انتفاضة بهبهان تكسر حاجز الخوف في إيران

الساحة الإيرانية مهيأة أكثر من أي وقت مضى لانتفاضة شعبية في ظل وضع اقتصادي ومعيشي هو الأسوأ على وقع عقوبات أميركية قاسية وتفشي فيروس كورونا بوتيرة تظهر أنه خرج على السيطرة.
قوات الأمن الإيرانية تطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين
إيران تنشر تعزيزات أمنية في عدة مدن تحسبا لتوسع الاحتجاجات

طهران - تشهد مدينة بهبهان في جنوب غرب إيران مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن الإيرانية في بداية حركة احتجاجية شعارها كسر حاجز الخوف. وتحسبا لتوسع الاحتجاجات قامت السلطات بنشر قوات بشكل كثيف في عدد من المدن.

وقد تشكل انتفاضة بهبهان شرارة لمظاهرات أوسع وأكبر، لكن السلطات الإيرانية اعتادت على إخماد مثل هذه الاحتجاجات بالقوة فارضة طوقا أمنيا يمنع أي تغطيات إعلامية، إلا أن نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي اخترقوا هذا الحاجز بحيث لم يعد بإمكان إيران التكتم على القلاقل المتناثرة في أكثر من محافظة.  

وقال شهود عيان إن قوات الأمن الإيرانية أطلقت الغاز المسيل للدموع اليوم الخميس لتفريق متظاهرين مناهضين للمؤسسة الحاكمة تجمعوا في مدينة بهبهان، مشيرين إلى أن مدنا أخرى تشهد وجودا كثيفا لقوات الأمن.

وأظهرت تسجيلات مصورة نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي من داخل إيران محتجين يهتفون "لا تخافوا، لا تخافوا، نحن معا".

وأظهرت تسجيلات أخرى وجودا كثيفا لقوات الأمن في مدينتي طهران وأصفهان. وهتف بعض المحتجين بشعارات مناهضة لمسؤولين كبار.

 

وتبدو الساحة الإيرانية مهيأة أكثر من أي وقت مضى لانتفاضة شعبية في ظل وضع اقتصادي ومعيشي هو الأسوأ الذي تشهده إيران على وقع عقوبات أميركية وضعت الاقتصاد على حافة الهاوية وتفشي فيروس كورونا بوتيرة تظهر أنه خرج على السيطرة بما يعمق الأزمة القائمة.

وسبق لميليشيات الحرس الثوري ومنها قوات الباسيج أن أخمدت احتجاجات مماثلة لتلك التي تشهدها بهبهان، إلا أن الوضع تغير عن ذي قبل ويبدو مرشحا للتصاعد وسط شعور متنام بالتهميش والقهر وسوء الإدارة وفساد تتستر عليه نخبة حاكمة تتنازع النفوذ في ما بينها.

وتشكل الاحتجاجات المناهضة لنظام الحكم الديني أو حكم الملالي حدثا يخترق جدار القوة الأمنية الضاربة التي تسميها المؤسسة الدينية حرس الثورة. وباتت المسيرات في السنوات الأخيرة جزء من المشهد الإيراني المتقلب رغم أنها لم تنجح حتى الآن في إسقاط النظام لكنها أصبحت مزعجة في رسائلها وتوقيتاتها.

وتخوض الحكومة الإيرانية معارك على أكثر من جبهة محاولة الخروج بأقل الأضرار الممكنة مراهنة على صمود يبدو أنه لن يطول كثيرا، فجبهة العقوبات الأميركية والضغوط الغربية خلخلت التوازنات المالية والاقتصادية وضيّقت الخيارات على المؤسسة الحاكمة رغم التلاعب ومحاولات الالتفاف على تلك الضغوط وخداع الرأي العام الإيراني بالقدرة على المواجهة.

محتج وجها لوجه مع شرطي إيراني مشهد كان يندر رؤيته في إيران
محتج وجها لوجه مع شرطي إيراني مشهد كان يندر رؤيته في إيران

وعلى الجهة المقابلة من العقوبات الغربية يقف فيروس كورونا متربصا بحياة آلاف الإيرانيين، بينما تغرق السلطات في دعاية مفضوحة تقول خلافا للوقائع على الأرض، "إن الوضع تحت السيطرة".

أما الجبهة الأخرى وهي الأشد خطورة بالنسبة للمسؤولين الإيرانيين تلك المتعلقة بالحرائق المتنقلة من موقع نووي وعسكري إلى آخر كان آخرها قبل أيام قليلة حين اندلعت النيران في ميناء تجاري حيوي والتهمت عددا من السفن والناقلات البحرية.  

ولا تقدم إيران تفسيرا مقنعا للحرائق المتنقلة إلا فرضية التعرض لهجمات خارجية بأيادي داخلية أو هجمات الكترونية تلاعبت بأنظمة التسيير في مواقعها الحساسة.

ويشكل هذا الوضع عموما بمحاميله السياسية والأمنية، مناخا مناسبا للإيرانيين الذين ضاقوا ذرعا بسياسات النخبة الحاكمة وسئموا من إنفاق سخي تغدقه المؤسسة الدينية على اذرعها في المنطقة في حرب التمدد والنفوذ التي لم يجن منها الإيرانيون إلا المتاعب على كافة المستويات.