النبوغ الفني عند بيكاسو في سلسلة معارض غير مسبوقة

أحداث ثقافية في باريس ومدريد تضيء محطات غير معروفة في تاريخ الرسام والنحات الإسباني الغزير الإنتاج.
بيكاسو أنجز أعمالا بروح ملتصقة مع اللحظة غير مهتم بخلودها طويلا بعد رحيله
عبقرية الفنان الإسباني تتجلى في قدرته على وضع لمسات أخيرة بالريشة على لوحة

باريس - يتيح متحف بيكاسو في باريس اكتشاف عبقرية هذا الفنان المشارك في تأسيس الفن المعاصر الذي رحل قبل 45 عاما، فيما يستعد معلم آخر في العاصمة الفرنسية هو متحف أورسيه للإضاءة على محطات غير معروفة في تاريخه.
ومن بين المعارض المتعددة المخصصة للفنان الإسباني حاليا، تحتفي إحدى الفعاليات في مدينة فالوريس في جنوب شرق فرنسا ببيكاسو صانع الفخاريات الموهوب.
وتقول أمينة متحف بيكاسو الوطني في باريس إميلي بوفار "يعكس بيكاسو فكرة جديدة عن النبوغ لا تتمحور على الموهبة المذهلة في حركاته بل تظهر أيضا قدرته ببضع لمسات بالريشة على إنجاز عمل" فني.
ويجمع معرض استعادي غير مسبوق يستمر حتى 13 يناير/كانون الثاني أعمالا ذات رمزية كبيرة لم تعرض يوما في باريس بينها "الرقص" (1925). وهو يركز على نشوء التحفة الفنية في مسيرة بيكاسو الغزير الإنتاج.
وتوضح إميلي بوفار لوكالة فرانس برس "أمضى بيكاسو حياته في نسف المفهوم الأكاديمي للتحف الفنية. في عمله الإبداعي، كان مهتما بالخروج من التراتبية الاعتيادية للرسم والنحت من خلال العمل على كل الوسائط".

النبوغ الفني عند  بيكاسو في سلسلة معارض غير مسبوقة
قيمة لا تستند إلى الواقع في "آنسات أفينيون"

وتضيف بوفار وهي إحدى مفوضي معرض "تحف بيكاسو"، "منذ آنسات أفينيون في 1907 خرج من التمثيل الكلاسيكي. العمل لم يعد يستند إلى الواقع وباتت له قيمة قائمة بذاتها".
ويتيح المعرض رحلة متكاملة للغوص في نتاج هذا المعلم الفني بالاعتماد على مئات الرسمات واللوحات والمنحوتات.
وأكثرية هذه الأعمال مأخوذة من مجموعة متحف بيكاسو في باريس أو تمت استعارتها من أكبر المتاحف العالمية بينها "تايت" في لندن ومركز بومبيدو في باريس ومتاحف برشلونة وبازل وملقة إضافة إلى مؤسسة بيغي غوغنهايم.
بيكاسو المتوسطي
ومع التقدم في أروقة المعرض، يكتشف الزائر كيف أن أعمالا أساسية، باتت تعتبر من التحف الفنية، من خلال تاريخها وتطور نظرة النقاد إليها.
وبقيت لوحة آنسات أفينيون المنجزة في 1907 لفترة طويلة مهملة داخل محترف بيكاسو قبل معرض أول قرر تنظيمه بعد عشر سنوات بدفع من أندريه بروتون الذي اعتبرها تحفة فنية.
وقد قرر متحف الفن المعاصر في نيويورك شراءها في 1939.

النبوغ الفني عند  بيكاسو في سلسلة معارض غير مسبوقة
الرمزية العميقة تتجلى في "الرقص"

وتستذكر إميلي بوفار "لم يكن الامر يقتصر على بعض الأعمال المنفردة، كان بيكاسو يقصد أن تكون أعماله بمجملها تحفة . لكنه كان يعمل أن غرنيكا ستطبع الفن المعاصر والسياسة".
وفي لقاء تلفزيوني العام 1966، سئل بيكاسو عن اللوحة التي ستعمّر طويلا بعد رحيله. وقال "لا أعلم. لقد أنجزت أعمالي مع روحية ملتصقة بشدة باللحظة الآنية وبالحالة التي أعيش أنا والجميع فيها".
وفي إطار إحياء الذكرى السنوية الخامسة والأربعين لوفاة بيكاسو، يقدم متحف أورسيه في باريس بين 18 سبتمبر/ايلول و6 يناير/كانون الثاني معرضا كبيرا مخصصا للمرحلة الممتدة بين العامين 1900 و1906، وهي محطة رئيسية في مسيرة الفنان لم يسبق أن توقف عندها متحف فرنسي.
وحتى نهاية 2019، يجمع معرض "بيكاسو المتوسطي" أماكن ألهمت الفنان الإسباني. ويشارك فيه حوالى ستين متحفا ومؤسسة من عشرة بلدان تقريبا، بينها فرنسا وإسبانيا واليونان وإيطاليا والمغرب وتركيا.
وقد اختارت فالوريس المدينة التي عاش فيها بيكاسو بين 1947 و1955، تقديم معرض استعادي غير مسبوق يستمر حتى 22 اكتوبر/تشرين الاول حول الأعمال الفخارية التي قدمها بيكاسو، وهو حيّز غير معروف على نطاق واسع من مسيرة الفنان.