انتخابات الرئاسة بالجزائر تعيد الحرس القديم إلى الساحة

منذ إعلان الرئيس الانتقالي تاريخ الانتخابات قبل عشرة أيام تقدم للترشح 79 شخصا أبرزهم علي بن فليس وعبدالمجيد تبون والإسلامي عبدالقادر بن قرينة وكلهم من منظومة الحكم السابقة.

منظومة الحكم تعيد استنساخ نفسها قافزة على مطالب الحراك الشعبي
معركة ليّ اذرع بين النواة الصلبة للنظام والحراك الشعبي في الجزائر
رئيسا وزراء من عهد بوتفليقة يعلنان ترشحهما للانتخابات الرئاسية
بن فليس يعتبر ترشح بن تبون تشويها للرئاسة واستنساخا لـ"العهدة الخامسة"
حزب كان من أحزاب الموالاة يستعد لإعلان مرشحه للرئاسة
إسلاميو الجزائر يدرسون المشاركة في الانتخابات الرئاسية

الجزائر - بدأ التزاحم على الترشح للانتخابات الرئاسية في الجزائر فيما لايزال الغموض يهيمن على المشهد السياسي والانتخابي في ظل استمرار معركة ليّ أذرع بين السلطة المؤقتة بما فيها قيادة الجيش ممثلة في الفريق أحمد قايد صالح والرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح.

وأكدت وسائل الإعلام المحلية أن العديد من الشخصيات بدأت في سحب استمارات الترشح لتكوين وتقديم ملف الترشح، إلا أن اللافت أن من ضمن هؤلاء شخصيات كان إلى وقت قريب من رموز النظام التي يرفضها المحتجون ويطالبون بعدم وجودها في المرحلة القادمة التي تؤسس لمستقبل ديمقراطي.

وتسود مخاوف في الشارع الجزائري من إعادة استنساخ النظام السابق في الاستحقاق الرئاسي المقرر في 12 ديسمبر/كانون الأول في ظل أنباء عن استعداد شخصيات من رموز نظام الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة للترشح.

وأعلن حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان يتزعمه أحمد أويحيي ويخضع منذ يونيو/حزيران للتحقيق في قضايا فساد، في بيان نشر على صفحته الرسمية على فايسبوك أن الحزب سحب استمارات الترشح للرئاسة استعداد لإعلان مرشحه.

والحزب المعروف اختصارا بـ"الأرندي" كان من أحزاب الموالاة في عهد بوتفليقة وتولى أمينه العام (أويحيى) رئاسة الحكومة ثم مديرا للديوان الرئاسي وهو من بين أبرز الداعمين له في الترشح للولايات الرئاسية المتعاقبة قبل أن يقفز من سفينة النظام حين ضاق خناق الاحتجاجات على بوتفليقة.

ومن بين الشخصيات الأخرى التي أعلنت عزمها خوض غمار السباق الرئاسي علي بن فليس زعيم حزب طلائع الحريات والذي سبق له تولي حقائب وزارية في عهد بوتفليقة وكان رئيس للحكومة في الفترة من العام 2000 إلى العام 2003 وكان أيضا أمينا عاما لجبهة التحرير الوطني (2001/2004) الذي حكم البلاد منذ الاستقلال، قبل أن يؤسس في 2015 حزب طلائع الحريات.

وأعلن حزب طلائع الحريات الخميس الماضي ترشيح بن فليس للانتخابات الرئاسية وقد سبق له أن نافس بوتفليقة في انتخابات رئاسية سابقة.

بن فليس كان من منظومة الحكم قبل أن يتحول للمعارضة
بن فليس كان من منظومة الحكم قبل أن يتحول للمعارضة

كما ترشح للاستحقاق الرئاسي عبدالمجيد تبون الذي تولى رئاسة الحكومة الجزائرية لثلاثة أشهر فقط في 2017 قبل أن يقيله بوتفليقة لانتقاده الارتباط بين رجال الأعمال المقربين من الرئاسة وكبار السياسيين.

ويستوجب الترشح للرئاسة في الجزائر يستوجب جمع 50 ألف توقيع من الناخبين كشرط لقبول الترشح من قبل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، المستحدثة مؤخرا، لإدارة العملية الانتخابية بدل الحكومة كما في الانتخابات السابقة.

وعاد تبون إلى هذه الأزمة في أول تصريح صحفي له بعد إعلان ترشحه الخميس الماضي، حيث قال "تعرضت للعقاب حتى أنهم نزعوا صوري من قصر الحكومة" حيث توجد صور كل رؤساء الحكومة من استقلال البلاد في 1962.

وكان تبون يرد على سؤال حول اعتباره من رموز نظام بوتفليقة الذي تطالب الحركة الاحتجاجية منذ سبعة أشهر بضرورة رحيلهم.

لكن علي بن فليس (وهو من الرموز السابقة في نظام بوتفليقة) انتقد تبون واعتبر أن ترشحه للاستحقاق الرئاسي 2019، تشويها للرئاسية واستنساخا للعهدة الخامسة (في إشارة إلى ترشح بوتفليقة سابقا إلى ولاية رئاسية خامسة أفشلتها الاحتجاجات الشعبية).

تطورات الوضع في الجزائر
تطورات الوضع في الجزائر

ومنذ إعلان الرئيس الانتقالي عبدالقادر بن صالح تاريخ الانتخابات قبل عشرة أيام تقدم للترشح 79 مترشحا، أبرزهم إلى حد الآن علي بن فليس وعبدالمجيد تبون ورئيس حزب حركة البناء الإسلامي الوزير السابق عبدالقادر بن قرينة الذي كان أول شخصية معروفة يعلن ترشحه رسميا.

كما أعلن حزب حركة مجتمع السلم (حمس) أنه يدرس المشاركة في الانتخابات الرئاسية.

ونزل محتجون يعارضون إجراء الانتخابات التي حددت النخبة الحاكمة في الجزائر موعد إجرائها في ديسمبر/كانون الأول لشوارع العاصمة اليوم الجمعة وطالبوا بالإفراج عن معارض بارز.

وتتواصل المظاهرات الأسبوعية منذ فبراير/شباط وتطالب برحيل الحرس القديم الذي هيمن على السلطة منذ استقلال البلاد عن فرنسا في 1962 وتقاوم كلا من الضغوط والتنازلات التي تهدف لوقفها على حد سواء.

بن فليس انضم لتحالف يضم أحزاب المعارضة بما فيها الإسلامية
بن فليس انضم لتحالف يضم أحزاب المعارضة بما فيها الإسلامية

وتمكن المحتجون من الإطاحة بالرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في أبريل/نيسان لكن أعدادهم قلت كثيرا من مئات الآلاف في الربيع لعشرات الآلاف حاليا.

واعتقلت السلطات عددا من المسؤولين الكبار للاشتباه في ضلوعهم في فساد وهو أحد المطالب الرئيسية للمتظاهرين كما صدرت أحكام يوم الأربعاء بحق اثنين من رؤساء المخابرات السابقين وشقيق بوتفليقة بالسجن لمدد طويلة.

وفي ذات الوقت زادت الشرطة من الضغط على المحتجين وكثفت وجودها في المظاهرات واعتقلت شخصيات بارزة من المعارضة.

وقال محامي السياسي المعارض كريم طابو إن السلطات اعتقلت موكله الأسبوع الماضي ثم أفرجت عنه الأربعاء ثم أعادت اعتقاله أمس الخميس. ورفع المحتجون لافتات تطالب بالإفراج عنه.

ويعارض المتظاهرون إجراء الانتخابات في ديسمبر/كانون الأول بدعم الجيش الذي هيمن على المشهد وقالوا إن التصويت لا يمكن أن يكون حرا أو نزيها ببقاء الكثير من حاشية بوتفليقة في السلطة.

ويرى الجيش أن إجراء الانتخابات هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة. وهناك استقطاب في الجزائر بين من يؤيدن لرؤية الجيش ومن يعارضونها.