ايران تتوارى خلف مؤامرة خارجية لوأد حراك شعبي

خامنئي يظل حبيس نظرية المؤامرة في ردوده على الاحتجاجات المنددة بالأوضاع الاقتصادية بحديثه المستمر عن الاعداء وسط شكوك بان يكون تهديده للمتظاهرين ضوءا اخضر لارتكاب مزيد من الجرائم بحقهم.
ايران ترى في الآلاف التي خرجت تذمرا من التدهور الاقتصادي والاجتماعي مجرد أعداء يمكن قمعهم
استعداء إيران لشعبها تجاوز مجرد التهديد الى استعمال العنف المفرط ضد المحتجين
روحاني يدعم رواية الخميني بالحديث عن اعداء خارجيين

طهران - تواصل القيادة الإيرانية تبني نظرية المؤامرة في ما يتعلق بالاحتجاجات التي تشهدها البلاد رفضا للقرار الحكومي برفع اسعار البنزين وما تخفيه تلك الاحتجاجات من جبل جليد بين الشعب والنظام.
وعوض ان يفتح المسؤولون الإيرانيون بابا للحوار بينهم وبين المحتجين المنتمين في اغلبهم الى جيل من الشباب المتطلع للتغير والرافض للتدخلات السافرة في شؤون المنطقة تعمد طهران الى إطلاق عبارات التهديد والوعيد والتخوين لكل من يطالب بالحقوق.
وفي هذا الاطار أكد المرشد الأعلى لجمهورية إيران الإسلامية آية الله علي خامنئي الأربعاء أنه تم "دحر العدو" بعد أيام من التظاهرات التي تخللتها أعمال عنف، على أثر زيادة أسعار الوقود.
وقال خامنئي في خطاب بثه التلفزيون "دحرنا العدو خلال الأحداث الأمنية في الأيام الأخيرة"، مشيرا إلى أن ما حدث "خلال الأيام الاخيرة كان ممارسات أمنية وليست شعبية". وأكد "فرضنا التقهقر على العدو".

وفي تأييد رسمي للرواية التي طرحها خامنئي ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية أن الرئيس حسن روحاني أعلن الأربعاء انتصار الحكومة على الاضطرابات التي يتهم أعداء أجانب بإشعالها.
وقال روحاني في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء والتلفزيون الإيرانية على موقعها الإلكتروني "نجح الشعب الإيراني مرة أخرى في اختبار تاريخي وأظهر أنه لن يسمح للأعداء بالاستفادة من الوضع، رغم أنه ربما كانت لديه شكاوى بشأن إدارة البلاد".

الاحتجاجات في ايران
الاحتجاجات العفوية في اغلب مدن ايران رد فعل على فشل السياسات الاقتصادية للنظام

ويبدو ان خامنئي وبقية القيادة الإيرانية يرون في الآلاف التي خرجت تذمرا من التدهور الاقتصادي والاجتماعي مجرد أعداء يمكن قمعهم والتعامل معهم تعاملا امنيا صرفا.
وكان الزعيم الإيراني الأعلى أنحى الأحد باللائمة في الاضطرابات على أعداء إيران الخارجيين، ومنهم الولايات المتحدة، وندد بالمحتجين ووصفهم "بالبلطجية" دون ان يشير الى دور النظام وسياساته المتهورة وتدخله في المنطقة في الإضرار باقتصاد الشعب بسبب تشديد العقوبات الغربية خاصة الاميركية.

واستعداء إيران لشعبها تجاوز مجرد التصريحات والتهديد الى استعمال العنف المفرط ضد المحتجين حيث كشفت منظمة العفو الدولية الثلاثاء إن ما لا يقل عن 106 محتجين لاقوا حتفهم في 21 مدينة في إيران خلال المظاهرات التي تشهدها البلاد منذ الجمعة الماضي.
وأضافت المنظمة في بيان "تعتقد المنظمة أن العدد الحقيقي للقتلى قد يكون أعلى من ذلك بكثير حيث تشير بعض التقارير إلى مقتل نحو 200".
ويأتي خطاب علي خامنئي كضوء اخضر لارتكاب مزيد من الجرائم والانتهاكات بحق المحتجين وذلك بعد تهديدات من قيادات الحرس الثوري بإجراء حاسم يتوقع ان يكون دمويا على غرار ما حصل في مظاهرات شهدتها ايران قبل سنوات.
ولتسويق نظرية المؤامرة خارجيا أفادت وكالة مهر المقربة من النظام الايراني أن الأمن الإيراني تمكن من القاء القبض على ما أسماها "خلية من سبعة أجانب كانت تمارس عمليات تخريب في الممتلكات العامة وأضرمت النيران في خمسة بنوك".
ويظل التعامل الامني المتشدد هو السائد في ايران رغم الانتقادات والادانات الدولية لحجم العنف المرتكب ضد المحتجين.
وبدا من خلال تطور مسار الحراك الشعبي أن الإيرانيين كسروا حاجز الخوف بأن أحرقوا صورا لخامنئي وصورا للنظام القائم، فإلى وقت قريب كان يعتبر الخوض في مسائل تتعلق بالمرشد الأعلى في إيران وقراراته محظورا، لكن الاحتجاجات التي بدأت عفوية انتقلت شرارتها إلى مناهضة النظام الإيراني واتهامه بالفساد.

وأبدى مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قلقه العميق من استخدام قوات الأمن الإيرانية الذخيرة الحية ضد المتظاهرين، وحث السلطات على الحد من استخدام القوة لتفريق الاحتجاجات.
كما دعا المتحدث باسم المكتب روبرت كولفيل السلطات في إيران، إلى إعادة خدمة الإنترنت المقطوعة منذ السبت واحترام حق المتظاهرين في حرية التعبير والتجمع السلمي.
وقال في إفادة بجنيف إن "المكتب وصلته تقارير عن أن عدد القتلى في مظاهرات إيران بالعشرات"، مضيفا أن حجم الضحايا "خطير للغاية على نحو واضح".
وردا على العنف الذي تسلطه القوات الإيرانية في التعامل نع المحتجين، أعربت الاثنين الخارجية الفرنسية عن أسفها لمقتل عدد من المحتجين، مذكرة بضرورة "احترام حق التظاهر السلمي والحرية".
كما دعت برلين إيران إلى احترام التظاهرات "المشروعة" ضد ارتفاع أسعار البنزين، وفتح حوار مع المتظاهرين.
وقالت اولريك ديمر المتحدثة باسم المستشارة انغيلا ميركل "انه أمر مشروع ويستحق احترامنا، أن يعبر الناس بشجاعة عن مظالمهم الاقتصادية والسياسية كما يحدث حالياً في ايران".
وأضافت "على الحكومة الإيرانية الاستجابة للاحتجاجات الحالية بإبداء الاستعداد للدخول في حوار".