الهندسة الجيولوجية في صلب المعايير المستقبلية للتصدي لتغير المناخ

تقنية فعالة ويسيرة التكلفة تقوم على إدارة الإشعاعات الشمسية للتصدي لارتفاع درجات الحرارة لكنها تصطدم بمخاطر محتملة على النماذج المناخية والأمن الغذائي.
تقنيات الهندسة الجيولوجية عبارة عن 'مبرّدات مناخية'
معايير جديدة تسمح للشركات بقياس أثرها البيئي

باريس – تدفع المنظمة الدولية للتوحيد القياسي (أيزو) المعنية بتحديد المعايير الدولية لاعتماد تقنيات تجريبية من جانب الشركات بهدف التصدي للتغير المناخي، غير أن هذا المسعى قد يهدد الجهود للحد من انبعاثات غازات الدفيئة.
وتضع هذه المنظمة التي تضم 160 بلدا عضو، المعايير الدولية لتلبية حاجات الشركات في قطاعات شتى.
وتعمل المنظمة على إقامة معايير جديدة ترمي للسماح للشركات بقياس أثرها البيئي. هذا النص الذي لا يزال قيد الإنجاز، سيخضع للدرس خلال اجتماع عمل في بيركيلي بولاية كاليفورنيا الأميركية لمعرفة "هل يوجد إجماع" بشأنه، على ما أفاد متحدث باسم منظمة "أيزو" مؤكدا وجود الوثيقة.
وبحسب هذه الوثيقة، على الشركات العمل في "إدارة التأثير الإشعاعي"، أي التوازن بين الإشعاع الشمسي والانبعاثات المتأتية من الأشعة ما دون الحمراء الخارجة من الغلاف الجوية، لتثبيت المناخ، لكن من دون التطرق إلى درجة حرارة محددة.
ويرمي اتفاق باريس المناخي إلى حصر الاحترار المناخي بدرجتين مئويتين مقارنة مع معدلات ما قبل الثورة الصناعية، وحتى بدرجة ونصف الدرجة. ويصف تقرير "أيزو" هذه الأهداف بأنها "إشكالية".
ويتطرق النص إلى "المؤثرات المناخية" مثل ثاني أكسيد الكربون وأنواع أخرى من الغازات المسببة لمفعول الدفيئة التي تساهم في الاحترار المناخي.
غير أن الوثيقة تتحدث بصورة أوسع عن "مبرّدات مناخية"، تشمل بالخصوص تقنيات الهندسة الجيولوجية الواسعة النطاق الرامية بمحاربة التغير المناخي.
ويشير النص تحديدا إلى "إدارة الإشعاعات الشمسية"، ما يقوم على ضخ مادة الكبريتات في الغلاف الجوي الطبقي (ستراتوسفير) للحصول على انعكاس للطاقة الشمسية وتقليص ارتفاع الحرارة على الكوكب.

 اعتماد خطوة تجريبية مثيرة للجدل وحساسة من الناحية السياسية والاخلاقية كالهندسة الجيولوجية والاستعانة بها لتحديد معايير في القطاع الصناعي يتسم بخطورة كبيرة حقيقية 

وأثبتت دراسات أن هذه الطريقة قد تكون فعالة ويسيرة التكلفية نسبيا للتصدي لارتفاع درجات الحرارة. لكن ثمة مخاوف حيال حصول تبعات غير متوقعة جراء مثل هذا التلاعب في الغلاف الجوي الأرضي، مع مخاطر محتملة على النماذج المناخية أو الأمن الغذائي.
وقالت كارول موفيت من "مركز القانون البيئي الدولي" (سيال) "اعتماد خطوة تجريبية مثيرة للجدل وحساسة من الناحية السياسية والاخلاقية كالهندسة الجيولوجية والاستعانة بها لتحديد معايير في القطاع الصناعي يتسم بخطورة كبيرة حقيقية".
ولفتت إلى أن اعتماد شركة ما معايير "أيزو" يُنظر إليه على أنه ضمانة لجدية عملها.
ولتحقيق أهداف اتفاق باريس المناخية، يوصي خبراء الأمم المتحدة في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بتقليص كبير وفوري للاستعانة بمصادر الطاقة الأحفورية، مع هدف يقضي بالوصول إلى مستوى انبعاثات صافية معدومة بحلول 2050.
وفي تقريرها الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2018، أدرجت الهيئة "إدارة الإشعاعات الشمسية" ضمن هذه النماذج المناخية. وفي وقت يمكن اعتبار هذه التقنية "عملية نظريا"، ثمة "مواضع غموض واسعة" و"مخاطر كبيرة"، بحسب العلماء.
وتدفع هيئات ممولة من قطاع النفط والغاز منذ سنوات في اتجاه هذا الحل، بينها مركز "أميريكن إنتربرايز إنستيتيوت" (إيه إي آي)، وهي تروّج لهذه التكنولوجيا منذ سنوات.
واعتبرت جيسيكا ستريفلر من معهد البحوث بشأن المناخ في بوتسدام بألمانيا أن هذه الإدارة للإشعاعات الشمسية قد تقام على نطاق واسع في مقابل كلفة أدنى بكثير من تلك اللازمة لتقليص انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة.
وتدعو وثيقة العمل الخاصة بمنظمة "أيزو" الحكومات إلى تفضيل اعتماد مقاربة "مربحة" لإدارة زيادة درجات الحرارة، ما يثير مخاوف من أن يشجع ذلك على الترويج لإدارة الإشعاعات الشمسية.
وفي إطار مؤتمرات الأمم المتحدة المناخية، تدار مسألة تقليص انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة على مستوى الدول، مع موجبات لكل منها.