بايدن رئيسا انتقاليا في سيناريو غير مستبعد

الرئيس الأميركي المنتخب صاحب الخبرة السياسية الطويلة والذي سيكون أحد أكبر رؤساء الولايات المتحدة، ألمح خلال الحملة الانتخابية إلى أنه سيكون مرشحا انتقاليا، في إشارة إلى رغبة في طي صفحة حكم ترامب.
ترامب يواصل معركة الطعون قبل شهرين من تسليم السلطة
بايدن سيكون أكبر الرؤساء الأميركيين سنّا في تاريخ الولايات المتحدة
في التاريخ الأميركي أحجم عدد قليل جدا من الرؤساء عن الترشح لولاية ثانية

واشنطن - هل سيكون جو بايدن الذي أُعلن فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة رئيسا لولاية واحدة، حيث يحتفل يوم الجمعة بعيد ميلاده الثامن والسبعين وسيكون عمره مع انتهاء الولاية الأولى 82 سنة وفي حال ترشح وفاز بولاية رئاسية ثانية سيكون عمره 86 سنة.

سؤال بات يتردد في الولايات المتحدة مع استمرار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب في معاركه القانونية للطعن في نتائج الانتخابات ومن المقرر أن يعقد فريق محاميه مؤتمر صحفيا اليوم الخميس.

ويعتبر بايدن أكبر الرؤساء الأميركيين سنّا وسيتولى منصبه بعد شهرين، فيما تنتظره تركة ثقيلة من الملفات والخلافات العالقة بين الولايات المتحدة وعدد مهم من شركائها وحلفائها وأزمة صحية هي الأسوأ على الإطلاق بسبب جائحة كورونا وهي كلها ملفات تحتاج إلى حضور ذهني وجسدي.  

وطوال حملته في مواجهة دونالد ترامب، بقي بايدن الذي وصفه رئيسه السابق باراك أوباما بأنه "أسد التاريخ الأميركي" وعن عمد متحفظا في الإفصاح عن خططه المستقبلية.

وعندما سئل من قبل 'إي بي سي نيوز' في أغسطس/اب عما إذا كانت فكرة تولي الرئاسة لمدة ثماني سنوات مطروحة بالنسبة له، أجاب بايدن "بالتأكيد".

لكن قبل ذلك في أبريل/نيسان وخلال فعالية لجمع التبرعات، أخبر المانحين أنه يعتبر نفسه "مرشحا انتقاليا" وهي عبارة لفتت الانتباه وأثارت تكهنات.

فهل كان يحاول أن يقول إنه الأفضل لطي صفحة مرحلة ترامب، لما يحمله من خبرة سياسية ممتدة لعقود ونظرا لطبيعته المتعاطفة على أن يسلم بعد ذلك الراية إلى جيل جديد من الديمقراطيين في العام 2024؟ أم أنه كان يتحدث ببساطة عن الانتقال بمعناه الأوسع، من دون أن يقصد الحديث عن أي نظرة مستقبلية؟

وغني عن البيان أن العديد من وجوه الحزب الجديدة واللامعة لم تكن قد جاءت بعد للحياة عندما انتُخب بايدن للمرة الأولى عضوا في مجلس الشيوخ الأميركي في 1972.

وبعد أيام قليلة من ضمان فوزه بالرئاسة أمام ترامب، أعربت فاليري شقيقة بايدن التي لعبت دورا رئيسيا في حياته السياسية، لكنها ظلت عموما بعيدة عن الأضواء، عن ثقتها في أنه سيسعى لإعادة انتخابه.

فماذا كان يقصد بقوله إنه "مرشح انتقالي"؟

وقالت فاليري لبرنامج 'أكسيوس' إنه "انتقالي لأنه يجلب كل هؤلاء الشباب ويعيد جمعنا فلا نكون دولة منقسمة"، لكن قبل كل شيء، من الواضح أن بايدن يحاول الحفاظ على أقصى قدر من الرصيد السياسي للمضي قدما.

ولا يمكن لأحد أن يترشح للبيت الأبيض ويقول صراحة إنه يفعل ذلك لولاية واحدة، فهذا من شأنه أن يضعف موقفه ويفتح الباب بسرعة كبيرة وعلى نطاق واسع لمعركة خلافة شاملة داخل الحزب.

ويقول المؤرخ الرئاسي جوليان زيليزر الأستاذ في جامعة برينستن، إن بايدن لا يجني أي "قيمة" إن أوضح خططه في وقت مبكر جدا، مضيفا "في عصر الاستقطاب هذا، تحتاج إلى استخدام كل ما من شأنه أن يعزز موقفك بما في ذلك التهديد بإعادة الانتخاب لتحريك مشاريع القوانين".

وفي التاريخ الأميركي، أحجم عدد قليل جدا من الرؤساء عن الترشح لولاية ثانية، فخاض جيمس بولك الذي خدم من العام 1845 إلى العام 1849 حملته على أساس أنه لن يترشح مرة أخرى وقد أوفى بوعده، لكن السياسة في منتصف القرن التاسع عشر قلما تشبه السيرك الدائر في واشنطن حاليا.

والمثال الوحيد في تاريخ الولايات المتحدة الحديث هو ليندون جونسون الذي دخل البيت الأبيض في العام 1963 عندما اغتيل جون كينيدي.

وفاز جونسون بسهولة بفترة ولايته في انتخابات العام 1964 ضد الجمهوري باري غولد ووتر، لكن في مارس/آذار 1968، مع استياء الشعب الأميركي من حرب فيتنام وتحدي الديمقراطيين التقدميين له، قال إنه لن يترشح مرة أخرى. ويقول العديد من المراقبين إن جونسون انسحب لأنه كان يواجه هزيمة مؤكدة.

لكن قراره ترك البيت الأبيض بعد ست سنوات في السلطة كان بمثابة هزيمة سياسية، على حد تعبير مشرع ديمقراطي من موطنه تكساس.

وبالإضافة إلى التعطش للسلطة وهيبة المنصب، لماذا يتطلع القادة الأميركيون بشدة إلى البقاء لمدة ثماني سنوات؟

يقول زيليزر "الولاية الثانية تمنح الرئيس إحساسا بالشرعية. كما أنه الوقت المناسب لمتابعة مبادرات سياسية صعبة بدون ضغوط انتخابية".

ويعرف بايدن بالطبع أنه في موقف صعب، ففي خريف العام 2018، قبل أن يعلن حتى عن ترشحه للمرة الثالثة للرئاسة، اعترف أمام حشد خلال لقاء في ميشيغن أن إثارة موضوع عمره كانت "أمرا مشروعا تماما".

وقال "أظن أنه من المناسب تماما أن ينظر الناس إلي ويقولوا إذا كنت سأترشح للمنصب من جديد، حسنا، بالله عليك، فأنت عجوز".

وأضاف "حسنا من حيث عدد السنوات، أنا عجوز"، موضحا أنه يعتبر أن العمر مجرد رقم وأنه لا يزال ممتلئا طاقة ويتمتع بفكر ثاقب فهناك أمر واحد واضح: عندما يتولى منصبه في 20 يناير/كانون الثاني سيصغي خصوم بايدن الجمهوريين والطامعين بالمنصب في حزبه الديمقراطي بعناية إلى ما يقوله حول هذا الموضوع.

وسينتظرون أدنى تلميح لتقاعد محتمل من الرجل الذي سيصبح في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أول رئيس في المنصب يبلغ الثمانينات من عمره في التاريخ الأميركي.