النهضة تدعو للحوار الوطني لتلافي فشلها السياسي

الحركة الإسلامية الشريك الرئيسي في الائتلاف الحاكم بتونس تجد في مبادرات الحوار فرصة لتفادي عزلتها وإنقاذ شعبيتها المتآكلة واسترجاع نفوذها المتراجع بسبب فشلها في إدارة أزمات البلاد على مدى فترات متعاقبة من الحكم.
تدهور الأوضاع المعيشية في تونس ينذر باتساع رقعة الاحتجاجات

تونس - تسعى حركة النهضة التونسية الشريك الرئيسي في الائتلاف الحاكم وصاحب الأغلبية البرلمانية من خلال إصرارها على تنظيم حوار وطني للتنصل من مسؤوليتها تجاه تفاقم الأزمة الاقتصادية وتدهور الأوضاع المعيشية وتلافي فشلها في حل مشاكل البلاد وعزلتها وسط دعوات بالأوساط السياسية لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

وتجد الحركة الإسلامية في مبادرات الحوار فرصة لتفادي عزلتها وإنقاذ شعبيتها المتآكلة واسترجاع نفوذها المتراجع على وقع ما تعانيه من اضطرابات داخلية عميقة وانتقادات شعبية متواصلة لطريقة تسييرها لأزمات البلاد المتصاعدة طيلة فترات حكمها المتعاقبة منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

وفي هذا الإطار دعا رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي السبت، لحوار وطني شامل "يفضي إلى حلول عاجلة" للأزمة التي تمر بها البلاد، في خطوة مفاجئة غيرت على إثرها الحركة الإسلامية موقفها الداعم لحكومة رئيس الوزراء هشام المشيشي.

جاء ذلك في كلمة للغنوشي استهل بها الجلسة العامة للبرلمان المخصصة لمناقشة مشروع قانون المالية والموازنة العامة للدولة لسنة 2021.

وتأتي مبادرة الغنوشي في وقت يعيش فيه زعيم النهضة عزلة ظهرت ملامحها أكثر بعد انحياز أغلب الأحزاب والمنظمات إلى الرئيس التونسي قيس سعيد في خلافه مع رئيس البرلمان فضلا عن عزلته داخل الحركة بعد انتفاضة العشرات من القيادات ضد بقائه على رأس الحزب.

كما تأتي دعوته على خلفية ما تشهده البلاد من أجواء سياسية مشحونة بالاحتقان والتوتر الاجتماعي ومطالب بالتشغيل والتنمية وإيجاد فرص عمل في عدة محافظات‎.

وشهدت تونس مؤخرا اتساع زخم الاحتجاجات في عدد من المحافظات للمطالبة بالتنمية والتشغيل وسط محاولات من الحكومة لتطويقها بإجراءات تبدو محدودة في محاولة لاحتوائها.

وقال الغنوشي "أدعو كل القوى الشبابية والفاعلين الاجتماعيين إلى الحوار من أجل إيجاد حلول عاجلة لتحقيق هذه المطالب الحيوية", موضحا أن هذا الحوار وطني واقتصادي واجتماعي "يجمع الحكومة والبرلمان والمنظمات الاجتماعية والمهنية والأحزاب السياسية".

وأضاف أنه يمثل "ضرورة ملحّة وكفيل بوقف التدحرج ووضع البلاد على سكة الإصلاحات الكبرى"، مؤكدا أنه "يجب أن يكون عنوانه الأساسي الأولويات الاقتصادية والاجتماعية وسبيل تحقيقها ضمانا لأمن وطننا ونجاح مسارنا وتحسين ظروف عيشنا".

توسع الاحتجاجات ينذر بشتاء ساخن في تونس
توسع الاحتجاجات ينذر بشتاء ساخن في تونس

شدّد رئيس البرلمان على أن "مطالب التنمية المحلية والعدالة الاجتماعية وتحسين ظروف العيش، مشروعة لأبناء الشعب التونسي".

وتابع "هناك إجماع على أن هذه المطالب مشروعة إلا أن صيغ التعبير عنها لا يجب أن تمس من السلم الأهلي ووحدة الدولة واستقرار مؤسساتها"، لافتا إلى "حساسية الوضع الاقتصادي في البلاد وأن حجم التداين للعام 2021 قد يتجاوز 19 مليار دينار (7 مليار دولار)، إضافة للدين العمومي الذي وصل إلى 90 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي"، مؤكدا أن "هذه المؤشرات تدل على وجود اختلالات غير مسبوقة تشهدها تونس".

وفاقم تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الغليان الشعبي قد يتسبب في انفجار احتجاجات واسعة بسبب الظروف المعيشية القاسية وارتفاع نسب الفقر والبطالة أمام غلاء المعيشة.

واعتبر رئيس البرلمان أن "العقل التونسي يختزن قدرات لحل الأزمة، ولابد من تحرير هذا العقل المبدع بإرادة سياسية صلبة وحازمة".

وزاد "نحن مؤتمنون على حاضر البلاد ومستقبلها ولا يجب إضاعته بالمعارك الجانبية والمناكفات التي قد تعزز أرصدة البعض ولكن لا تبني وطنا ناميا للجميع".

وبرزت مؤخرا بالمشهد السياسي التونسي صراعات بين الكتل الإسلامية من جهة ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب التقدمية بقيادة الحزب الحر الدستوري تنديدا بمحاولات الإسلاميين السيطرة علة مقاليد الحكم في تونس.

وفي الآونة الأخيرة اتسعت في تونس رقعة الاحتجاجات والإضرابات في أكثر من قطاع لتلبية مطالب تنموية ولتحسين الأوضاع الاقتصادية خاصة بالجهات الداخلية.

وقبل أسبوعين توصلت حكومة المشيشي، لاتفاق مع محتجين أنهى أزمة "الكامور" وقضى بإعادة فتح مرافق النفط بمحافظة تطاوين (جنوب) وإعادة تشغيل منشآت النفط مقابل توفير مئات فرص العمل لأبناء المنطقة.

لكن ذلك أدى إلى احتقان اجتماعي بمناطق متفرقة في تونس تنادي هي الأخرى بمطالب مشروعة عبر تحركات احتجاجي، لعاطلين عن العمل وناشطين مدنيين، يطالبون بتوفير وظائف وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.