النفط وإيران يتصدران مباحثات ولي العهد السعودي وماكرون

وصول الأمير محمد بن سلمان إلى باريس في غياب مانويل ماكرون يحمل رسالة بأنه أصبح يتنقل في الدول الغربية بكل حرية وكما يشاء.

باريس - يستضيف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في إطار الجهود الغربية المتزايدة للتودد لأكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم، وسط الحرب في أوكرانيا والمحادثات المتعثرة لإحياء الاتفاق النووي مع إيران.

ويلتقي ولي العهد السعودي الأمير الخميس الرئيس الفرنسي على "عشاء عمل" في الإليزيه، خلال أول زيارة له لأوروبا منذ اغتيال الصحافي جمال خاشقجي.

وتأتي زيارة الأمير محمد إلى باريس بعد أسبوعين من محادثات أجراها في السعودية مع الرئيس الأميركي جو بايدن.

ويحرص الغرب على فتح صفحة جديدة في العلاقات مع عملاق النفط الخليجي في إطار سعيه لمواجهة النفوذ الإقليمي المتزايد لإيران وروسيا والصين.

وتتطلع فرنسا ودول أوروبية أخرى إلى تنويع مصادر الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي أسفر عن خفض موسكو إمدادات الغاز إلى أوروبا. ويريد ماكرون من الرياض، أكبر مصدر للنفط في العالم، زيادة الإنتاج.

كما أنه يعتبر المملكة لاعبا رئيسيا في المساعدة في صياغة اتفاق سلام إقليمي مع إيران، وأيضا حليفا في قتال المتشددين الإسلاميين من الشرق الأوسط إلى غرب أفريقيا.

وفرنسا أحد موردي الأسلحة الرئيسيين للرياض لكنها واجهت ضغوطا متزايدة لمراجعة مبيعاتها بسبب الأزمة الإنسانية في اليمن التي تعد الأسوأ في العالم. ويقاتل تحالف تقوده السعودية في اليمن الحوثيين المتحالفين مع إيران.

ورفض ماكرون، الذي أصبح في ديسمبر الماضي أول زعيم غربي يزور السعودية منذ مقتل خاشقجي، الانتقادات لجهوده في التواصل مع الأمير محمد قائلا إن المملكة مهمة جدا ولا يمكن تجاهلها.

وأثار مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول ضجة دولية. وزعمت الاستخبارات الأميركية أن الأمير محمد وافق بشكل مباشر على قتل كاتب الرأي في صحيفة واشنطن بوست. ونفى ولي العهد أي دور له في الأمر.

وقال كانتان دي بيمودان الخبير في شؤون المملكة في معهد أبحاث الدراسات الأوروبية والأميركية، لوكالة الأنباء الفرنسية إن "ماكرون قام بالجزء الأكبر من أعمال رد الاعتبار بزيارته شخصيا الأمير محمد بن سلمان" في الرياض في ديسمبر الماضي.

وتابع كانتان "لكن هنا وصلنا إلى مستوى آخر. يصل ولي العهد إلى فرنسا وماكرون غير موجود. لم يعد محمد بن سلمان مضطرا للتحرك بحذر كما كان الوضع قبل سنة أو سنتين، بل يتنقل كما يشاء".

وأضاف أن "ماكرون بدأ رد الاعتبار وبايدن استكمله وبينهما (بوريس) جونسون"، الذي زار الرياض أيضا في مارس الماضي.

ووصل ولي العهد السعودي مساء الأربعاء إلى مطار أورلي في باريس، حيث كان في استقباله وزير الاقتصاد والمال الفرنسي برونو لومير، كما ذكر مصدر حكومي، والذي بدأ جولته الأوروبية المصغرة من اليونان.

وفي نفس الإطار، ذكرت الرئاسة الفرنسية في بيان أن ماكرون الموجود في أفريقيا، سيعود بعد ظهر الخميس وسيستقبل الأمير محمد بعد ساعات على عشاء عمل مقرر مساء الخميس في الإليزيه.

وتسبب غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير بارتفاع جنوني في أسعار الطاقة.

وسعت الدول الغربية منذ ذلك الحين إلى محاولة إقناع السعودية المصدر الرئيسي للخام، بزيادة الإنتاج وبالتالي تخفيف الضغط عن الأسواق والحد من التضخم.

لكن الرياض تقاوم ضغوط حلفائها، عازية ذلك إلى التزاماتها حيال منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها في "أوبك+"، تحالف الدول النفطية الذي تشارك في قيادته مع موسكو.

وفي مايو، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود إن المملكة فعلت ما في وسعها لسوق النفط.

وقالت كاميل لونز الباحثة المشاركة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن "الحرب في أوكرانيا أعادت البلدان المنتجة للطاقة إلى الواجهة وهذه الدول تستفيد من ذلك". وأضافت أن ذلك "يؤمن لها رافعة سياسية ستستخدمها لإعادة تأكيد أهميتها على المسرح الدولي".

أما بالنسبة إلى الدول الغربية، فهي تتنافس في "البراغماتية"، وفقا لها.

وتابعت أنه في مواجهة "انفجار أسعار الطاقة (...) من الواضح أن حقوق الإنسان في السعودية لم تعد فعلا الأولوية على جدول الأعمال".