النهضة تعزف على وتر "تنمية الجهات" لكسب الناخبين

حركة النهضة الإسلامية لم تفي بجل وعودها التي قدمتها خلال الانتخابات السابقة رغم وجودها في الحكم لسنوات.

تونس - عرضت حركة النهضة في تونس اليوم الجمعة، برنامجها للانتخابات التشريعية قائلة إنه "يقوم على العدالة الاقتصادية والاجتماعية بين جهات البلاد".

وقال الحزب الإسلامي المشارك في الحكم منذ سنوات إن البرنامج الذي عرض أمام المئات من أنصاره، يرتكز على فك عزلة الجهات الداخلية للبلاد عبر زيادة مشاركة الشباب في عملية الانتاج.

وركزت النهضة في خطابها على أهم مشكل تعاني منه فئة كبيرة من التونسيين، حيث تشكل ظاهرة التفاوت بين الجهات أحد أهم المطالب التي قامت عليها ثورة 2011 وأطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.

وتتركز أهم المنشآت الاستثمارية والأقطاب الصناعية في العاصمة وبعض المحافظات الساحلية الشرقية، بينما تعتمد المحافظات الداخلية التي تسجل نسب بطالة مرتفعة لدى الشباب على قطاع الزراعة أساسا.

ولا يزال مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي في تونس يطالبون الغنوشي بتنفيذ وعد قطعه خلال حملة الانتخابات البلدية في 2018، بتوفير خدمة "واي فاي" مجانية للبلديات التي يفوز فيها حزب النهضة بالأغلبية.

ووعد الغنوشي أنصاره آنذاك بأن تكون الإنترنيت موجودة في جميع الفضاءات من بينها المدارس والجامعات والحدائق العامة، وهو وعد يتم تداوله اليوم بين التونسيين بسخرية مصنفين ذلك تحت خانة "الحلول الانتخابية الواهية".

ويرى التونسيون أن النهضة لم تستطع خلال فترة حكمها أن تحقق ما وعدت به من تنمية وتوفير مواطن شغل للعاطلين عن العمل، حيث تنقص جل كوادرها ووزرائها الخبرة السياسية وخاصة الإدارية اللازمة لتسيير البلاد.

وفور إعلان النهضة برنامجها انتقد نشطاء على فيسبوك الوعود الواردة فيه، وكتب تونسي يدعى كمال "برامج ماذا؟ قبل البرامج الجديدة قيموا وعودكم القديمة وماذا تحقق منها؟ أو أصبح الأمر: اكتب على الحوت وترمي في البحر".

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية وبعدها التشريعية، اقترح الحزب الإسلامي أفكارا تتعلق بدعم الشباب للاستثمار في الأراضي الفلاحية وتقديم تمويلات لمشاريعهم بشروط ميسرة كما تشجيع المهنيين على العمل في المناطق الداخلية.

إلى ذلك قدم الحزب مقترحا في برنامجه يتعلق بدعم الفئات الضعيفة من المجتمع بتجهيز 200 ألف مسكن بالطاقة الشمسية ومنحهم تخفيضات في فواتير الاستهلاك.

وقال رئيس الحركة راشد الغنوشي "سنحاول التقليل من التفاوت بين الجهات إن لم نلغه تماما"، مؤكدا أن "التحدي المشترك يتعلق بقضايا المعاش اليومي" للتونسي.

قضية اغتيال شكري بلعيد صندوق النهضة الأسود
قضية اغتيال شكري بلعيد صندوق النهضة الأسود

والنهضة شريك في الحكم في تونس منذ انتخابات 2014 وتدعم حكومة يوسف الشاهد التي عملت على القيام بإصلاحات اقتصادية ليبرالية، لكن أغلب التونسيين يعتبرون الحكومات التي تعاقبت على الحكم في السنوات الأخيرة لم تحقق طموحات من انتخبها.

ورغم التقدّم الكبير الذي حقّقته تونس في المسار الديمقراطي منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي في 2011، وكذلك الانتعاش الذي شهده أخيراً النمو الاقتصادي، إلا أن الحكومة ما زالت عاجزة عن تلبية الاحتياجات الاجتماعية للسكّان، ولا سيما بسبب تسارع التضخم الذي يبلغ 6.5 في المئة ونسبة البطالة في مستوى 15.3 في المئة.

ورشح حزب النهضة لأول مرة في تاريخه القيادي عبدالفتاح مورو لخوض الانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة في 15 أيلول/سبتمبر، بينما تقدم رئيس الحركة راشد الغنوشي للانتخابات التشريعية المنتظرة في السادس من شهر تشرين الأول/أكتوبر.

وستكون هذه الانتخابات مصيرية بالنسبة للحركة الإسلامية، فهي بمثابة اختبار لها بعد خسارة خزانها الانتخابي بعد فترة حكم اتسمت بالفشل، وهو ما اضطرها لانتهاج طريقة تواصل جديدة تركز على التنمية وخلق فرص الشغل للشباب لإقناع الناخبين بعد اهتزاز صورتها لدى الرأي العام التونسي.

وتستغل النهضة انشغال منافسيها في الانتخابات من أحزب ومستقلين في حرب كلامية وجدالات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، حيث يغفل أغلبهم عن تقديم برامج واضحة لفترة الحكم في حال فوزهم في الانتخابات.

وتمر النهضة التي تسعى لإقناع الرأي العام في تونس والعالم بقبولها كحزب مدني، بمرحلة صعبة ستحدد قدرتها على الاستمرار على الساحة السياسية كحزب إسلامي فرضت عليه اكراهات سياسة الإنحاء في وجه العاصفة، نتيجة المتغيرات الدولية والإقليمية المناهضة للإسلام السياسي.

ولم ينسى التونسيون فترة حكم النّهضة خلال حكومة الترويكا (بين 2012 و 2014)، حيث عاشت تونس فترة صعبة حاول خلالها الإسلاميون تغيير مفاصل الدولة وتغيير نمط عيش المجتمع عبر السّماح للجماعات السّلفية بالسّيطرة على الفضاء العمومي.

كما شهدت تلك الفترة من حكم النهضة عدة اغتيالات سياسية هزت تونس كان أبرزها اغتيال السياسي اليساري البارز شكري بلعيد في فيفري 2013.

واتهمت حركة النهضة بالمساعدة في استقطاب وانتداب الشباب للقتال في صفوف الجماعات الإرهابية المتشدّدة في مختلف بؤر التوتّر وخاصة في سوريا وهي قضايا لايزال القضاء التونسي ينظر فيها، إلى جانب قضية الجهاز السري للحركة المتهم الرئيسي في تنفيذ الاغتيالات في تونس.