الهجمات الحوثية على السفن تترك أثرا بالغا على الاقتصاد المصري

شركات الشحن تقوم بتحويل السفن بعيدا عن قناة السويس ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد والشراء بالنسبة للشركات المصرية.

القاهرة – تعاني مصر واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها بعدما سجل معدل التضخم السنوي مستوى قياسيا يبلغ حاليا 35.2 في المئة مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية، وأظهر مسح الثلاثاء استمرار تراجع نشاط القطاع الخاص في مصر في فبراير/ شباط إذ أدى انخفاض حركة الشحن في قناة السويس بسبب هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر.

وانخفض مؤشر ستاندرد اند بورز لمديري المشتريات العالمي في مصر إلى 47.1 نقطة في فبراير شباط من 48.1 نقطة في يناير/ كانون الثاني، ليظل دون عتبة 50 نقطة التي تفصل بين النمو والانكماش للشهر التاسع والثلاثين على التوالي.

وقالت ستاندرد اند بورز جلوبال إن القراءة الإجمالية للمؤشر هي الأدنى منذ 11 شهرا، مع انخفاض الطلبيات الجديدة بأسرع معدل لها منذ مارس/ آذار 2023 وتراجع المبيعات المحلية وسط ضغوط الأسعار التضخمية والتحديات فيما يتعلق بالعرض.

وقال ديفيد أوين، الخبير الاقتصادي في ستاندرد اند بورز “يبدو أن الاقتصاد غير النفطي في مصر عاني بشكل ملحوظ في فبراير/ شباط، إذ وجد نفسه عالقا وسط أزمة إقليمية أوسع نطاقا”.

وتباطأ معدل التضخم في مصر إلى 29.8 بالمئة على أساس سنوي في يناير كانون الثاني من 33.7 بالمئة في ديسمبر كانون الأول، وسجل أعلى مستوى تاريخي عند 38 بالمئة في سبتمبر أيلول، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

وفي أواخر فبراير/ شباط، أعلنت الحكومة المصرية عن اتفاق استثماري كبية مع شركة إيه.دي.كيو القابضة، أحد الصناديق السيادية في الإمارات، مما عزز سنداتها الدولية وخفف الضغط على العملة.

لكن في الوقت الذي دفعت فيه الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي اليمنية شركات الشحن إلى تحويل السفن بعيدا عن قناة السويس، أدى ارتفاع تكاليف الاستيراد إلى ارتفاع تكاليف الشراء بالنسبة للشركات المصرية. وقالت ستاندرد اند بورز جلوبال إن تعطل حركة الشحن ساهم في إطالة أوقات تسليم الموردين بشكل أكبر منذ يونيو/ حزيران 2022.

ومع انكماش الطلب، قلصت الشركات إنتاجها، إذ انخفض مؤشر الإنتاج الفرعي إلى 44.3 نقطة في فبراير/ شباط من 46.6 نقطة في الشهر السابق.

وقالت ستاندرد اند بورز جلوبال “كانت وتيرة الانكماش هي الأكثر حدة فيما يزيد قليلا عن عام، إذ أشارت تعليقات المشاركين في الاستطلاع إلى أن تعطل الشحن وضعف السياحة بسبب الحرب بين إسرائيل وغزة أثرا أيضا على النشاط”.
وفي الأوقات العادية، تبحر أكثر من ربع شحنات الحاويات العالمية – بما في ذلك الملابس والأجهزة وقطع غيار السيارات والمواد الكيميائية والمنتجات الزراعية مثل القهوة عبر قناة السويس.

وفي وقت سابق سلط الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الضوء على الضغوط المالية التي تواجهها البلاد، مشيرا إلى انخفاض إيرادات قناة السويس بنسبة 40-50 بالمئة هذا العام بسبب هجمات الحوثيين التي عطلت عمليات القناة.

وتعد قناة السويس، التي تعتبر من أهم الممرات المائية في العالم، أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا وأحد المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية لمصر.

وفي ظل التحديات التي تواجهها القناة نتيجة هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، تسعى مصر للنهوض بصناعة النقل البحري وقال رئيس هيئة قناة السويس المصرية، أسامة ربيع الاثنين، أن مشروع الازدواج الكامل للمجرى الملاحي للقناة مازال في مرحلة الدراسة التي تمتد لتشمل دراسات الجدوى والدراسات البيئية والدراسات الهندسية والمدنية وبحوث التربة والتكريك، وغيرها من الدراسات.

وأوضح أن الهيئة ستعكف على تنفيذ تلك الدراسات بالتعاون مع كبرى الشركات الاستشارية العالمية المتخصصة في هذا المجال لإنهائها خلال 16 شهرا تقريبا، وذلك تمهيدا لعرض المشروع على الحكومة على أن يتم توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروع مستقبلا من الميزانية الاستثمارية للهيئة المعتمدة من وزارة المالية دون تحميل أعباء إضافية على الموازنة العامة.

وأوضح رئيس الهيئة أن المشروع يستهدف تحقيق الازدواج الكامل للقناة في الاتجاهين بما يسمح برفع تصنيف القناة وزيادة تنافسيتها، فضلا عن زيادة القدرة العددية والاستيعابية للقناة لتصبح قادرة على استيعاب كافة فئات وأحجام سفن الأسطول العالمي.

وأكد أن قناة السويس تمضي قدما نحو استكمال استراتيجيتها الطموحة لتطوير المجرى الملاحي للقناة عبر تنفيذ مشروعات عدة تطوير للبنية التحتية "مع الاخذ في الاعتبار الجدوى الفنية والاقتصادية للمشروعات".

ولفت رئيس الهيئة إلى انتهاء المرحلة الأولى من مشروع تطوير القطاع الجنوبي بتوسعة القناة 40 مترا جهة الشرق من الكم 132 ترقيم قناة إلى الكم 162 كم، فيما يجري العمل للانتهاء من الجزء الثاني من تطوير القطاع.