ايطاليا تؤجج التوتر مع فرنسا بدعم صريح للاحتجاجات

الحكومة الشعبوية الإيطالية تدعو السترات الصفراء للصمود ومواصلة حراكها ضد "رئيس يحكم ضدّ شعبه"، في إشارة إلى الرئيس الفرنسي الذي تتهمه روما بـ"الغطرسة".
فرنسا تعتزم تقديم تشريع لتشديد العقوبات حول الاحتجاجات
نذر أزمة دبلوماسية بين إيطاليا وفرنسا
باريس وروما على خلافات عميقة بسبب الهجرة وصراع النفوذ في ليبيا
حركة خمس نجوم مستعدة لتقديم المساعدة لحركة السترات الصفراء
لويجي دي مايو يدعو السترات الصفراء لقلب المعادلة السياسية في فرنسا
دي مايو ينظّر لولادة أوروبا السترات الصفراء

روما - أعلنت الحكومة الشعبوية الايطالية الاثنين دعمها لحراك السترات الصفراء الاحتجاجية في فرنسا، في حين دعا أحد الوزراء الرئيسيين فيها المتظاهرين إلى عدم التراجع.

وكتب نائب رئيس الوزراء لويجي دي مايو زعيم حركة خمس نجوم على مدونة الحزب "السترات الصفراء، لا تضعفوا". وقال النائب الآخر لرئيس الوزراء ماتيو سالفيني رئيس حزب الرابطة (يمين متطرف) "أدعم المواطنين النزيهين الذين يحتجون ضد رئيس يحكم ضد شعبه"، لكنه أضاف أنه يدين "بحزم كامل" العنف الذي تخلل التظاهرات الأخيرة.

لكن دي مايو كان الأكثر حماسة، فبعد إدانته أعمال العنف عرض تقديم حركته المساعدة خصوصا عبر منصّتها الإلكترونية "روسو" من أجل "تنظيم أنشطة على الأرض" كما و"انتقاء مرشّحين" و"تحديد البرنامج الانتخابي" عبر نظام تصويت.

و"روسو" هي منصة تفاعلية على الانترنت تتيح للمنتسبين إلى حركة الخمس نجوم المشاركة في إعداد البرامج وصياغة التشريعات كما وانتقاء المرشّحين للانتخابات المحلية والوطنية.

وهي المنصة التي تم بواسطتها انتقاء المرشّحة للانتخابات البلدية فيرجينا راغي من بين نحو عشرة مرشّحين مغمورين لتمثيل الحركة، لتفوز بعدها في انتخابات 2016 وتتولى رئاسة بلدية روما.

لكن المنصة تواجه انتقادات في إيطاليا بسبب قلة الشفافية كما وخضوعها لشركة أنشأها أحد مؤسسي الحركة روبرتو كازاليغيو، منظّر الديموقراطية المباشرة المعادي للديموقراطية التمثيلية.

وكتب دي مايو "إنه نظام يلائم تحركا أفقيا وعفويا مثل تحرّككم وإذا أردتم استخدامه سيكون ذلك من دواعي سرورنا".

وتابع زعيم حركة الخمس نجوم أن "الحكومة الفرنسية كغيرها من الحكومات تسعى إلى تمثيل مصالح النخبة، أولئك الذين يتمتّعون بامتيازات أكثر من (تمثيل) مصالح الشعب".

وأضاف أن "حكومة (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون ليست على مستوى التطلّعات وتنتهج سياسات خطيرة ليس فقط بالنسبة للفرنسيين ولكن ايضا بالنسبة لأوروبا".

وتابع دي مايو "لقد توصّلنا في إيطاليا إلى قلب هذا التوجّه"، داعيا "السترات الصفراء" إلى القيام بالأمر نفسه.

وختم دي مايو الذي بدأ حملته للانتخابات الأوروبية المقررة في أيار/مايو "هناك أوروبا جديدة في طور الولادة هي أوروبا +السترات الصفراء+ والحركات (القومية) والديموقراطية المباشرة. إنها معركة قاسية يمكننا أن نخوضها معا"، داعيا السترات الصفراء" إلى "عدم الضعف".

ومن شأن دعم الحكومة الإيطالية للاحتجاجات في فرنسا أن تؤجج التوتر القائم أصلا مع باريس ومع الاتحاد الأوروبي.

وفرنسا على خلاف عميق مع الحكومة الشعبوية في ايطاليا وسبق أن لوزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء ماتيو سالفيني أن هاجم بشدّة الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون على خلفية أزمة اللجوء والهجرة غير الشرعية.

كما أن الحكومة الايطالية على خلاف عميق مع الاتحاد الأوروبي بسبب الموازنة وقضايا أخرى تتصدرها الهجرة.

وكان سالفيني قد اتهم فرنسا مرارا بالغطرسة ونعت رئيسها (ماكرون) بـ"الشرير بسبب الجدال الدائر بين روما وعدد من العواصم الأوروبية على خلفية استقبال المهاجرين القادمين إلى القارة الأوروبية.

وقال سالفيني في تصريحات سابقة "إذا كان رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان شريرا لأنه لم يستقبل مهاجرين، فإن ماكرون شرير أكثر منه بـ 15 ضعفا".

وانتقد سالفيني ما اعتبره عدم تعاون الدول الأوروبية في حماية الحدود الخارجية لوقف تدفق المهاجرين.

وأضاف أنه عندما يكون الاتحاد الأوروبي جادا في حماية حدوده بوسائل ملموسة، سنتمكن عندها من التفكير في إعادة التوزيع داخل حدوده.

وبرزت أيضا خلافات بين باريس وروما حول ليبيا حيث تتنافس الدولتان على النفوذ في المستعمرة الإيطالية السابقة.

وبدأت احتجاجات السترات الصفراء في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بمعارضة زيادة مقترحة في الضرائب على الوقود.

ومع تنامي الاحتجاجات اضطر الرئيس الفرنسي للتراجع عن الإجراءات التي اتخذها ضمن حزمة إصلاحات واسعة لا تلقى قبولا وعلى وقع تدني شعبية ماكرون إلى أدنى مستوياتها بعد 18 شهرا في الحكم.

ولم تهدأ الاحتجاجات على الرغم من إجراءات أعلنها ماكرون الذي اهتزت سلطته على وقع تلك المظاهرات التي لم يسبق أن شهدتها فرنسا.

وقال إدوار فيليب رئيس الوزراء الفرنسي اليوم الاثنين إن فرنسا تعتزم تقديم تشريع لتشديد العقوبات في ما يتعلق بالاحتجاجات غير المصرح بها وذلك ردا على المظاهرات العنيفة التي قادتها حركة السترات الصفراء.

وقال فيليب لمحطة تي.إف 1 التلفزيونية "نريد الحفاظ على حق التظاهر في فرنسا وعلينا معاقبة من ينتهك القانون".