انتصار طالبان يُحفز الحركة الجهادية في العالم

انتصار طالبان في أفغانستان يمكن أن يثير مشاعر حماسة لدى كل الجهاديين في العالم مدفوعين بالهزيمة الجديدة لقوة أجنبية وانتصار الإستراتيجية والتفاوض والصبر.
سيطرة طالبان على أفغانستان تعطي دفعة قوية للحركات الجهادية السلفية
تنظيمات متشددة تكثف حملة الدعاية وقد تبلغ ذروتها في ذكر هجمات سبتمبر
سيطرة طالبان على أفغانستان أمر يشحذ عزيمة الجهاديين في كل مكان

باريس - شكلت سيطرة طالبان على أفغانستان وبالسرعة التي لم تكن تتوقعها الولايات المتحدة وأيضا بعد عقدين من الإطاحة بنظامها المتشدد، صدمة لم تهدأ ارتداداتها بعد فيما تسود مخاوف من أن يغذي هذا الحدث الذي وصفته تنظيمات جهادية أو جماعات دينية بأنه نصر تاريخي، من أن يغذي الحركة الجهادية في العالم بعد أن لاحت قبل سنوات بوادر انحصار نفوذها دون أن ينحسر خطرها.

ويمكن أن يثير انتصار طالبان في أفغانستان مشاعر حماسة لدى كل الجهاديين في العالم مدفوعين بالهزيمة الجديدة لقوة أجنبية وانتصار الإستراتيجية والتفاوض والصبر.

وفي العالم أجمع، لا يمكن للمنتسبين إلى الحركة الجهادية-السلفية وغالبيتهم تابعون للقاعدة أو لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، إلا أن يشهدوا على نجاح "طلاب الفقه" الأفغان الذين وصلوا إلى السلطة في كابول ما إن انسحبت القوات الأميركية بعد 20 عاما على طردهم منها.

وقال كولن كلارك مدير الأبحاث في مركز صوفان معهد الدراسات الجيوسياسة ومقره في نيويورك "هذا يعطي الجهاديين زخما كبيرا. هذا جعلهم يعتقدون أن بإمكانهم طرد قوة أجنبية بمثل عظمة الولايات المتحدة".

وأضاف "أتوقع تكثيف الدعاية لتبلغ ذروتها في الذكرى العشرين لاعتداءات 11 سبتمبر/ايلول (2001). هذا سيقوي معنويات الجهاديين من شمال إفريقيا وصولا إلى جنوب شرق آسيا".

الحالة الأفغانية ليست بالضرورة قابلة للتكرار في أماكن أخرى، لأنه ليست كل الجماعات الناشطة تقاتل قوى أجنبية، فنموذج منطقة الساحل حيث أعلنت فرنسا في الآونة الأخيرة سحب قسم من جنودها البالغ عددهم 5100 عنصر لكي تنتشر قوات خاصة أوروبية بعد أكثر من ثماني سنوات من التواجد هناك، مختلف جدا عن الملف الأفغاني.

لكن "سيطرة طالبان على أفغانستان هو أمر سيشحذ عزيمة الجهاديين في كل مكان" كما يقول أيمن جواد التميمي الباحث في برنامج حول التطرف في جامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة.

الحالة الأفغانية ليست بالضرورة قابلة للتكرار في أماكن أخرى، لأنه ليست كل الجماعات الناشطة تقاتل قوى أجنبية، فنموذج منطقة الساحل مختلف جدا عن الملف الأفغاني

وتابع "هذا مهم في سياق غرب إفريقيا حيث ظهرت كل هذه المناقشات حول المفاوضات مع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة للقاعدة.

ولم تكتف طالبان بترك الوضع يتدهور فحسب بل أثناء شن الحرب، تفاوضت مع الأميركيين والحكومة الأفغانية وكذلك مع الميليشيات المحلية والعشائر والقبائل التي تشكل النسيج الوطني.

لكن رمزيا، فإن نصرها يتيح إقناع من يحملون السلاح بأنهم "إذا استمروا في القتال سينهار خصومهم في نهاية الأمر"، كما يضيف الباحث العراقي.

ومنذ 24 ساعة، تنقل شبكات التواصل الاجتماعي العديد من التعليقات الدعائية من أوساط الجهاديين. وبينهم حركة حماس التي اعتبرت أن هذا النجاح "جاء تتويجا لجهادها الطويل على مدار عشرين عاما مضت".

وشددت حماس على أن "مقاومة الشعوب وفي مقدمتها شعبنا الفلسطيني المجاهد موعدها النصر وتحقيق أهدافها في الحرية والعودة بإذن الله".

من جهتها، أكدت شبكة الثبات الإعلامية التابعة للقاعدة أن "مسلمي ومجاهدي باكستان وكشمير واليمن وسوريا وغزة والصومال ومالي يحتفلون بتحرير أفغانستان وتطبيقها الشريعة".

من جهة تنظيم الدولة الإسلامية فإن المسألة شائكة أكثر، فحين بايعت القاعدة حركة طالبان وصفها تنظيم الدولة الإسلامية بأنها مرتدة. في أفغانستان، مشاعر الكراهية أكبر لأن تنظيم الدولة الإسلامية- ولاية خراسان" شكله منشقون عن طالبان.

لكن التنظيم يستفيد أيضا من انهيار الدولة الأفغانية، حيث أشار دكتور كيو الخبير الغربي في شؤون تنظيم الدولة الإسلامية والذي ينشر تحت اسمه هذا أبحاثه على تويتر، إلى 216 هجوما شنها تنظيم الدولة الاسلامية-ولاية خراسان بين 1 كانون الثاني/يناير و11 اغسطس/اب مقابل 34 هجوما في الفترة نفسها من السنة الماضية.

ويقول إن هذا الأمر "يجعل من أفغانستان إحدى ولايات تنظيم الدولة الإسلامية الأكثر دينامية... ليس كل شيء مرتبط بصورة مباشرة بالانسحاب الأميركي لكن انتصار طالبان يشجع أيضا تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان".

بالنسبة لتنظيم الدولة الإسلامية فإن المسألة شائكة أكثر، فحين بايعت القاعدة حركة طالبان وصفها التنظيم بأنها مرتدة

وأشار إلى جانب الأحقاد الداخلية إلى خلافات في الأهداف، موضحا أن "تنظيم الدولة الإسلامية يعلن بانتظام أن الغربيين لا يمكنهم البقاء إلى الأبد" في أرض أجنبية وفي هذا الصدد يأتي انتصار طالبان "ليضفي شرعية على طريقة عملهم".

ويذكر كولن كلارك أيضا بأن الفوضى والحرب يشكلان الظروف الأساسية لنمو أي جماعة جهادية مهما كان ولاؤها و"انهيار الجيش الأفغاني هو تذكير غريب بما رأيناه في العراق عام 2011. أخشى أن يتكرر الوضع نفسه في أفغانستان مع تزايد قوة تنظيم الدولة الإسلامية وانبعاث القاعدة مجددا في الوقت نفسه".

وهنا يكمن على الأرجح أهم درس قدمته طالبان إلى الحركة الجهادية العالمية: الصبر والتصميم يمكن أن ينتصرا بغض النظر عن العدو. وهو درس يعطي حماسة لكل الحركات ذات الطموحات الوطنية، سواء كانت من خصوم أو حلفاء القادة الجدد في كابول.

وقال تشارلز ليستر الباحث في معهد الشرق الأوسط في شريط فيديو نشر على يوتيوب "بالنسبة للكثير من الجماعات التي تتبع برنامج عمل محلي، فإن طالبان شكلت مثالا على حسن تطبيق هذه الإستراتيجية".