الموظفون الأشباح ظاهرة تثقل كاهل مؤسسات حكومية عربية

كتلة نيابية مغربية تقدم مبادرة تشريعية تطالب فيها بفرض الانضباط في المؤسسات من خلال إقرار تدابير جديدة تلزم جميع الموظفين بالحضور إلى مقرات عملهم والالتزام بالدوام.

الرباط/الكويت - يهدد تفاقم ظاهرة الموظفين الأشباح أو ما يطلق عليهم في بعض الدول بـ"الفضائيين" القطاع العام ويثقل كاهله ماليا، إذ يتقاضى آلاف الموظفين أجورا دون حضور أو يتعمدون الغياب والاحتيال او الالتفاف على القوانين. وتحاول عدة حكومات عربية مواجهة هذه الظاهرة من خلال حزمة قوانين لتضييق الخناق على هؤلاء.

ومن بين الدول التي تواجه هذه الظاهرة المغرب وتونس والعراق ومصر وغيرها، فيما يعود الجدل إلى الواجهة في كل مرة يثار فيها هذا الموضوع. وقد بادرت كتلة نيابية مغربية بتقديم مبادرة تشريعية طالبت فيها بفرض الانضباط من خلال إقرار تدابير جديدة تلزم جميع الموظفين بالحضور إلى مقرات عملهم والالتزام بالدوام، باستثناء المرخص لهم.

ويذهب العديد من النشطاء إلى حد المطالبة بفصل "الموظفين الأشباح" واستبدالهم بآخرين من العاطلين عن العمل ممن تتوفر فيهم الشروط المطلوبة.

ويحظر المقترح البرلماني مزاولة الموظف لأي مهنة أخرى أو نشاط يؤديه على حساب أوقات عمله ويتقاضى عليه أجرا، داعيا إلى إخضاع قانون الوظيفة العمومية لمراجعة شاملة، وفق موقع 'مدار 21" المغربي.

وتسمح المبادرة بإنجاز الأعمال العلمية والأدبية والفنية والرياضية بشرط ألاّ يطغى عليها الطابع التجاري،كما يحق للموظف التدريس والاستشارات لمدة محددة دون تحقيق منافع مادية.   

وكثّفت الحكومة المغربية خلال الآونة الأخيرة من جهودها لتضييق الخناق على "الموظفين الأشباح"، إذ شملت الإجراءات المتخذة من أجل التصدي لهذه الظاهرة أكثر من 4160 موظفا بسبب التغيب غير المشروع عن العمل.

وأوضحت وزيرة إصلاح الإدارة غيثة مزور أن "الإجراءات القانونية المتخذة في شأن العديد من الموظفين المخالفين وصلت إلى حد العزل النهائي من الوظيفة العمومية"، فيما تراوحت العقوبات الأخرى بين الاقتطاعات من الرواتب والقرارات التأديبية، مشددة على عزم الحكومة الراسخ على مواصلة التصدي لظاهرة "الموظفين الأشباح" بحزم وصرامة.

واعتمدت الكويت خلال السنوات الأخيرة العديد من الطرق لضبط دوام الموظّفين على غرار العمل بكشوف ودفاتر الحضور واستخدام البطاقات الإلكترونية وصولا إلى نظام البصمة المفروض على جميع موظفي الدولة منذ العام 2017، لكن العديد من الأوساط الكويتية تقول إنّ تطبيق كل أساليب الرقابة لم يؤدّ إلى القضاء على ظاهرة "الموظفين الأشباح".

ويرى متابعون للشأن الكويتي أن العديد من الموظفين وجدوا طريقة للالتفاف على أساليب الرقابة، منتقدين ما اعتبروه "التراخي" في معاقبة غير الملتزمين، في وقت يتمتعون فيه بنفس الحوافز المالية التي تصرف للموظفين المنضبطين والمثابرين.

لكن عديد الكويتيين يرون أن "الالتزام بأوقات الدوام في الإدارات والمؤسسات لا يعني الرفع من إنتاجية الموظفين بشكل آلي"، لافتين إلى أن من بينهم من يواظب على الحضور لكنه يتقاعس عن أداء المهام المنوطة به.

وأشارت دراسات سابقة إلى أن "الاستقالات المتتالية للحكومات خلال السنوات الماضية رسخ قناعة لدى بعض الكويتيين بفكرة القيادة المؤقتة في إدارة القطاع العام"، ما أدى أيضا إلى تأخير تنفيذ برامج إصلاحية طويلة المدى.

كما عانت تونس في العشرية الماضية من هذه الظاهرة التي تعرف إيضا بالتوظيف الوهمي إذ يتقاضي الآلاف ممّن انتدبوا ضمن عديد الآليات من بينها آلية الحضائر رواتب دون مزاولة أي عمل.

وتبرز شركة فوسفات قفصة من ضمن أكثر المؤسسات العمومية المتضررة من هذه الظاهرة، إذ تصرف المنشأة نحو 180 مليون دولار على كتلة أجور موظفيها سنويا، من بينها حوالي 70 مليون دولار مخصصة لعمال البيئة الذين لا يقومون بأي عمل وكان مسؤولون في قطاع الطاقة قد أقروا في تصريحات سابقة بأن هؤلاء العمال لا شغل لهم.

 

التوظيف الوهمي أثقل كاهل شركة فوسفات قفصة
التوظيف الوهمي أثقل كاهل شركة فوسفات قفصة

وفي العام 2019 أوقت الحكومة الليبية صرف رواتب أكثر من 150 ألف معلم وموظف كانوا يتقاضون أجورا دون تقديم ما يثبت عملهم كما فتحت تحقيقا بحق 800 موظف إدراي بوزارة التعليم بسبب تغيبهم المستمر غير المبرر.

وتعاني ليبيا من قطاع عام ضخم يدفع رواتب لموظفين وهميين أضيفت أسماؤهم للكشوف خلال الفوضى التي انتشرت بعد ثورة 2011.

وتفجرت في مصر قضية فساد في العام 2017 بعد الكشف عن إدراج عدد من أسماء موظفين بنكيين وهميين في كشوف المرتبات منذ عام 2010.

وكشفت لجان تدقيق في العراق في العام 2018 عن وجود 75 ألف اسم وهمي في سجلات موظفي وزارة الداخلية، بينما أشار تقرير إلى أن أكثر من 7 آلاف موظف وهمي تذهب أجورهم إلى مسؤولي الدوائر الخدمية في العاصمة بغداد.