انفجار مرفأ بيروت يطيح بحكومة حزب الله

حسان دياب: منظومة الفساد متجذرة في كل مفاصل الدولة، لكنني اكتشفت أن منظومة الفساد أكبر من الدولة وأن الدولة مكبلة بهذه المنظومة ولا تستطيع مواجهتها أو التخلص منها.
الإنفجار قتل أكثر من 158 شخصاً وأصاب أكثر من ستة آلاف آخرين
السلطات تحقق مع 20 شخصا ينهم مسؤولون في المرفأ والجمارك ومهندسون

بيروت - قدم رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب استقالة حكومته مساء اليوم الإثنين بعد أيام على وقوع انفجار مدمر في مرفأ بيروت.

وانتقد دياب خلال مؤتمر صحفي في بيروت البعض من الطبقة السياسية بمحاولة "تسجيل بعض النقاط (...) برمي كل موبيقاتهم على حكومته وتحميلها مسؤولية الانهيار"، مضيفا "فعلا، اللي استحوا ماتوا".

وأضاف دياب أن "منظومة الفساد متجذرة في كل مفاصل الدولة، لكنني اكتشفت أن منظومة الفساد أكبر من الدولة، وأن الدولة مكبلة بهذه المنظومة ولا تستطيع مواجهتها أو التخلص منها".

وأوضح أن حكومته حملت مطلب اللبنانيين بالتغيير "لكن بيننا وبين التغيير جدار سميك جدا تحميه طبقة تقاوم بكل الأساليب الوسخة من أجل الاحتفاظ بمكاسبها ومواقعها وقدرتها على التحكم بالدولة".

واتخذ دياب قرار الإستقالة خلال جلسة لمجلس الوزراء انتهت قبيل المؤتمر الذي عقده وذلك بعد ساعات من استقالات متتالية لوزراء ضمن حكومته آخرها وزير المالية غازي وزني.

وكان أربعة وزراء أعلنوا منذ الأحد استقالاتهم من مناصبهم. وذكرت تقارير إعلامية أن وزراء آخرين كانوا مصمّمين على الاستقالة، ما شكل ضغطا على دياب.

وتتجه الحكومة التي تشكلت بدعم من جماعة حزب الله المدعومة من إيران وحلفائها في 11 فبراير/ شباط الفائت، إلى الإستقالة مرغمة بعد ضغوط كبيرة على إثر الانفجار الهائل الذي أجج الاحتجاجات المناهضة لها.

واستقال وزير المالية اللبناني غازي وزني اليوم الاثنين على خليفة انفجار المرفأ في بيروت الأسبوع الماضي وذلك بعد ساعات فقط من استقالة مماثلة لوزيرة العدل ماري كلود نجم. 

ووزني من المفاوضين الرئيسيين مع صندوق النقد الدولي بخصوص خطة لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته المالية العميقة.

وقبله قالت نجم في بيان اليوم الاثنين إنها قدمت استقالتها من الحكومة، وأرجعت ذلك إلى الانفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت.

وسلّمت نجم نص استقالتها إلى رئيس الحكومة حسان دياب، وفق ما أكد مصدر في وزارة العدل.

واستقالة نجم هي الثالثة في الحكومة التي يطالب اللبنانيون برحيلها ومحاسبة المسؤولين عن الإنفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، بعد وزير البيئة دميانوس قطار ووزيرة الإعلام منال عبدالصمد اللذان استقالا أمس الأحد على خلفية غضب شعبي عارم يطالب بإسقاط كل التركيبة السياسية في البلاد.

وتجددت المواجهات مساء الأحد بين محتجين غاضبين والقوى الأمنية اللبنانية في اليوم الثاني من التظاهرات التي رفعت شعار محاسبة الطبقة السياسية.

وكانت وزيرة الإعلام منال عبدالصمد أول عضو في مجلس الوزراء يقدم على تقديم استقالته بعد الانفجار، إذ كان وزير الخارجية السابق ناصيف حتّي استقال قبيل وقوع المأساة.

وقالت في كلمة بثتها وسائل إعلام محلية الأحد "بعد هول كارثة بيروت، أتقدم باستقالتي من الحكومة متمنية لوطننا الحبيب لبنان استعادة عافيته في أسرع وقت ممكن".

بعدها أعلن وزير البيئة والتنمية الإدارية دميانوس قطار أيضا مساء الأحد استقالته من الحكومة.

وقال قطار في بيان "أمام هول الفاجعة... ومع انسداد أفق الحلول على وقع التجاذبات العبثية وفي ظلّ آليات نظام عقيم ومترهّل أضاع العديد من الفرص (...) قرّرت أن أتقدّم باستقالتي من الحكومة".

ودعا البطريرك الماروني بشارة الراعي الأحد الحكومة التي قال إنها "باتت عاجزة عن النهوض بالبلاد" إلى الاستقالة.

كما استقال منذ الأربعاء سبعة نواب من البرلمان.

وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد أعلن في وقت سابق عن جلسات مفتوحة للمجلس النيابي ابتداء من الخميس "لمناقشة الحكومة عن الجريمة المتمادية التي لحقت بالعاصمة والشعب وتجاهلها".

واسفر انفجار مرفأ بيروت الثلاثاء عن تدمير المرفأ ودمار هائل في محيطه، كما عن مقتل أكثر من 158 شخصاً وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين، وتحدثت وزارة الصحة عن وجود 21 مفقوداً.

وبعد أيام من العمل المتواصل، أعلن الجيش اللبناني الأحد أن الأمل بات ضئيلاً بالعثور على أحياء تحت أنقاض المرفأ المدمر.

لب
لبنان حنزف في انتظار تحديد المسؤولين

وعلى وقع التحركات الغاضبة في الشارع، دعا دياب السبت إلى اجراء انتخابات نيابية مبكرة لامتصاص الغليان الشعبي. وأمهل الأطراف السياسيين مدة "شهرين حتى يتفقوا".

وبينما كانوا يتابعون بعجز الانهيار الاقتصادي المتسارع في بلدهم ويعيشون تبعات الوضع الهشّ الذي أضيف إليه تفشي كوفيد-19، أتى انفجار مرفأ بيروت ليشكل أكبر كوارث اللبنانيين.

ومنذ 17 تشرين الأول/أكتوبر، نزل مئات الآلاف إلى الشوارع ناقمين على الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد ويحمّلونها مسؤولية الأزمات المتلاحقة التي أنهكتهم. واستقالت حكومة سعد الحريري على وقع غضب الشارع.

إلا أن وتيرة التحركات تراجعت تدريجاً بعد تشكيل حكومة دياب ومن ثم انتشار وباء كوفيد-19، قبل أن يعيد انفجار مرفأ بيروت اللبنانيون إلى الشارع.

وعلى جدار مطل على مرفأ بيروت، كتب أحدهم بخط عريض "حكومتي قامت بذلك".

وكان المئات توافدوا الأحد إلى وسط بيروت بعد دعوات حملت شعارات "علقوا المشانق لأن غضبنا لا ينتهي بيوم واحد".

ويطالب المتظاهرون بمعاقبة المسؤولين عن الانفجار ورحيل الطبقة السياسية واستقالة الحكومة الحالية، التي تشكلت بداية العام الحالي من اختصاصيين سمتهم أحزاب سياسية.

ولا يفرق المتظاهرون بين الأحزاب الموالية للحكومة أو المعارضة لها، إذ انهم ينتمون بالنسبة لهم إلى الطبقة السياسية ذاتها التي تتحكم بالبلاد منذ عقود. ورددوا شعارات عدّة بينها "الشعب يريد اسقاط النظام" و"انتقام انتقام حتى يسقط النظام" و"كلن يعني كلن" في إشارة إلى الطبقة السياسية برمتها.

واقتحم عشرات المحتجين السبت وزارات عدة بينها الخارجية والاقتصاد والطاقة كما مقر جمعية المصارف، قبل أن تخرجهم القوى الأمنية والجيش.

وأسفرت المواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية السبت عن إصابة 65 شخصاً جرى نقلهم إلى المستشفيات، وفق حصيلة للصليب الأحمر اللبناني.

وأوقفت السلطات أكثر من عشرين شخصاً على ذمّة التحقيق بينهم مسؤولون في المرفأ والجمارك ومهندسون. وأفاد مصدر قضائي أنه سيتم أيضاً استجواب كبار قادة الأجهزة الأمنية في المرفأ.