باحث تونسي ينير الدرب نحو التربية المختصة والتأهيل

عثمان الجلاصي الشريف في كتاب جديد يعنى فيه بذوي الاحتياجات الخاصة.
ثقافة التربية المتصلة بذوي الاحتياجات الخاصة
مقاربات فيها البحث والحوار مع الأساتذة المختصين والطلبة 
جوانب تتصل بعلم النفس والتربية النفسية

تعددت إصدارات الشاعر والكاتب والإطار المختص في شؤون التربية المتصلة بذوي الاحتياجات الخاصة عثمان الجلاصي الشريف بين الشعر والنقد وكتب الاختصاص على غرار هذا المؤلف الأخير الذي صدر له هذه الأيام عن دار الشريف للنشر، ونعني الكتاب المختص في شؤون التربية المتصلة بذوي الاحتياجات الخاصة وعنوانه "في التربية المختصة والتأهيل"، وقد اجتهد الكاتب عثمان الشريف في الاشتغال عليه حيث تنوعت مصادره ومراجعه باعتباره عملا بحثيا متخصصا و دقيقا.
هذا الكتاب "في التربية المختصة والتأهيل" شمل محصلة تجارب وبحوث واعتماد عدد من الدراسات الجامعية فضلا عن الجوانب الميدانية وفق نمط علمي بغاية إدماج المعوقين بالنسبة لفاقدي البصر ومرضى الشلل الدماغي والقصور الذهني وغير ذلك من الإعاقات والإصابات والأمراض، وقد وظف عثمان الجلاصي الشريف خبراته في هذا المجال من حيث عمله بمراكز مختصة في هذه المجالات لفترة تقارب 35 سنة.
في هذا الإصدار الجديد يبرز المؤلف الشريف جانبا من قدراته التخصصية وعمله البحثي وهو الذي عرف بعدد من الكتب في الشعر والترجمة والدراسات الأدبية لعدد من الإصدارات الشعرية والأدبية لكتاب تونسيين خاصة، ويضاف إلى كل ذلك ما نشره بالصحف والمجلات التونسية من قصائد وكتابات نقدية وهو الذي كان عضو هيئة مديرة سابقة لاتحاد الكتاب التونسيين وكذلك بفرع مدينة بن عروس لاتحاد الكتاب حيث نشط ونسق عددا من الفعاليات الثقافية والأدبية، ونذكر هنا بالخصوص إشرافه على الندوة الكبرى والشهيرة في تاريخ اتحاد الكتاب والتي اهتمت بأدب الطفل وباشراف واختتام ثلاثة وزراء للتربية والثقافة والشباب والطفولة لتتمخض عن عدد من التوصيات والمقترحات.

كتاب مهم من حيث تخصصه في مجتمع يشهد تحولات مجتمعية وحقوقية وإنسانية ولعل وسائل الإعلام والمنابر والبرامج المتعددة تجد فيه مادة مهمة

هكذا هو الكاتب عثمان الذي يصل الثقافة والأدب بالتخصص المتعلق بالتربية والتأهيل حيث قام المؤلف الأخير الذي نحن بصدده على مقاربات فيها البحث والحوار مع الأساتذة المختصين والطلبة كذلك في جوانب تتصل بعلم النفس والتربية النفسية.
في الكتاب عودة إلى منطلقات وبدايات هذا الاهتمام التخصصي الذي يتقصد ذوي الاحتياجات الخاصة مشيرا إلى المعلم الشاب محمد الراجحي وتجربته في منتصف القرن الماضي ضمن قسم فاقدي البصر بمدرسة دار الجلد مرورا ببعث اتحاد للمكفوفين وصولا إلى إنشاء المدرسة المختصة ونقصد معهد النور للمكفوفين في سنة 1959.
الكتاب اهتم كذلك بدور الجمعيات في تونس ضمن هذه التخصصات فضلا عن الأولياء الذين كان لهم دور فاعل في الحرص على الإرتقاء بهذه الاهتمامات في سبيل ضمان الحضور والمشاركة للمعوقين ذوي الاحتياجات الخاصة في الحياة العامة والجوانب الحقوقية والمجتمعية الضامنة لكل ذلك منبها إلى ضرورة تنمية الوسائل والبنى الضرورية لمزيد النهوض بالعمل في هذا المجال الإنساني والاجتماعي مشيرا إلى الهنات والخلل لدى بعض المؤسسات التربية المختصة والتكوين مقدما عديد المقترحات في هذا الخصوص ومنها مثلا المراجعة ومزيد النظر في الزمن المدرسي وفق طاقة التلميذ على التركيز.
وركز الكاتب الباحث في هذا العمل كذلك على دور محوري في هذه العملية التربوية التأهيلية ويخص الأولياء من ذلك القيام ببعض الأنشطة مع الطفل في البيت فضلا عن الاكتشاف المبكر للإعاقة. واهتم كذلك بآليات الإدماج للمعاقين مستعرضا عددا من الأمثلة.
كتاب مهم من حيث تخصصه في مجتمع يشهد تحولات مجتمعية وحقوقية وإنسانية ولعل وسائل الإعلام والمنابر والبرامج المتعددة تجد فيه مادة مهمة تنير بها العائلات والمجتمع عموما للانتباه إلى أهمية العملية التربوية التأهيلية التي يطرحها في سياق تنمية الوعي والنهوض بظروف وواقع هذه الفئات الاجتماعية.