الوضع الوبائي يهدد 4 آلاف شركة مالية بريطانية بالافلاس

المملكة المتحدة تواجه وضعا صحيا كارثيا مع تسجيل عدد إصابات قياسية بكورونا المستجد، في مؤشرات على أن المستشفيات لا تقدر على استيعاب العدد الهائل من المصابين.
ارتفاع هائل في أعداد الإصابات بالفيروس تنذر بإغراق النظام الصحّي البريطاني
ارتدادات اقتصادية قاسية لإجراءات العزل

لندن - أظهرت دراسة أجرتها هيئة الأسواق المالية البريطانية ونشرت الخميس أنّ حوالي أربعة آلاف شركة مالية في المملكة المتّحدة، غالبيتها صغيرة أو متوسّطة الحجم، مهدّدة بالإفلاس بسبب جائحة كوفيد-19، الأمر الذي سيؤثر سلبا في حال حصوله، على عملائها.

وقالت هيئة أسواق المال البريطانية (أف سي إيه) في الدراسة التي أجرتها على 23 ألف شركة لتبيان مدى متانتها المالية "في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) حدّدت 4000 شركة خدمات مالية ذات متانة مالية منخفضة وتواجه خطرا كبيرا بالإفلاس حتّى وإن كان الكثير منها سيتمكن من تعزيز متناته عندما تتحسّن الظروف الاقتصادية".

وأضافت أنّ هذه الشركات هي "بالدرجة الأولى شركات صغيرة ومتوسطة و30 بالمئة منها يمكن أن تتسبّب بأضرار إذا ما أفلست".

ولفتت الدراسة إلى أنّه في مواجهة الضغوط المالية التي يرزح تحتها عدد كبير من الشركات التي أُجبرت على إغلاق أبوابها أو التي تعرقل نشاطها إلى حدّ كبير بسبب إجراءات الإغلاق العام المتكرّرة لمكافحة تفشّي الفيروس، فإن قطاع المدفوعات، وخصوصا عبر الإنترنت هو أحد أكثر القطاعات التي تضرّرت، بالإضافة إلى قطاع القروض الشخصية. وفي المقابل، شهد وسطاء التأمين والسماسرة زيادة طفيفة في نشاطهم، وكذلك فعل مديرو الاستثمارات.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، اعتبر بنك إنكلترا أنّ البنوك البريطانية لديها المتانة الكافية للتعامل مع المخاطر الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وعن جائحة كوفيد-19.

والمملكة المتحدة هي إحدى أكثر الدول تضرّرا من جائحة كوفيد-19 إذ سجّلت أكبر عدد من الوفيات في أوروبا وانكمش ناتجها المحلّي الإجمالي بنسبة هائلة يتوقّع أن تزيد عن 11 بالمئة للعام 2020، في أسوأ أزمة اقتصادية تواجهها البلاد منذ أكثر من 300 سنة.

ودخلت إنكلترا في إغلاق صارم الثلاثاء مع إغلاق المدارس والمتاجر غير الأساسية لستة أسابيع على الأقل بعد أن فشلت الإجراءات السابقة في وقف انتشار الوباء.

في هذه الأثناء، تكثّف بريطانيا توزيع لقاحات فايزر/بايونتيك وأكسفورد/أسترازينيكا، إذ تلقّى أكثر من مليون شخص بالفعل جرعة أولى من أحد اللقاحين.

وسرّب موقع مخصّص للعاملين في قطاع الرعاية الصحية الأربعاء تقريرا موجزا من رئيس النظام الصحي الوطني في لندن فين ديواكار ورد فيه أنّ العاصمة قد ينقصها نحو 1500 سرير للمرضى العامين والحالات الحادة بحلول 19 يناير/كانون الثاني، مضيفا أنه في ظل أسوأ السيناريوهات قد يصل النقص إلى 4400 سرير.

وقال روبرت بيرس أستاذ طب العناية المركزة في كلية كوين ماري بجامعة لندن والذي يعمل في مستشفى لندن الملكي، إنّ سعة المستشفيات قد تنهار ما لم يلتزم الناس بقواعد الإغلاق لاحتواء الفيروس.

وعندما سألته 'بي بي سي' ماذا إذا كان يعتقد أن النظام الصحي الوطني قد يصبح عاجزا عن تلبية الاحتياجات في غضون أسبوعين، قال "لم أفكر طيلة حياتي المهنية أنني سأقول شيئا كهذا ولكن نعم، أعتقد ذلك"، مضيفا "ما لم نأخذ تدابير الإغلاق على محمل الجدّ، فإن التأثير على الرعاية الصحية للبلد بأسره قد يكون كارثيا وأنا أزن جيدا ما أقوله".

وأعلنت وزارة الصحة البريطانية الخميس، وفاة ألف و162 شخصا جراء إصابتهم بفيروس كورونا في الساعات الـ24 الأخيرة.

وأشارت في بيان لها أن البلاد سجلت 53 ألفا و618 إصابة جديدة بالفيروس، ليرتفع الإجمالي إلى مليونين و889 ألفا و419. ولفتت إلى أن إجمالي عدد الوفيات وصل إلى 78 ألفا و508.

وذكرت أن 30 ألفا و370 شخص لا يزالون يتلقون العلاج في المستشفيات جراء الإصابة بالفيروس، بينهم ألفان و821 في أقسام العناية المركزة.

وتشهد بريطانيا زيادة كبيرة بعدد الإصابات والوفيات عقب اكتشاف سلالة جديدة من كورونا على أراضيها في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، ما دفع بلدانا لتعليق السفر منها وإليها، في وقت دعت فيه منظمة الصحة العالمية دول التكتل لتشديد إجراءاتها.

وقال مقدّمو رعاية صحيّة ومسعفون الخميس إن رؤساء المستشفيات في إنكلترا يتدافعون لتأمين أسرّة للمرضى في حين يهدّد الارتفاع في أعداد الإصابات الجديدة بفيروس كورونا المستجد بإغراق النظام الصحّي.

وأشار تقرير مقتضب تم تسريبه إلى أنّه حتّى في ظل سيناريو إيجابي نسبيا، سيتجاوز الوضع طاقة مستشفيات لندن في أقلّ من أسبوعين.

ويرقد أكثر من 30 ألف شخص في مستشفيات المملكة المتحدة مصابين بالفيروس وهذا يفوق العدد المسجل في ذروة الموجة الأولى.

وقال رئيس مؤسسات الرعاية الصحية التي ترفد النظام الصحي الوطني وتمثّل المستشفيات في إنكلترا، إنّ الارتفاع الحاد في أعداد الحالات الاستشفائية أجبر رؤساء المستشفيات على التفكير في نقل بعض المرضى الداخليين إلى دور رعاية المسنين أو دور رعاية أخرى.

وقال كريس هوبسون لإذاعة 'بي بي سي' إنّ "خمسة آلاف مريض جديد دخلوا إلى المستشفيات بسبب كوفيد-19 على مدار الأسبوع الماضي - هذا يعادل تخصيص 10 مستشفيات بالكامل لمرضى كوفيد ... لهذا فهو تحدّ كبير حقا"، مضيفا أنّ رؤساء المستشفيات "يعلمون أن هناك بعض السعة الفائضة في قطاع دور الرعاية وهم يبحثون مع الزملاء في القطاع لمعرفة إن كان يمكنهم استخدام ذلك".