رحلة تصادمية كوميدية بين أب وابنه في 'المسخوط'

المخرج المغربي عبدالاله زيراط يطرح فيلمه في القاعات السينمائية المغربية بدءا من 27 حزيران.

يُقدَّم فيلم "المسخوط" كعمل درامي كوميدي جديد يُعرض حاليا في قاعات السينما المغربية ابتداءً من 27 حزيران/يونيو 2025، إذ يطرح تجربة إنسانية حادة تدور حول علاقة ممزقة بين أب وابنه، من خلال رحلة طريق مليئة بالمفارقات، التوترات، والمواقف المفاجئة.

 تنطلق القصة من طلب بسيط في ظاهره أب يطلب من ابنه مرافقته إلى قرية بعيدة ليموت هناك بسلام، فيقبل الابن على مضض، لتتحول الرحلة إلى مسار تصادمي يفضح الخلافات المتراكمة، ويجرّ الطرفين إلى لحظات من الغضب والتمرّد والانفجار العاطفي، قبل أن تنتهي الرحلة بنهاية غير متوقعة تقلب المعادلة.

وتُبنى الحبكة على مواجهة بين شخصيتين نقيضتين، هما أب غامض وبارد يحمل أسرارًا، وابن سريع الغضب وحادّ الطباع، يفتقد إلى الصبر والرحمة، إذ يتشبّث الأب برغبته في الموت حيث يريد، بينما يكتفي الابن بالتمنّي أن تنتهي هذه القصة بأسرع وقت ممكن.

وتؤدي الشخصيات الثانوية دورًا سرديًا دقيقًا، إذ تتقاطع مع الرحلة بطريقة تُساعد على دفع الأحداث نحو لحظة وعي مؤجلة، يظهر صديق قديم للعائلة يوجّه الابن في بعض القرارات، بينما تساهم لقاءات عشوائية على الطريق في الكشف عن الجانب الإنساني من الصراع الداخلي.

 تعتمد المعالجة على المزج بين الجدّ والسخرية، كونه يستخدم الأسلوب الكوميدي للتخفيف من حدة الموضوع، عبر حوارات هزلية ومواقف مفارقة، دون فقدان الحس الدرامي، تسخر الكوميديا من الجوانب السوداوية، وتكشف هشاشة الشخصيات بطريقة إنسانية وقريبة من الجمهور.

وينبع الفيلم من اشتغال طويل على تيمة الأب، باعتبارها محورًا معقدًا ومتكررًا في العلاقات الأسرية، يطرح تساؤلات تصالحية ويتعمق في الفرضية الأصعب، ماذا لو كان الأب يحتضر، والابن لا يحمل له إلا الغضب والقطيعة؟ ومن هناك يبدأ المسار الدرامي في التشكّل.

وتظهر الرمزية في عناصر الفيلم من خلال، الأب والابن والطريق والصمت وحتى المناظر الطبيعية، كما تُترك للمشاهد ليقرأها بطريقته، في عمل يُشبه اللوحة المفتوحة على قراءات متعددة.

وتُصوَّر مشاهد الفيلم في منطقة بنسليمان، مستثمرةً تنوع الطبيعة المغربية لتبرز الحالة النفسية للشخصيات، إذ تبدأ الرحلة في فضاءات جافة وموحشة ترمز للفراغ العاطفي، ثم تتطور نحو جبال وعرة تجسّد التوتر، وتنتهي في مشاهد خضراء تُوحي بلحظة تصالح مؤجلة.

 تُواجه مراحل التصوير صعوبات مرتبطة بالوقت والموارد، إذ تم تنفيذ العمل في ظرف أسبوعين فقط، وهو تحدٍّ كبير لفيلم طريق يتطلب تنقلًا مستمرًا وتنوعًا في المشاهد الخارجية، يتحقق الإنجاز بفضل تنظيم محكم  سيناريو دقيق وتفانٍ من الفريق الفني والممثلين.

ويساهم الأداء الاحترافي لكل من محمد خوي ورفيق بوبكر في إنجاح المهمة، خاصة في مشاهد تتطلب تركيزًا عاليًا وانفعالات مكثفة تحت ضغط الزمن، كما يُدار التصوير في ظروف صعبة، لكن بروح جماعية تجعل المستحيل قابلًا للتحقيق.

ويراهن "المسخوط" على تقديم تجربة سينمائية عائلية تمزج بين الترفيه والبعد الإنساني، دون الوقوع في التبسيط أو التعقيد، فهو فيلم يُضحك في لحظات، ويثير التفكير في أخرى، ويعيد طرح سؤال العلاقات العائلية المعقّدة بلغة سينمائية سلسة وقريبة من الجمهور.