'الكشف' تنبش في تناقضات الهوية الأميركية بين أوباما وترامب
في روايتها "الكشف" (The Unfolding)، تقدم إيه إم هومز رواية مضحكة بقدر ما هي مؤثرة حول خيبة الأمل السياسية والشخصية في أميركا. تدور أحداث الرواية في سياق حاسم، بين هزيمة جون ماكين في الانتخابات الرئاسية عام 2008 وتنصيب باراك أوباما، وتتبع رجل يلقب بالزعيم، وهو جمهوري تقليدي وطني وصاحب نفوذ، من خلال أزمة هوية تدفعه إلى التشكيك ليس فقط في العالم من حوله، بل أيضا في دوره فيه. من خلال الإشارة إليه بهذا اللقب، تمنحه إيه إم هومز بعدا رمزيا يتجاوز الفرد ليجعل منه نموذجا أصليا: رجل السلطة، المتميز، الأبيض والمؤثر، الذي يمثل أمريكا تقليدية ومحافظة. يتناول الكاتب موضوعات السلطة والأسرة والتوترات والتناقضات في أميركا المعاصرة والهوية الجماعية.
يجسد الزعيم، الذي يعد متبرعا وعضوا مهما في إحدى جماعات الضغط، صورة معينة لأميركا، التي زعزع استقرارها ظهور نوع جديد من القادة. وعلى الرغم من اقتناعه بقيمه وأهميته في النظام السياسي، فإنه يجد نفسه تدريجيا في مواجهة الوعي الوحشي بتدهوره الأخلاقي والسياسي. تمر هذه الشخصية بخيبة أمل حقيقية عندما تدرك أن معتقداتها وأفعالها السابقة لم تعد تتماشى مع المجتمع المعاصر. بالنسبة للزعيم، يمثل باراك أوباما أكثر من مجرد خصم سياسي: فهو يجسد تحولا لا مفر منه يزعزع استقرار أسس حلمه الأميركي.
لا تصور إيه إم هومز الزعيم كرجل سيء، فهي تضفي إنسانية على تناقضاته. وبعيدا عن السخرية من معتقداته، تظهر بمهارة كيف يصبح هذا الرجل، بمجرد وصوله إلى قمة عالمه، ضحية للعصر الذي شكله. وتصبح السلطة بعد ذلك سعيا يائسا ووهميا، كما لو كان يحاول استعادة السيطرة على حياته، في بلد أصبح الآن خارج نطاق سيطرته.
بالإضافة إلى القضايا السياسية، تتعمق هذه الرواية في الحياة الشخصية للزعيم. تكشف عن عائلة مختلة ولكنها مؤثرة. زوجته السجينة في دور لم تختره، وابنته ميغان، التي بدأت في اكتشاف تناقضات والدها، تمثلان أجزاء منه أهملها لفترة طويلة. في هذه التفاعلات العائلية تستكشف المؤلفة موضوع اكتشاف الذات من خلال منظور الآخرين: يفهم الزعيم تدريجيا أن زوجته وابنته ليستا مجرد إضافات بسيطة في حياته، ولكنهما شخصيتان لديهما صراعاتهما وتطلعاتهما الخاصة. ميغان، على وجه الخصوص، تصبح مرآة للزعيم. وبينما تشكل رؤيتها الخاصة للعالم، فإنها تجبر والدها على التشكيك في يقينياته. من خلال مناقشاتهما، يحاول الزعيم بطريقة خرقاء الحفاظ على علاقته بهما، بينما يدرك لأول مرة عيوب أفكاره وتصوراته.
أميركا التي تتشكل تحت قلم إيه إم هومز هي دولة ممزقة بين ثقل تاريخها والحاجة إلى التطور. يجد الزعيم ورفاق دربه، البيض، الذين اعتادوا على وضعهم المهيمن، أنفسهم فجأة في مواجهة مجتمع ينسل من بين أيديهم. ومن خلال محاولتهم "إصلاح" البلاد من خلال خطة لإعادة الغزو السياسي، يكشفون عن مخاوفهم ونقاط ضعفهم. إن عدم قدرتهم على فهم الديناميكيات الحديثة والتنوع السكاني يدفعهم إلى تطوير استراتيجيات السيطرة، مثل التلاعب بوسائل الإعلام والتضليل.
ومع ذلك، فإن الكاتبة لا تقدمهم على أنهم خصوم. توضح أنه على الرغم من مواقفهم الخاطئة، إلا أنهم يؤمنون بإخلاص بشرعية قيمهم. إنهم أشخاص مليئون بالتناقضات، وأحيانا أشخاص محببون على الرغم من أخطائهم، مما يجعل سقوطهم أكثر مأساوية.
تمكنت إيه إم هومز من جعلي أشعر بالفروق الدقيقة في هذه التحولات، دون الغرق في العاطفة. أسلوبها المباشر الممزوج بالفكاهة السوداء ولحظات التأمل، وقوة حواراتها تمنح الرواية أصالة جميلة.
تستكشف إيه إم هومز في روايتها الاضطرابات السياسية والقلق بشأن الهوية الذي يواجهه بعض الأميركيين مع صعود باراك أوباما، خلفا للرئاسة الجمهورية. وتكتسب هذه الديناميكية المتأرجحة شكلا جديدا إذا ما قارناها بانتخابات عام 2024، حيث اختار الناخب الأميركي دونالد ترامب وأدار ظهره للمرشحة الديمقراطية. إن هذا الانقلاب يقلب سياق الرواية بينما يتساءل عن جوانب الاستمرارية والتأثير ومقاومة التغيير. وبنفس الطريقة التي يخشى بها الزعيم التقدمية التي سادت عهد أوباما، يخشى العديد من الناخبين اليوم من التحدي الذي قد يواجه تقدمهم تحت تأثير الحكومة الجديدة. تعكس عودة التيار المحافظ بعد فوز ترامب في انتخابات 2024، الرغبة في الاستمرارية التي يتقاسمها كلا المعسكرين، والصعوبة التي تواجهها أميركا في قبول الطبيعة الدورية لسياستها. فمن خلال النضال من أجل التراث الإيديولوجي، يحاول كلا المعسكرين تجميد لحظة تاريخية، وكأن التفويض الرئاسي قادر على تحديد الهوية الدائمة للبلاد.
في عام 2024، رأينا بوضوح كيف أصبحت تقنيات التلاعب بالمعلومات، وتقسيم الجماهير، ونشر الروايات الاستقطابية، أكثر تعقيدا. يسعى كلا الحزبين إلى تشكيل الرأي العام من خلال قنواتهما الإعلامية الخاصة، مما يعزز الانقسام الأيديولوجي. يبدو أن انتخابات عام 2024، التي اتسمت بالاستقطاب المتفاقم وانعدام الثقة على نطاق واسع في وسائل الإعلام التقليدية، توضح تقريبا الاستراتيجيات التي تخيلها الزعيم في الرواية.
تمثل انتخابات عام 2008 في الرواية صدمة لأولئك الذين يعتبرون أنفسهم حراس أمريكا التقليدية، بينما في عام 2024، وجدنا الجانب الآخر يشعر بهذا الخوف. بالنسبة للديمقراطيين، تمثل عودة الجمهوريين خطر رؤية التنوع الثقافي والتقدم الاجتماعي الأخير موضع تساؤل. ويظل السؤال الأساسي دون تغيير: ما هي أميركا التي يسعى الأميركيون إلى بنائها؟ إن خوف الزعيم من ضياع الحلم الأميركي القائم على الهيمنة الثقافية والسياسية للنخبة البيضاء تتردد اليوم بين أولئك الذين يخشون خسارة المثل التي سادت في السنوات الأخيرة.
إن أميركا التي وصفتها إيه إم هومز في "الكشف" تتأرجح بين التقليد والحداثة، بين المحافظة والتجديد: وهي دورة تكرر نفسها اليوم. تذكرنا رواية إيه إم هومز بأنه، بغض النظر عن الحزب الذي يتولى السلطة، فإن كل تحول سياسي يسلط الضوء على عجز أميركا عن قبول التعددية الخاصة بها. ويسلط الضوء على أن كل مجتمع، مثل كل فرد، يجب عليه أحيانا أن يتخلى عن أوهامه حتى يتطور. كان يمكن أن تكون انتخابات عام 2024، مثل انتخابات عام 2008 في الرواية، بمثابة لحظة "استيقاظ" للولايات المتحدة، مما يدفع الجميع إلى إعادة التفكير ليس فقط في سياسات القوة، ولكن أيضا في الهوية الجماعية للبلاد. ولكن هذا لم يحدث للأسف الشديد. تظهر هذه الرواية أهمية تقييم معتقدات الفرد، وهي امتحان حاسم فشلت فيه أميركا التي أحسبها كانت تبحث عن المعنى والاتجاه خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة.