النمو السكاني وإصلاح منظومة الدعم قضية أمن قومي في مصر

الرئيس المصري يحذر من الكثافة السكانية الضخمة التي تضغط على موارد الدولة وتهدد أمنها القومي لافتا إلى أن تحديد النسل كما مراجعة منظومة الدعم صارا أمرا لا بد منه لضمان استقرار الدولة المصرية.
السيسي: ظروف الدولة تتطلب تقديم كل شيء
الكثافة السكانية الضخمة تضغط بشدة على موارد الدولة

القاهرة – جدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي السبت تأكيده على أهمية قرار تعديل منوظمة دعم رغيف الخبز، وربطها بقضية أخرى لا تقل أهمية بالنسبة للأمن القومي المصري وهي أزمة الانفجار الديمغرافي، لافتا إلى أن الوضع الذي كانت تمر به الدولة المصرية غير قابل للاستمرار.

وحذر السيسي، خلال افتتاح أحد المشروعات السكنية في مدينة بدر في شرق القاهرة، من تداعيات النمو السكاني المتزايد والذي يلتهم الدولة. وقال: “النمو السكاني كاد أن يؤدي إلى تدمير الدولة في عام 2011 (..) أزمة النمو السكاني عندما تفوق طاقة البلاد يترتب عليها العديد من الممارسات السلبية”.

و هذه ليست المرة الأولى التي يحذر فيها الرئيسي المصري من خطورة النمو السكاني. وقد قال في مناسبات سابقة إن أكبر خطرين على مصر هما الإرهاب والزيادة السكانية.

ومصر أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، إذ يتجاوز عدد سكانها 105 ملايين نسمة، بحسب تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (رسمي(. ويلفت المركز إلى أنه مع استمرار وتيرة الإنجاب كما هو الحال اليوم (3.5 طفل لكل سيدة)، قد يصل عدد سكان مصر إلى 150 مليون نسمة، بعد 13 سنة أخرى (2043).

وساهم الانفجار الديموغرافي في مصر بالتزامن مع تراجع رقعة الأراضي الزراعية إلى تراجع قدرة الدولة المصرية على تأمين الاكتفاء من المواد الأساسية كالقمح والأرز والفول. ويؤثر النمو الديمغرافي على منظومة الدعم التي تسعى الدولة إلى مراجعتها وترشيدها من جهة تلبية شروط صندوق النقد الدولي ومن جهة ضرورة هذه المراجعة نظرا لأن هذه المنظومة صارت تستنزف جزءا أساسيا من الدخل القومي.

وقال السيسي "لن يتم إلغاء الدعم، وإنما سنعمل على إعادة تنظيم المنظومة التي تكبد الدولة موازنة بالمليارات سنويا يتعرض جزء منها للإهدار (..) الدعم يكلف الدولة 275 مليار جنيه سنويا (نحو 17 مليارا و520 مليون دولار)".

وأوضح أن “منظومة رغيف الخبز لا بد من تعديلها (..) الرغيف عندما كان يباع بقرشين كانت تكلفته 18 قرشاً (1.1 سنتا أميركيا)، هو الآن يباع بخمسة قروش، بينما تكلفته 65 قرشا (نحو 5 سنتات)”.

وتأتي هذه التصريحات عقب أخرى أدلى بها السيسي في 3 أغسطس الجاري أكد فيها أن الوقت قد حان لزيادة سعر رغيف الخبز المدعم وإعادة تسعيره مرة أخرى.

وفي 5 أغسطس، اقترح مجتمعون في الاتحاد العام للغرف التجارية بمصر “شبه حكومي”، تسعير رغيف الخبز المدعم بـ 20 قرشا (1.2 سنتا) بدلا من 5 قروش (0.3 سنت)، بنسبة ارتفاع 300 بالمئة.

ولاقى المقترح آنذاك جملة من الانتقادات والاعتراضات في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، لا سيما وأن معدلات الفقر سجلت نحو 30 بالمئة من إجمالي تعداد السكان، وفق إحصاء رسمي.

ولن يكون من السهل على الدولة المصرية تغيير عقلية الناس بخصوص الإنجاب، مثلما هو الحال مع إقناعهم بضرورة الزيادة في رغيف العيش، وإن كانت زيادة طفيفة.

وأطلقت مصر حملات توعوية على غرار حملة كفاية2، للتشجيع على إنجاب طفلين فقط، ضمن خطة التنمية 2030، التي تهدف إلى خفض عدد المواليد بمعدل 500 ألف طفل في العام.

وتبدو الحكومة المصرية مصممة على تنفيذ هذه السياسيات من أجل تثبيت عملية الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد التي اتفقت بشأنها مصر مع صندوق النقد الدولي، وهي إصلاحات مؤلمة لكنها ضرورية للنهوض بالاقتصاد وتنويع مصادر دخله.