المغرب يسارع بحماية الأطفال من ارتدادات الزلزال

الحكومة تتجه لتجسيد توجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس بمنح الأطفال المتضررين من الكارثة الطبيعية، ولا سيما الذين فقدوا أُسرهم، صفة 'مكفولي الأمة' ما يمكنهم من مجموعة من امتيازات اجتماعية تصون كرامتهم وتحفظ حقوقهم وتحميهم من المخاطر والاستغلال بأنواعه.

الرباط – وضعت كارثة زلزال منطقة الحوز بالمغرب عشرات الاف الأطفال امام اصعب تحد قد يواجهه القصّر، اذ كشفت منشورات وفيديوهات عن وجود مجرمين يرغبون في استغلال الكارثة للمتاجرة بفاقدي السند العائلي، وهو ما سارعت السلطات الى محاولة تطويقه عبر اجراءات حازمة ومبادرة تشريعية.

ووفقاً للأمم المتحدة، تأثر حوالى 100 ألف طفل جراء الزلزال الكارثي الذي ضرب الحوز بالمغرب، كثيرون منهم مصابون بصدمات نفسية.

وتقول إيمان، المتطوعة في العمل لتقديم المساعدات لضحايا الزلزال في فيديو نشرته على مواقع التواصل الاجتماعي، "أرسلت لي امرأة مبلغ 54 يورو كمساهمة لمساعدة ضحايا الزلزال، وبعد ذلك اتصلت بي، وأخبرتني أنها ترغب بطفلتين من القرى المنكوبة للعمل في بيتها وبيت والدتها كخادمات في البيوت". وأثار الفيديو جدلاً في صفحات التواصل الاجتماعي بالمغرب، وطالب ناشطون مغاربة بتدخل السلطات لحماية الأطفال من سماسرة الاتجار بالبشر.

في منشور على منصة فيسبوك يدعو الرجال في المغرب الذين ليس الزواج ضمن قدراتهم المادية، إلى التوجه إلى الجبال المنكوبة، والزواج من الفتيات القاصرات، واستغلال ظروف أنهن يتيمات. كما ظهر أحد منتحلي صفة التطوع في فيديو وهو يتحرش بطفلة صغيرة في القرى المنكوبة، ويطلب منها تقبيله، ويعرض عليها الزواج وأخذها إلى المدينة. وقالت إحدى الفتيات الناجيات من زلزال الحوز، "قدم رجلان إلى قريتنا واستفردا بشقيقتي الصغرى، وأخبرها أحدهما بأنه يرغب بالزواج بها ونقلها إلى المدينة".

ويجرّم الفصل 19 من مدونة الأسرة المغربية، زواج الفتيات اللواتي تقل أعمارهن عن 18 سنة، بيد أن مادتين في الفصل ذاته تتيحان للقاضي القيام باستثناءات وعدم الالتزام بهذه القاعدة.
واعتقلت عناصر المصلحة الجهوية للشرطة القضائية بمدينة الرشيدية، جنوب المغرب، طالباً جامعياً يبلغ من العمر 20 سنة، للاشتباه في تورطه في نشر محتوى تحريضياً يهدد فيه بارتكاب أفعال جنسية.
ورصدت الشرطة القضائية محتوى تحريضياً منشوراً على مواقع التواصل الاجتماعي، يزعم فيه صاحبه أنه سيتوجه إلى إحدى المناطق المنكوبة بالزلزال بغرض ارتكاب اعتداءات جنسية بحق طفلات قاصرات، ما استدعى فتح بحث قضائي أسفر عن تشخيص هوية المشتبه فيه وتوقيفه. وما زالت الأبحاث التقنية والميدانية متواصلة لضبط كل من ثبت تورطه في نشر محتويات مماثلة تحرض على ارتكاب جنايات وجنح ضد الأشخاص والممتلكات، وفقاً للشرطة المغربية.

من جهتها  تسابق وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة الزمن لمعالجة تداعيات الأزمة.

وأطلقت الوزارة عملية إحصاء للأطفال اليتامى من أجل تمكينهم من الاستفادة من خدمات مراكز حماية الطفولة التي تم إحداثها، كما جرت تعبئة جمعيات ومؤسسات الرعاية الاجتماعية المعنية بالأطفال والنساء، على غرار الفضاءات متعددة الوظائف للنساء، ووحدات حماية الطفولة، من أجل تقديم الدعم النفسي للأطفال والنساء، وإطلاق حملات توعية ضد محاولات استغلال هذه الفئات.
وتستعد الوزارة للكشف عن رقم هاتفي مخصص لضمان توحيد الجهود، وتعزيز نجاعة التدخل، وكذا الإبلاغ عن حالات العنف ضد الأطفال والنساء، والأشخاص في وضعية الإعاقة، على أن يتولى توجيههم إلى المراكز المختصة من أجل المواكبة النفسية والاجتماعية.

كما وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس بمنح الأطفال المتضررين من الزلزال، ولا سيما الذين فقدوا أُسرهم، صفة "مكفولي الأمة"، ما يمكنهم من مجموعة من الامتيازات الاجتماعية التي تصون كرامتهم، وتحفظ حقوقهم، وتحميهم من المخاطر التي قد يتعرّضون لها. ويأتي في مقدمة تلك الامتيازات حق الاستفادة من الرعاية المعنوية والمساعدة المادية إلى حين بلوغهم سن الرشد، وكذلك الحق في الخدمات التي تقدمها مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين والمحاربين، فضلاً عن أسبقية قبولهم في المدارس الابتدائية، وأسبقية الحصول على منح دراسية، كما سيتمتعون لاحقاً بأسبقية ولوج الوظائف العامة.

والخميس تناقس الحكومة المغربية، خلال اجتماع مجلسها إقرار مشروع مرسوم بقانون يتعلق بمنح الأطفال ضحايا زلزال الحوز، صفة "مكفولي الأمة".

وبحسب بيان أصدره الديوان الملكي، فإن منح صفة "مكفولي الأمة" للأطفال ضحايا الزلزال يهدف إلى "انتشالهم من هذه المحنة وحمايتهم من جميع المخاطر وجميع أشكال الهشاشة التي قد يتعرضون لها" بعد هذه الكارثة الطبيعية. وأعطى الملك أوامره للحكومة من أجل اعتماد إجراءات المصادقة على مشروع مرسوم القانون اللازم لهذا الغرض، وذلك في أقرب وقت.

انتشالهم من هذه المحنة وحمايتهم من جميع المخاطر وجميع أشكال الهشاشة

وبمقتضى مشروع مرسوم القانون الذي ستقره الحكومة المغربية الخميس، سيتمكن الأطفال الذين فقدوا أسرهم في الزلزال من حمل صفة "مكفولي الأمة" وذلك بقرار ملكي، في وقت كان منح تلك الصفة يقتصر على أبناء العسكريين الذين يفقدون حياتهم أثناء خوضهم الحروب. وبموجب هذا المشروع، سيتمكن الأطفال اليتامى من الاستفادة من الرعاية المعنوية والمساعدة المادية إلى حين بلوغهم سن الرشد أو الانقطاع عن دراستهم، كما سيخولون الحق في الخدمات التي يمكن أن تقدمها لهم مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين، بحسب ما ذكره الظهير الشريف (الظهير مرسوم يقوم بإصداره ملك المغرب بصفته سلطة عليا وممثلاً أسمى للأمة) رقم 1 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4722 بتاريخ 2 سبتمبر/ أيلول 1999.
كما سيستفيد الأطفال اليتامى من تكفل الدولة، حسب الحالة، بمجموع أو بعض المصاريف المتعلقة بالنفقة والصحة والتمرس المهني والدراسة الضرورية لنموهم العادي، في حال كان هؤلاء المكفولون لا يتوفرون على موارد تمكنهم من سد حاجاتهم، أو كان الأشخاص الملزمون شرعاً بالنفقة عليهم غير قادرين على ذلك. 

ويمكن لمكفولي الأمة الاستفادة لأجل نفقتهم من إعانة إجمالية سنوية يحدد مبلغها وشروط وإجراءات منحها بنص تنظيمي، إلى حين بلوغهم سن الرشد أو زواج البنات منهم أو انقطاعهم عن الدراسة إذا كانوا لا يتوفرون على مدخول يساوي مبلغها أو يفوق مبلغ الأجرة الأساسية المنفذ للرقم الاستدلالي 100 المعمول به في الوظيفة العمومية (المرتب الأساسي السنوي الخاص بالرقم الاستدلالي الحقيقي 100 يعادل 4.715 درهما، أي أكثر من 400 دولار)، فضلاً عن الاستفادة من مجانية العلاجات الطبية والجراحية والاستشفاء في التشكيلات الصحية المدنية والعسكرية التابعة للدولة.
ومن بين الامتيازات التي يحظى بها "مكفولو الأمة" كذلك أنهم يقبلون على سبيل الأسبقية في المؤسسات الابتدائية ويتمتعون إذا كانوا يتابعون دراسة ثانوية أو عليا بحق الأسبقية في الحصول بالتساوي في الشروط على منح دراسية، وكذلك يكون الشأن في ما يتعلق بمؤسسات التمرس أو التكوين المهني العامة أو الخاصة.

بالإضافة إلى ذلك، يتمتع مكفولو الأمة بالأسبقية لولوج المناصب العامة بإدارات الدولة والمؤسسات العامة والجماعات العمومية والمشاركة في مباريات الالتحاق بالكليات والمدارس الوطنية الكبرى.

وتواصل فرق الإنقاذ بالمغرب، الثلاثاء، عمليات الإغاثة والبحث عن مفقودين تحت الأنقاض لليوم 13 بعد الزلزال المدمر الذي ضرب شمال ووسط المملكة في 8 سبتمبر/أيلول الجاري.

إن عمليات الإنقاذ تواصلت بمختلف المناطق المتضررة، فضلا عن استمرار توزيع الخيام والمساعدات على المتضررين.

وأضاف أن العديد من الهيئات الرسمية وغير الرسمية ساهمت في إيصال المساعدات إلى المتضررين.

كما التحق عدد من التلاميذ لليوم الثاني، وفق المراسل، بخيام أعدت للدراسة في المناطق المتضررة، في الوقت الذي تم نقل نحو 6000 تلميذ إلى مؤسسات تعليمية بمراكش.

وبحسب بيان لوزارة التربية الوطنية، الاثنين، فقد "تم تخصيص الحصص الأولى للدعم النفسي للتلميذات والتلاميذ، ومساعدتهم من خلال الاستماع وأنشطة تربوية وترفيهية، يشرف عليها، إلى جانب أساتذتهم، وملحقون اجتماعيون متخصصون".

كما تتواصل عملية حصر المنازل التي انهارت كليا أو بشكل جزئي بسبب الزلزال، تمهيدا لمساعدة أصحابها، عبر منحهم تمويلات.

والخميس، أعلن الديوان الملكي أن 50 ألف مسكن انهار كليا أو جزئيا إثر الزلزال، لافتا إلى استعداد الدولة لتقديم مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم (نحو 14 ألف دولار) لأصحاب المساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم (نحو 8 آلاف دولار) لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيا.

كما ستمنح مساعدة عاجلة بقيمة 30 ألف درهم (نحو 3 آلاف دولار) للأسر المتضررة.

وفي 8 سبتمبر الجاري، ضرب زلزال بقوة 7 درجات على مقياس ريختر عدة مدن مغربية كبرى مثل العاصمة الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس (شمال)، ومراكش وأغادير وتارودانت (وسط).

ووفقا لأحدث بيانات وزارة الداخلية، أسفر الزلزال عن 2946 وفاة و6125 إصابة، إضافة إلى دمار مادي كبير.