الموت يغيب فتحي الهداوي 'وحش الشاشة' التونسية

الساحة الفنية التونسية والعربية تفقد أحد أهم مبدعيها الذي قدّم الكثير من الأعمال الدرامية والمسرحية طوال عقود من الزمن.

تونس - فقدت الساحة الفنية التونسية والعربية في الثاني عشر من ديسمبر/كانون الأول الجاري الممثل المسرحي والتلفزيوني والسينمائي فتحي الهداوي عن عمر ناهزت 63 سنة، بعد رحلة مع المرض.

ونعت وزارة الشؤون الثقافية في تونس والمركز الوطني للسينما والصورة بكل حسرة وأسى أحد أهم مبدعيها الذي قدّم الكثير من الأعمال الدراميّة والمسرحيّة طوال عقود من الزمن.

وشكلت وفاة "وحش الشاشة" التونسية -كما يصفه البعض- صدمة في الشارع التونسي، وذلك إثر أزمة قلبية مفاجئة، فرغم رحلة فتحي الهداوي مع المرض إلا أن سبب وفاته نوبة قلبية وهو سبب ارتباط بعدة أسماء كان له معهم أعمال فنية لا تنسى على غرار المخرج التونسي شوقي الماجري والمخرج السوري حاتم علي.

وقد بدأت رحلة الهداوي مع الفن من خلال المسرح، حيث قدم العديد من الأدوار في مسرح مدرسته ابن شرف تحت إشراف المخرج حمادي المزي، انضم بعد ذلك إلى مسرح الهواة، ثم التحق في العام 1985 بمجموعة المسرح المثلث بتأطير من الأستاذ المسرحي الحبيب شبيل، ليكون لاحقا عنصرا من عناصر مجموعة المسرح الجديد مع المخرج التونسي الفاضل الجعايبي والمخرج الفاضل الجزيري والممثلة التونسية جليلة بكار وغيرهم من القامات المسرحية التونسية.

وتابع بعد ذلك تكوينه بالمعهد العالي للفنون المسرحية في تونس، حيث تخرج سنة 1986، وقد جاء في المرتبة الأولى في دفعته، حيث تحصل على جائزة رئيس الدولة آنذاك. وقد تحصل على أول جائزة له كأفضل ممثل بالمهرجان الوطني للمسرح المدرسي سنة 1978 وحاز على الجائزة ذاتها سنة 1980.

وجسّد الهداوي الأدوار المركّبة، حيث وصفه النقّاد بأنه متقمّص بارع، ومثّل في عدة أعمال مسرحية أهمها "العوادة" و"عرب" التي تم اقتباسها فيما بعد في عمل سينمائي يحمل العنوان ذاته وحاز فيه فتحي الهداوي على دور البطولة (1988).

دخل الهداوي منذ نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات عالم السينما والتلفزيون بمسيرة درامية حافلة بالأعمال التونسية والعربية والأجنبية، شارك من خلالها في فيلم "حلفاوين" للمخرج فريد بوغدير وفيلم "صفائح من ذهب" للمخرج النوري بوزيد عام 1986.

وتعامل الفنان الراحل خلال مسيرته مع مخرجين أجانب من فرنسا وإيطاليا، ومن أشهرهم المخرج الفرنسي سارج مواتي والمخرج الإيطالي فرانكو روسي. كما لمع نجمه في الأعمال الرمضانية، حيث حاز بفضل موهبته على مكانة كبيرة في المشهد الدرامي التلفزيوني التونسي بداية من الموسم الرمضاني عام 1991 في مسلسل "ليام كيف الريح" للمخرج صلاح الدين الصيد، ثم في المسلسل الشهير "غادة" لمحمد حاج سليمان عام 1992، و"العاصفة" لعبدالقادر الجربي 1993، و"الحصاد" 1994، إلا أنه شهرته الواسعة كانت بعد أدائه دور "رئيف" في المسلسل الدرامي الشهير "صيد الريم" عام 2008، ثم في مسلسل "ناعورة الهواء" في الموسمين الرمضانيين في 2014 و2015.

وانفتح فتحي الهداوي على الدراما التلفزيونية العربية عبر مشاركات متنوعة في مسلسلات عربية تاريخية شهيرة تم عرضها في عدد من الفضائيات العربية مثل "تاج من شوك" لشوقي الماجري (1997) و"هولاكو" لباسل الخطيب (2002) و"الحجاج" لمحمد عزيزية (2004) و"أبو زيد الهلالي" لباسل الخطيب (2004) و "خالد ابن الوليد" لمحمد عزيزية (2009) و"عمر" لحاتم علي (2012).

وشغل فتحي الهداوي إلى جانب مسيرته الفنية الحاملة لتجارب متنوعة، أيضا مناصب إدارية في القطاع الثقافي، حيث كان مديرا للمركز الثقافي الدولي بالحمامات (2011-2014)، ومديرا لمهرجان الحمامات الدولي في دورة 2012 ودورة 2013، وكان مسؤولا عن العلاقات العامة في أيام قرطاج السينمائية سنة 1995، ومديرا فنيا لأيام قرطاج المسرحية سنة 1993.

وتحصل الهداوي على عدد من الجوائز في مهرجانات محلية ودولية، كانت آخرها جائزة أفضل ممثل في مهرجان وهران للفيلم العربي سنة 2013. كما انخرط في العمل الجمعياتي، فهو عضو في جمعية "فرحات حشاد" وجمعية "المدنية" وجمعية "حنبعل"، وكانت له عدة مشاركات في الفعاليات الجمعياتية المتعلقة بالأطفال المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة وكذلك في السجون والمستشفيات العمومية ودور المسنين.

ويقال عن الهداوي الذي وُلد في التاسع من ديسمبر/كانون الأول 1961 في حي شعبي بتونس العاصمة، إنه يقود "ثورة إبداعية"، غير أنه أكد في أكثر من مناسبة أنها محاولة متواضعة منه للإسهام في إثراء المشهد الإبداعي.

ومن المقرر وفق ما نشر على صفحته بفيسبوك أن يوارى الثرى في الرابع عشر من ديسمبر/كانون الأول الجاري في مقبرة سيدي صالح بباردو.