النهضة التونسية تسعى للهيمنة على البرلمان وعينها على الرئاسة

الحركة تريد العودة الى سياسة التغول مستفيدة من انقسام الطبقة السياسية وغياب قائد السبسي الشخصية القادرة على التجميع في وقت تتخوف فيه من صعود الأحزاب غير التقليدية.
إصرار الغنوشي على الحديث عن سياسة التوافق محاولة للبحث عن توافقات قبل الانتخابات
الاحزاب المدنية ترفض الدخول في توافقات مع النهضة بسبب الارث السلبي للتوافق بين الحركة والنداء
النهضة تشعر بقلق كبير مع تراجع شعبيتها وفق استطلاعات الراي

تونس - قبل ساعات من انتهاء موعد تقديم الترشيحات للانتخابات في تونس، أودع راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الاسلامية ملف ترشحه للانتخابات البرلمانية المقررة وذلك بعد ان صادقت "النهضة" قبل ايام على ترشيحه على رأس قائمة "تونس 1" (العاصمة).

وكانت هيئة الانتخابات التونسية قررت تقديم موعد الانتخابات الرئاسية إلى 15 سبتمبر/أيلول القادم بدلا من 17 نوفمبر/تشرين الثاني إثر وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي.

وأثبتت أجهزة الدولة والهيئات المعنية قدرتها على على إنجاح المواعيد الانتخابية المرتقبة رغم ما خلفه موت الرئيس من صدمة وارتباك خاصة مع اقتراب المواعيد الانتخابية الحاسمة في تونس.

استغلال ارث الرئيس الراحل

وفي تصريحات صحفية عقب إيداع ملفه بمقر الهيئة الفرعية للانتخابات بالعاصمة، قال الغنوشي إن "هذا الترشح غير منفصل عن الرئيس (الراحل) الباجي قائد السبسي، بل هو تطبيق عملي لآخر قرار اتخذه بدعوة الناخبين؛ فنحن على طريق الباجي نسير، وفي هذا الطريق تونس حققت مكاسب كثيرة من خلال سياسة التوافق التي سنها الرئيس الراحل صحبتي واتحاد الشغل (اكبر منظمة نقابية) وآخرون ممن رسموا تاريخ التحول الديمقراطي السلمي".

ويظهر من خلال تصريحات الغنوشي محاولاته استغلال ارث الباجي قائد السبسي في حملة انتخابية مبكرة خاصة وان الرئيس السابق تمكن من كسب شعبية كبيرة في مختلف الأوساط التونسية بعد أن أنقذ البلاد من صراع داخلي محقق في 2014.

الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي
السبسي الشخصية الوحيدة القادرة على تجميع التيارات المدنية

وإصرار الغنوشي على الحديث عن سياسة التوافق التي حكمت البلاد لسنوات يراها مراقبون انها رسالة مبطنة من النهضة بانها مستعدة للدخول في توافقات قبل الانتخابات لكن تنكر الحركة للتوافق مع نداء تونس ومع رئيسه المؤسس ودعم رئيس الحكومة يوسف الشاهد في الفترة الأخيرة سيجعل من الأحزاب السياسية تفكر مليا قبل الدخول في مثل تلك التجارب التي انتهت بنتائج سلبية.
وفي محاولة من الغنوشي لاستمالة ودغدغة مشاعر الجموع التي خرجت لتوديع الرئيس السابق قال الغنوشي ان السبسي "عاش مناضلا وأن ارثه السياسي هو الدّيمقراطية ومنع الإقصاء والتمسك بالوحدة الوطنية والتنمية".

وردا على هذه التصريحات ذكر أنصار الرئيس الراحل ومحبوه الغنوشي بتصريحاته قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2014 عندما وصف السبسي وقيادات حزبه بأنهم اخطر من" من السلفيين" وسعى الى اقصائهم مؤكدين بانه لا مجال للتحالف مرة أخرى مع الإسلام السياسي سواء قبل او بعد الانتخابات.

التركيز على البرلمان
وأوضح الغنوشي أنه "يهدف من خلال ترشحه للانتخابات التشريعية القادمة اعطاء رسالة مفادها إعادة الاعتبار للبرلمان وإيلائه أهميته الحقيقية".

الغنوشي يهدف من خلال ترشحه للانتخابات التشريعية القادمة اعطاء رسالة مفادها إعادة الاعتبار للبرلمان وإيلائه أهميته الحقيقية

ودعا الغنوشي زعماء الأحزاب والشخصيات السياسية للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة ليعود الاعتبار للعمل السياسي البرلماني.

ويظهر من إصرار الغنوشي على المشاركة في الانتخابات التشريعية سعي الحركة الحثيث على السيطرة على البرلمان وإعادة سياسة التغول وفرض القوانين بما يخدم مصالح الحركة.

و"النهضة" ممثلة في البرلمان الحالي بـ68 نائبا من أصل 217 وهي الكتلة الأكثر تمثيلا بعد الانقسامات في كتلة نداء تونس التي فازت بالانتخابات التشريعية السابقة.

لكن الحركة تشعر بقلق كبير بعد ان أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تراجع شعبية النهضة، وتأييد الرأي العام لمرشحين من خارج الأحزاب التقليدية خاصة الأحزاب التي تطالب بمحاسبة ارث الإسلام السياسي خلال السنوات الأخيرة.

عين على الرئاسة
وبين الغنوشي أن "حركة النهضة ستقوم خلال اليومين المقبلين بحسم موقفها بخصوص الانتخابات الرئاسية المقبلة؛ إما ترشيح شخصية من داخلها أو دعم مرشح من خارجها".

ولا يستبعد مراقبون ان ترشح النهضة احد قياداتها البارزين للمنصب رغم ان حضوض الإسلاميين بالفوز بالرئاسة ضعيفة لكن حديث الغنوشي عن سعي النهضة لايجاد العصفور النادر ودعمه في الاستحقاق الرئاسي تشير إلى أن الحركة ربما ستدعم طرفا من خارجها.

وكان رئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني من أكثر المؤيدين لتشريح الحركة شخصية من داخلها للانتخابات الرئاسية المقبلة.

انقسام الأحزاب التقدمية

وتستفيد حركة النهضة من انقسام الأحزاب التقدمية والوطنية خاصة ما يعيشه حزب نداء تونس الذي اسسه الرئيس قائد السبسي من ضعف بعد الانشقاقات التي عصفت به وعدم قدرة حزب تحيا تونس الذي أسسه رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد على التجميع وملئ الفراغ الذي تركه نداء تونس والذي سيتعمق بعد وفاة الرئيس المؤسس.

وستستفيد الحركة كذلك من الانقسام الذي يعيشه تحالف الجبهة الشعبية اليساري وهو من الأحزاب المعارضة القوية في المشهد السياسي وحقق نتائج محترمة في الانتخابات التشريعية السابقة.

قطب الاعلام نبيل القروي
النهضة متخوفة من شعبية نبيل القروي وحزبه قلب تونس

لكن النهضة متخوفة كثيرا من الأحزاب غير التقليدية الصاعدة على غرار حزب قلب تونس الذي يتزعمه قطب الإعلام نبيل القروي او الحزب الدستوري الحر لزعيمته عبير موسى حيث تعطي استطلاعات الرأي هذين الحزبين إضافة الى جمعية "عيش تونسي" مراتب متقدمة.

وكانت القيادية في حزب قلب تونس سمير الشواشي دعت الحزب الدستوري الحر وجمعية عيش تونسي الى تشكيل حكومة بدون النهضة بعد الانتخابات في حال الفوز بها وإنهاء حالة التوافق مع الإسلام السياسي.

وكانت النهضة ايدت التعديل على القانون الانتخابي والذي رفض توقيعه الرئيس الراحل بإقصاء شخصيات سياسية حققت شعبية وفق استطلاعات الراي من الترشح للرئاسية على غرار قطب الإعلام نبيل القروي.