المغرب يستغرب إقحام اسبانيا لملف الهجرة في الخلافات المتعلقة بالبوليساريو

الخارجية المغربية تقول ان إثارة رئيس الحكومة الاسبانية قضية الهجرة لا ينبغي أن تكون ذريعة لصرف الانتباه عن الأسباب الحقيقية للأزمة الثنائية والمتعلقة أساسا باستقبال غالي ودعم مدريد للانفصاليين.
الخارجية المغربية تتساءل عن البيان الذي يتحدث عنه بيدرو سانتشيث ويربط بين البوليساريو والهجرة
الخارجية المغربية تؤكد ان بيانها لا يتناول قضية الهجرة إلا بإيجاز
الرباط تستنكر محاولات رئيس الحكومة الاسبانية التدخل في الشان الداخلي المغربي

الرباط - عبرت الرباط عن استغرابها الشديد من ردود الفعل الاسبانية على بيانها الأخير بخصوص عمق الأزمة الحالية بين البلدين والتي تتمثل في كسر الثقة بين الشريكين.
وقالت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج الاثنين، أن رد الفعل الصادر عن رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتشيث "الرافض للبيان المغربي من خلال ربطه بالهجرة" يثير "اندهاشا كبيرا".
وقالت الوزارة في بيان جديد ان "المغرب ليس من عادته الانخراط في جدالات حول تصريحات كبار المسؤولين في الدول الأجنبية، غير أن تعليق رئيس الحكومة الإسبانية اليوم، الرافض للبيان المغربي من خلال ربطه بالهجرة، يثير اندهاشا كبيرا".
وتسائلت الوزارة عن البيان الذي يتحدث عنه رئيس الحكومة الاسبانية ويربط بين ملف زعيم البوليساريو ابراهيم غالي وملف الهجرة.
وأكدت الخارجية المغربية أن البيان السابق والذي تداولته مع ذلك وسائل الإعلام الإسبانية على نطاق واسع، لا يتناول قضية الهجرة إلا بإيجاز بل وذكر تحديدا بالتعاون الجيد. 
كما تسائلت الخارجية المغربية ان كان رئيس الحكومة الاسبانية قد اطلع جيدا على مختلف البيانات ذات الصلة بهذه الأزمة.
واستنكرت الخارجية المغربية محاولات رئيس الحكومة الاسبانية التدخل في الشان الداخلي المغربي قائلة "ليس من صلاحية المسؤولين الأجانب تحديد أي وزير مغربي يتعين عليه التحدث بشأن أية مواضيع".
وقالت الوزارة بأن الأزمة مع اسبانيا ليست مرتبطة بقضية الهجرة بل ان نشاتها وأسبابها العميقة باتت الآن معروفة، ولا سيما من قبل الرأي العام الإسباني".
وقالت الخارجية المغربية ان إثارة قضية الهجرة لا ينبغي أن تكون ذريعة لصرف الانتباه عن الأسباب الحقيقية للأزمة الثنائية.
وحاول رئيس الوزراء الاسباني الالتفاف على جوهر الأزمة مهاجما المغرب مدعيا أن تصرفاته خلال الأزمة الحدودية قبل أسبوعين عندما عبر آلاف الطامحين في الهجرة إلى جيب سبتة المغربي المحتل "غير مقبولة وهجوم على الحدود الوطنية".
وردا على سؤال عن تصريحات لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الذي ربط بين أزمة المهاجرين والموقف الاسباني من النزاع القائم في الصحراء المغربية، قال سانتشيث خلال مؤتمر صحفي اليوم الاثنين "من غير المقبول أن تقول إحدى الحكومات إننا سنهاجم الحدود وسنفتح الحدود للسماح بدخول عشرة آلاف مهاجر في أقل من 48 ساعة... بسبب خلافات السياسة الخارجية".
ويستمع القضاء في إسبانيا الثلاثاء إلى زعيم جبهة بوليساريو الذي رفعت شكويان في حقه بتهمة "التعذيب" وارتكاب "مجازر إبادة"، بعدما أثار استقباله في هذا البلد بداعي الاستشفاء شرارة أزمة بين الرباط ومدريد.
وادخل غالي زعيم "الجبهة الشعبيّة لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" (بوليساريو) في نيسان/أبريل إلى المستشفى في لوغرونيو بسبب مضاعفات إصابته بكوفيد-19 وسيستجوبه عبر الفيديو من مستشفى هذه المدينة الواقعة في شمال إسبانيا أحد قضاة المحكمة الوطنية العليا في مدريد في جلسة مغلقة مقررة عند الساعة 10,30 (الساعة 08,30 ت غ).
ولم يوجه الاتهام إلى غالي في أي من هذين الملفين. وفي ختام التحقيق، سيقرر القاضي بشأن الملاحقات قضائية من عدمها.
إلا أن هذه الجلسة هي محط اهتمام كبير في مدريد والرباط على حد سواء بعد توتر على أعلى المستويات في الشهر الأخير بلغ ذروته مع وصول نحو عشرة آلاف مهاجر في منتصف أيار/مايو إلى جيب سبتة الإسباني.

الخارجية المغربية تتهم رئيس الوزراء الاسباني بالالتفاف على جوهر الأزمة
الخارجية المغربية تتهم رئيس الوزراء الاسباني بالالتفاف على جوهر الأزمة

إعادة فتح ملفات
ويعود هذا الاستجواب إلى شكوى تشمل "الاعتقال غير القانوني والتعذيب وجرائم ضد الانسانية" رفعها العام 2020 فاضل بريكة المنشق عن جبهة بوليساريو والحاصل على الجنسية الإسبانية الذي يؤكد انه كان ضحية "تعذيب" في مخيمات اللاجئين الصحراوية في تندوف في الجزائر.
وكانت هذه الشكوى حُفظت لكن أعيد فتحها مطلع السنة الحالية.
ويعود الملف الثاني إلى العام 2007 وكان قد حُفظ أيضا وأعيد فتحه مع تواجد زعيم البوليساريو في إسبانيا.
وتقدمت بالشكوى العام 2007 الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الانسان بتهمة ارتكاب "مجازر إبادة" و"اغتيال" و"إرهاب" و"تعذيب" و "إخفاء" في مخيمات تندوف على ما أفادت هذه المنظمة ومقرها في إسبانيا.
ورفض القاضي مصادرة أوراق غالي الثبوتية لمنعه من مغادرة إسبانيا كما يطالب مقدمو الشكوى، بذريعة عدم وجود "مؤشرات واضحة" إلى "مشاركة" زعيم البوليساريو في الأفعال الواردة في الشكوى الثانية.
وكان غالي دعي إلى المثول في إطار هذه الشكوى العام 2016 عندما كان يفترض أن يتجه إلى إسبانيا للمشاركة في احدى المؤتمرات لكنه ألغى زيارته في نهاية المطاف.
مجرم حرب بالنسبة للرباط
وذكرت صحيفة "إل باييس" الإسبانية أن زعيم بولريساريو وصل إلى إسبانيا بسرية تامة في 18 نيسان/أبريل في طائرة طبية وضعتها في تصرفه الرئاسة الجزائرية حاملا جواز سفر دبلوماسيا".
وادخل بعد ذلك إلى المستشفى في لوغرونيو تحت اسم مستعار "لأسباب أمنية" ما دفع القاضي إلى إيفاد عناصر من الشرطة مطلع أيار/مايو إلى المكان للتحقق من هويته وإبلاغه بالاستدعاء.
وردا على استقبال غالي الذي تعتبره الرباط "مجرم حرب"، اتهمت اسبانيا القوات المغربية بفتح الحدود الحدود مع سبتة قبل أسبوعين ما أثار موجهة هجرة غير مسبوقة.
وتطالب بوليساريو مدعومة من الجزائر بإجراء استفتاء تقرير مصير في الصحراء المغربية أقرّته الأمم المتحدة، في حين يقترح المغرب الذي يسيطر على ثلثي هذه المنطقة الصحراوية منحها حكماً ذاتياً تحت سيادته.
وتعتبر الأمم المتحدة الصحراء المغربية البالغة مساحتها 266 ألف كيلومتر مربع من ضمن "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي" في ظل عدم وجود تسوية نهائية لوضعها.
وكانت الجبهة أعلنت استئناف القتال في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بعد حوالى ثلاثة عقود من سريان وقف لإطلاق النار، وقد جاء ذلك إثر تنفيذ المغرب عملية عسكرية في منطقة في أقصى جنوب الصحراء المغربية لوضع حد لانتهاكات الانفصاليين.