بايدن يتولى مهامه مثقلا بتوترات وانقسامات فجرها ترامب

الرئيس المنتهية ولايته يغادر واشنطن وبايدن سيبدأ العمل مباشرة بعد إنهاء مراسم تعيينه على طي صفحة سلفه مواجها ملفات شائكة يسعى لتجاوزها لترقيع ثغرات خلفها ترامب بقرارات مخالفة لدبلوماسية أسلافه.
تهديد بوجود قنبلة بالمحكمة العليا ينغص مراسم تنصيب بايدن
ترامب يترك رسالة غامضة إلى بايدن قبل مغادرة البيت الأبيض
قادة العالم يرحبون بانتقال السلطة في الولايات المتحدة
ترامب يختتم ولايته بسيل من الفضائح وإجراءات عزل غير مسبوقة
بايدن يستهل مراسم تنصيبه رفقة أعضاء الكونغرس بحضور قداس في كنيسة بواشنطن
ترامب يغادر البيت الأبيض مشيدا بإنجازاته ومتمنيا عودة قريبة

واشنطن - أدى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مساء الأربعاء، رسميا اليمين الدستورية رئيسا للولايات المتحدة خلفا للرئيس المنتهية دونالد ترامب، متوليا قيادة بلده في أزمة غير مسبوقة، مثقلا بتركة ثقيلة من الانقسامات الداخلية والتوترات الخارجية التي فجرها سلفه.

وأدى بايدن القسم الرئاسي واضعا ويده على إنجيل توارثته أسرته لأكثر من قرن أمام رئيس المحكمة العليا جون روبرتس وتعهد "بالحفاظ على دستور الولايات المتحدة وحمايته".

وقبيل ذلك أخلت السلطات الأميركية الاربعاء مبنى المحكمة العليا في واشنطن بعد تلقي معلومات عن وجود قنبلة، وفق ما نقلته شبكة 'سي إن إن' عن مصدر مطلع، فيما تشهد العاصمة تعزيزا أمنيا أشبه بالاستعداد لحرب لتأمين مراسم تنصيب الرئيس الجديد

ويقع مبنى المحكمة العليا في شارع محاذي لمقر الكونغرس الأميركي حيث سيؤدي الرئيس المنتخب اليمين الدستورية.

كما أدت كامالا هاريس اليمين الدستورية إلى جانب بايدن نائبة له، خلفا لمايك بنس في مراسم تنصيب جرت في مبنى الكونغرس بحضور رؤساء سابقين، فيما تغيب عنها دونالد ترامب.

كامالا هاريس تدخل التاريخ كأول نائبة للرئيس الأميركي
كامالا هاريس تدخل التاريخ كأول نائبة للرئيس الأميركي

ورحبّ عدد من قادة العالم بانتقال السلطة الأربعاء في الولايات المتحدة حيث بإنهاء "حرب غير متحضرة" ليتولى السلطة في بلد يعاني من انقسامات سياسية عميقة واقتصاد في أزمة بسبب انتشار فيروس كورونا، داعا الأميركيين إلى الوحدة

وغادر الرئيس الأميركي المنتهية ولايته واشنطن صباح الأربعاء قبل ساعات من انتهاء ولايته الرئاسية وأداء بايدن اليمين، متحدثا بشكل مقتضب عن ولاية "رائعة امتدت على أربع سنوات" تمثل "شرف العمر" فيما حضر خلفه قداسا جمع ديمقراطيين وجمهوريين.

ويقع مبنى المحكمة العليا في شارع محاذي لمقر الكونغرس الأميركي حيث سيؤدي الرئيس المنتخب اليمين الدستورية.

وأقلعت المروحية الرئاسية 'مارين وان' وفيها دونالد وميلانيا ترامب بعيد الساعة 08:15 (13:15 ت غ) من حدائق البيت الأبيض متوجهة إلى منتجعه في مارالاغو بفلوريدا حيث سيبدأ حياته كرئيس سابق.

وقال ترامب قبل صعوده إلى الطائرة الرئاسية الأميركية للمرة الأخيرة متوجها إلى فلوريدا في قاعدة اندروز الجوية "كانت أربع سنوات رائعة"، مضيفا "أنجزنا الكثير معا"، و"سنعود بطريق أو بأخرى" ومن دون ان يسمي بايدن بالاسم، قال إنه يتمنى للإدارة الجديدة "حظا جيدا ونجاحا كبيرا".

ترامب داس على كل الأعراف فترة ولايته
ترامب داس على كل الأعراف فترة ولايته

وغادر الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة الذي داس على كل الأعراف خلال فترة ولايته، ورفض الاعتراف بهزيمته لأكثر من شهرين، من دون أن يلتقي خلفه.

لكن قبل مغادرته اختار احترام تقليد واحد وهو ترك رسالة لجو بايدن، لم يتم الكشف عن محتواها.

ومع أنه تمنى أخيرا حظا موفقا لبايدن في رسالة فيديو، فان الملياردير المتقلب لم يهنئ أبدا الرئيس المنتخب وهو أمر غير مسبوق منذ 150 عاما ولن يحضر تنصيبه في واشنطن الاربعاء.

في المقابل سيكون باراك أوباما وجورج بوش وبيل كلينتون في الصفوف الأمامية خلال حفل تنصيب الرئيس الديمقراطي المرتقب عند الساعة 12:00 بالتوقيت المحلي (17:00 ت غ) وسط انتشار كثيف للقوات الأمنية في العاصمة الفدرالية.

وسيبقى هذا اليوم مشهودًا في الولايات المتحدة خصوصا مع تولي امرأة منصب نائب الرئيس للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة. وكامالا هاريس (56 عاما) هي أول امرأة سوداء من أصول هندية تتولى هذا المنصب.

في ختام ولاية شهدت سيلا من الفضائح واجراءات "عزل" لمرتين، يغادر ترامب السلطة والتأييد الشعبي له في أدنى مستوياته ومقطوعا عن قسم من معسكره الذي روعه مشهد اقتحام الكونغرس من قبل أنصاره في 6 يناير/كانون الثاني.

رؤساء سابقين يحضرون مراسم تنصيب بايدن في غياب الرئيس ترامب
رؤساء سابقين يحضرون مراسم تنصيب بايدن في غياب الرئيس ترامب

فارق كبير

يعتزم جو بايدن الذي يتولى الرئاسة وهو في سن 78 عاما بعد نصف قرن من الحياة السياسية، أن يبرز اعتبارا من اليوم الأول الفارق الكبير - في الجوهر كما في الشكل - مع رجل الأعمال النيويوركي السابق.

حضر بايدن في خطوة رمزية لـ"المصالحة" و"الوحدة" اللتين ينوي تحقيقهما، صباح الأربعاء فيما كان سلفه متوجها إلى فلوريدا، قداسا في كاتدرائية سانت ماتيو في واشنطن برفقة مسؤولين ديمقراطيين وجمهوريين في الكونغرس وكتب على تويتر "إنه يوم جديد في الولايات المتحدة".

وقال بايدن مساء الثلاثاء "ليس لدينا أي ثانية نضيعها أمام الأزمات التي نواجهها كأمة".

فاعتبارا من الأربعاء سيصدر 17 أمرا رئاسيا للعودة عن اجراءات اعتمدتها إدارة ترامب، وسيعمد خصوصا الى إعادة الولايات المتحدة الى اتفاقية باريس حول المناخ والى منظمة الصحة العالمية.

ومن أجل الحد من انتشار الوباء في الولايات المتحدة، سيوقع الرئيس مرسوما يجعل وضع الكمامة إلزاميا في المباني الفدرالية او من قبل الموظفين الفدراليين.

فمساء الثلاثاء وبعيد وصوله الى واشنطن وجه تحية لضحايا كوفيد-19 مع احياء ذكرى 400 ألف أميركي حصد الوباء أرواحهم، في تناقض صارخ مع موقف ترامب الذي عمد منذ أشهر الى التقليل من أهمية أثر الوباء.

وقال في كلمة مقتضبة إنّه "من أجل أن نُشفى، يجب أن نتذكّر. من الصعب أحياناً أن نتذكّر، لكن هذه هي الطريقة التي نُشفى بها".

وأضاف "لهذا السبب نحن هنا اليوم"، في حين أضيئت خلفه حول بركة الماء الضخمة الواقعة أسفل النصب في ساحة "ناشونال مول" 400 شمعة إحياءً لذكرى الأميركيين الـ400 ألف الذين راحوا ضحايا الفيروس الفتّاك.

وهذه هي المرة الأولى التي يضيء فيها الأميركيون بهذه الطريقة هذه البركة الشهيرة التي تجمّع حولها في العام 1963 آلاف الأشخاص للاستماع إلى مارتن لوثر كينغ وهو يلقي، من على درجات نُصب أبراهام لنكولن التذكاري، خطابه التاريخي "لديّ حلم".

عشرات آلاف الأعلام تقف بدل الحشود الغائبة في يوم استثائي لتنصيب بايدن
عشرات آلاف الأعلام تقف بدل الحشود الغائبة في يوم استثائي لتنصيب بايدن

لا حشود انما أعلام

يجري حفل تنصيب بايدن في أجواء خاصة تحت تأثير انتشار فيروس كورونا المستجد والصدمة التي خلفها اقتحام الكونغرس الذي أسفر عن خمسة قتلى.

إجراءات الأمن المحيطة بالحفل ستكون استثنائية. وسيتم نشر حوالي 25 ألف عنصر من الحرس الوطني وآلاف الشرطيين من كل انحاء البلاد.

بسبب عدم حضور الحشود التي تتدفق عادة في مثل هذا اليوم الى جادة "ناشونال مول" في واشنطن لرؤية الرئيس الجديد، فان بايدن سيقف أمام أكثر من 190 ألف علم أميركي نصبت لتمثيل المواطنين الغائبين.

ونصبت حواجز وأسلاك شائكة لحماية "المنطقة الحمراء" الواقعة بين تلة الكابيتول والبيت الابيض.

في الانتظار بدأت عملية تثبيت الوزراء الذين اختارهم الرئيس المنتخب الثلاثاء في مجلس الشيوخ لكي تبدأ الحكومة عملها في أسرع ما يمكن في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجهها أميركا.

قبل ساعات على مغادرته واشنطن، أصدر ترامب عفوا عن 73 شخصا أحدهم مستشاره السابق ستيف بانون.

على الصعيد الدبلوماسي وعد أنتوني بلينكن الذي اختاره بايدن لتولي منصب وزير الخارجية بإعادة إحياء تحالفات الولايات المتحدة والعودة الى العمل المتعدد الأطراف.

لكن بلينكن قال إن دونالد ترامب "كان محقا" في اتخاذ "موقف أكثر حزماً تجاه الصين" غير أنه أكد أنه "يخالفه" بشأن استراتيجيته "حول عدد من النقاط".

من جهتها اعتبرت المرشحة لمنصب وزيرة الخزانة جانيت يلين ان إدارة بايدن ستستخدم كل الأدوات المتاحة لمواجهة "ممارسات الصين غير العادلة وغير القانونية" التي تقوض الاقتصاد الأميركي.

لم تتأخر ردود الفعل الدولية على انتهاء ولاية ترامب، حيث رحب قادة الاتحاد الاوروبي بوصول صديق لأوروبا الى الرئاسة في الولايات المتحدة.

وأعرب الرئيس الإيراني حسن روحاني عن ارتياحه لنهاية عهد "الطاغية"، في إشارة الى ترامب الذي اعتمد سياسة "ضغوط قصوى" حيال الجمهورية الإسلامية.

وأكد حلف شمال الأطلسي أنه يتطلع للعمل مع بايدن لتعزيز الروابط بين أوروبا وواشنطن.

كما أعرب الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير عن "ارتياحه الكبير" لانتقال السلطة في الولايات المتحدة فيما قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون انه يتطلع "للعمل من كثب" مع بايدن.