدث باسم الخارجية الألمانية كريستوفر بيرغر بالعاصمة برلين قال فيه "لا يمكن أن يكون هناك أي تبرير لهذا العنف ويجب وقفه على الفور"، معتبرا أن "حملة القمع العنيفة على مقر الاعتصام تهدد بشكل خطير عملية الانتقال إلى حكومة بقيادة مدنية".

ودعا المتحدث الألماني "جميع الجهات الفاعلة (في السودان) إلى الامتناع عن أي خطوات تصعيدية والعودة إلى طاولة المفاوضات".

وقالت السفارة الأميركية في الخرطوم الاثنين، إن" هجمات قوات الأمن السودانية ضد المتظاهرين خاطئة ويجب أن تتوقف وأن المسؤولية تقع على المجلس العسكري".

وحملت السفارة الأميركية في الخرطوم في تغريدة على حسابها بتويتر المجلس العسكري المسؤولية عن التصعيد الأخير. وقالت "المسؤولية تقع على عاتق المجلس العسكري"..

وحثّت قطر الاثنين، الأطراف السودانية على تغليب صوت الحكمة، داعية إلى الانخراط في حوار "صادق".  

وطالبت مصر كافة الأطراف السودانية بضبط النفس والعودة للمفاوضات. وقالت الخارجية المصرية في بيان إنها تتابع ببالغ الاهتمام تطورات الأوضاع على الساحة السودانية والأحداث الأخيرة وتداعياتها.

وحثت "كافة الأطراف السودانية على أهمية الالتزام بالهدوء وضبط النفس والعودة إلى مائدة المفاوضات والحوار بهدف تحقيق تطلعات الشعب السوداني".

وقالت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية مايا كوتسيانشيتش في تصريح صحفي "أي قرار بتكثيف استخدام القوة لن يؤدي إلا إلى عرقلة العملية السياسية".

وأضافت أن "الأولوية بالنسبة للاتحاد الأوروبي هي النقل السريع للسلطة إلى سلطة مدنية"، موضحة أن الاتحاد الأوروبي يتابع عن كثب الأحداث في السودان بما فيها الهجمات على المحتجين المدنيين.

وقالت إن الاتحاد يطالب المجلس العسكري باحترام حرية التعبير والتظاهر السلمي، ويدعوه إلى نقل السلطة للمدنيين في أقرب وقت.

وعزلت قيادة الجيش الرئيس عمر البشير من الرئاسة في 11 أبريل/ نيسان الماضي بعد ثلاثين عاما في الحكم تحت وطأة احتجاجات شعبية بدأت أواخر العام الماضي تنديدا بتردي الأوضاع الاقتصادية.

وبدأ الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم في 6 أبريل/نيسان الماضي للضغط على المجلس العسكري لتسريع عملية تسليم السلطة إلى مدنيين قبل فضّه بالقوة صباح اليوم الاثنين