انهيار قياسي للريال اليمني يعمق متاعب الجنوب ويهدد بـ'ثورة جياع'

الهبوط الحاد في قيمة العملة المحلية أمام الدولار يعني استمرار الزيادة في أسعار المواد الغذائية المرتفعة أصلا مما يفاقم أوضاع الناس السيئة بالفعل مع تضاءل قيمة مرتبات الموظفين إلى أدنى مستوى لها.
تدخلات الحكومة اليمنية لم تكبح انهيار الريال
رئيس الحكومة اليمنية يحذر من انهيار شامل على وقع انهيار الريال
معين عبدالملك يستعجل دعما دوليا وخليجيا مع انحدار الريال إلى هوة سحيقة

عدن - قال تجار ومتعاملون بشركات صرافة في عدن اليوم الأربعاء إن قيمة الريال اليمني تواصل التدهور المتسارع نحو أرقام قياسية جديدة في سوق الصرف المحلية مسجلة 1700 للدولار الواحد للمرة الأولى في تاريخ البلاد وسط تحذيرات من ثورة جياع.

ويأتي استمرار انهيار قيمة العملة على الرغم من الإجراءات وتدخلات الحكومة المعترف بها دوليا والبنك المركزي اليمني مؤخرا على قطاع الصرافة لوضع حد لتدهور العملة المحلية، فضلا عن بيع البنك المركزي في عدن 15 مليون دولار.

وقال البنك المركزي إنه باع 15 مليون دولار إلى البنوك التجارية والإسلامية في مزاد رابع عبر منصة إلكترونية يوم الأربعاء.

وبلغ سعر الصرف المعلن من البنك المركزي يوم الثلاثاء 1645 ريالا للدولار للشراء و 1651 للبيع.

وأكد المركزي اليمني على موقعه أن هذا السعر ناتج عن متوسطات أسعار السوق المحلية الموازية السوداء وأن أسعار الصرف معرضة للتغيير في أي لحظة دون سابق إشعار نتيجة لتقلبات سوق الصرف، مضيفا أنه سيواصل مزادات بيع العملة الأجنبية بشكل أسبوعي.

وبلغ إجمالي ما باعه البنك المركزي حتى الآن 51.909 مليون دولار، فيما كان يهدف إلى بيع 60 مليون دولار.

وهذا رابع تدخل للبنك المركزي اليمني لدعم سعر صرف العملة المحلية المنهارة مقابل الدولار وبقية العملات الأجنبية من خلال مزادات أسبوعية لبيع النقد الأجنبي من احتياطياته المتناقصة إلى البنوك، في محاولة لدعم العملة ومعالجة التضخم.

وحذر معين عبدالملك رئيس الوزراء اليمني من أن التأخير في الحصول على دعم خليجي ودولي عاجل سيؤدي إلى تقويض أي فرص للإصلاحات ويهدد بانهيار شامل في اليمن.

ونقلت وكالة الأنباء الحكومية عن رئيس الوزراء اليمني قوله "أي تأخير في الدعم الاقتصادي من شأنه أن يضاعف الكلفة"، مضيفا "هذه الحكومة تشكلت بموجب اتفاق الرياض وعلى أشقائنا وأصدقائنا تقديم الدعم العاجل والسريع كأحد استحقاقات الاتفاق".

وقال صيارفة ومتعاملون في عدن إن سعر الريال في السوق السوداء الموازية في جنوب وشرق اليمن سجل مساء الأربعاء انخفاضا غير مسبوق وهو الأدنى على الإطلاق ليصل إلى 1675 ريالا للدولار للشراء و1700 ريالا للبيع، مقارنة مع نحو 1581 ريالا للدولار يوم السبت بعد أن كان عند 1460 في منتصف الشهر الماضي، في أسوأ انهيار لقيمته في تاريخ البلاد ومنذ بدء الحرب قبل سبع سنوات.

وقال أحد الصيارفة بعدن إن هناك إقبالا شديدا من الناس والتجار على شراء العملات الأجنبية اليوم الأربعاء خاصة الدولار الأميركي والريال السعودي مما خلق أزمة خانقة في السوق في ظل عدم وجود السيولة اللازمة للعملة الصعبة.

وفي المقابل لا تزال أسعار صرف الريال في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي بشمال البلاد ثابتة عند 600 ريال للدولار وفقا لمصادر مصرفية.

وحررت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا سعر صرف الريال عام 2017 وأصدرت توجيهات للبنوك باستخدام سعر الريال الذي يحدده السوق بدلا من تثبيت سعر محدد.

وثمة بنكان مركزيان متنافسان أحدهما خاضع للحكومة المعترف بها دوليا في عدن والآخر لجماعة الحوثي في صنعاء.

ويقول خبراء اقتصاد ومال محليون إنه على الرغم من الإجراءات والتدخلات التي اتخذها البنك المركزي من أجل دعم العملة المحلية وتحسبا لانهيارها إلا أن تدخله الأخير ببيع النقد الأجنبي للبنوك منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي زاد من تدهور قيمة العملة لمستويات قياسية بدلا من تحسن قيمتها مما يهدد بانهيار العملة واندلاع ما وصفوه بثورة "جياع" في العاصمة عدن ومدن جنوب البلاد.

وقال مسئول اقتصادي حكومي "انهيار العملة المحلية أمام الدولار يعني استمرار الزيادة في أسعار المواد الغذائية المرتفعة أصلا مما يفاقم أوضاع الناس السيئة بالفعل مع تضاءل قيمة مرتبات الموظفين إلى أدنى مستوى لها مما يعمق الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي تعاني منها البلاد".