
اليونان ترى في تحويل آيا صوفيا لمسجد علامة ضعف
اثينا - تصاعد الرفض الدولي للخطوة التي اقدم عليها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان باقامة أول صلاة في متحف " ايا صوفيا" بعد تحويلها الى مسجد بحضور الآلاف من انصار حكومة حزب العدالة والتنمية.
وفي هذا الصدد اعتبرت أثينا الجمعة أنّ قرار تركيا تحويل آيا صوفيا مسجداً هو علامة "ضعف"، في وقتٍ قرعت كنائس اليونان أجراسها احتجاجاً على هذه الخطوة المثيرة للجدل.
وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في بيان إنّ "ما يحدث (في اسطنبول) في هذا اليوم ليس استعراض قوّة، بل دليل ضعف" مضيفا إنّ هذه الخطوة لن "تخفّف من إشعاع معلم تراثي عالمي".
وتابع ميتسوتاكيس "بالنسبة إلينا نحن المسيحيّين الأرثوذكس خصوصاً، إنّ آيا صوفيا اليوم هي في قلوبنا أكثر من أيّ وقت مضى. إنّها حيث تخفق قلوبنا".
وكان الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان قد شارك ظهر الجمعة آلاف المسلمين في أوّل صلاة تُقام في آيا صوفيا، عقب تحويلها المثير للجدل إلى مسجد.
وهذه أوّل صلاة جماعة تُقام منذ 86 عاماً في آيا صوفيا، الصرح المعماري المشيّد في القرن السادس الميلادي. وهي كانت كنيسة، ثمّ مسجداً عثمانيّاً فمتحفاً.
واثارت الخطوة انتقادات ليست فقط من المسيحيين وانما من العالم الإسلامي حيث اعتبر كثير من العلماء والفقهاء المسلمين ان الخطوة لا تستند إلى مواقف شرعية وانه لا يجب تحويل الكنائس الى مساجد والعكس صحيح.
وفي منتصف النهار، دقّت كنائس اليونان أجراسها ونكّست أعلامها احتجاجاً على ما وصفه رئيس الكنيسة الأرثوذكسيّة اليونانيّة ورئيس أساقفة أثينا البطريرك إيرونيموس "عملاً غير مقدّس لتدنيس" الكاتدرائية السابقة.

وقال كونستانتينوس بوغدانوس، النائب عن حزب الديموقراطية الجديدة، "إنّه ليس يوم حداد، إنّه يوم لكشف عدائية تركيا المتنامية".في وقت نظّمت فيه جماعات دينيّة وقوميّة احتجاجات في أثينا وسالونيكي.
في وقت لاحق الجمعة، أقام رئيس الأساقفة قدّاساً خاصّاً في كاتدرائيّة بأثينا أنشد خلاله ترانيم تكريماً لمريم العذراء.
ووفقاً للكنيسة اليونانيّة، كان القدّاس نفسه أُقيم في آيا صوفيا عشيّة سقوط عاصمة الإمبراطوريّة البيزنطيّة أمام العثمانيّين حيث قال إيرونيموس إنّ آيا صوفيا "رمز لإيماننا ونصب ثقافي عالمي".
ويعمل اردوغان على استغلال المشاعر الدينية للمسلمين لترقيع شعبيته المنهارة في تركيا لكن تلك المحاولات من شانها ان تثير غضب المسيحيين وتجلب إدانات دولية واسعة.
وكان لافتا أن قرار تحويل آيا صوفيا إلى مسجد رغم الاعتراضات الدولية والمحلية، خطوة مفضوحة من الرئيس التركي لترقيع الثغور الكثيرة في شعبيته والتغطية على الأزمات الداخلية وتداعيات تدخلاته الخارجية على الاقتصاد.
واتهم رئيس المركز الدومينيكي للحوار بين الأديان والثقافات في اسطنبول، الأب كلاوديو مونجي في مقابلة مع صحيفة (لا ريبوبليكا) الجمعة ان قرار تحويل ايا صوفيا الى مسجد هو رد فعل من قبل اردوغان على انهيار شعبيته.
ووفق موقع روسيا اليوم قال الاب كلاوديو مونجي ان اردوغان يلعب ورقة الكبرياء السيادي مشيرا بان السلطات التركية تنشر "مجرد خطاب دعائي يستغل المقدسات ورموزها بشكل فعال، ويثير ردود فعل عاطفية، تغذي استقطاباً بين الإسلام والغرب الذي يُخال أنه مسيحي، بينما لا يتعدى الأمر كونه مجرد تبسيط مبتذل".

واضاف " "للاسف الشديد كثيرون وقعوا في فخ الاستغلال الديني، لكن شريحة كبيرة من الإسلام في الشرق والغرب أدانت المبادرة".
واوضح الاب كلاوديو مونجي ان اردوغان يحاول "صرف الانتباه عن ملفات أكثر أهمية بكثير، كالوضع الاقتصادي الصعب أصلا، والذي أصبح أكثر درامية بسبب الوباء".
وامام حالة الرفض والاستنكار المتصاعدة للخطوة التركية نددت حكومة حزب العدالة والتنمية السبت برد فعل اليونان على خطوة إعادة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد مستحضرة تاريخا من العداء بين الامبراطورية العثمانية واوروبا المسيحية.
و رأى المتحدث باسم الخارجية التركية هامي أكسوي أن رد الفعل على إعادة فتح آيا صوفيا أمام المصلين المسلمين "يكشف مجددا عداء اليونان للإسلام وتركيا".
ودان "بشدة" إحراق العلم التركي في تيسالونيكي واتهم الحكومة والبرلمان اليونانيين بـ"تحريض العامة عبر إصدار تصريحات عدائية".
وأضاف في بيان أن "أطفال أوروبا المفسودين الذين لا يمكنهم القبول بعودة السجود إلى آيا صوفيا، موهومون مجددا".
وتشير ردود الافعال على مواقف اليونان السياسة التركية المبنية على اساس اثارة النزعات الدينية والعرقية واستجلاب التاريخ بما يحويه من صراعات ونزاعات.
وفي 10 تموز/يوليو، ألغى مجلس الدولة التركي، المحكمة الإداريّة العليا في البلاد، قراراً يعود إلى عام 1934 بتحويل آيا صوفيا إلى متحف.
ثمّ أمر إردوغان بإعادة فتح المعلم الذي يعود إلى القرن السادس أمام المصلّين المسلمين، ما أثار غضب المجتمع المسيحي وزاد توتّر العلاقات مع اليونان الحليفة في حلف شمال الأطلسي.