برلمان أوروبا ينتبه متأخرا إلى القمع والاعتقالات في الجزائر

الجزائر تشهد تزايدا لافتا لوتيرة القمع والاعتقالات لكثير من المحتجين الرافضين للانتخابات الرئاسية المقررة في ديسمبر.

البرلمان الأوربي يدين الاعتقالات 'التعسفية' في الجزائر
موغيريني تؤكد التزام الاتحاد الأوروبي باحترام قرار الجزائريين
مناخ من التهريب يسود الجزائر مع اقتراب الانتخابات الرئاسية
مواجهات ليلية بين الشرطة ومحتجين جزائريين

ستراسبورغ (فرنسا) - أدان البرلمان الأوروبي اليوم الخميس ما وصفها بـ"الاعتقالات التعسفية" في الجزائر، داعيا الحكومة الانتقالية التي يرفضها الحراك الشعبي، إلى إيجاد حل للأزمة الحالية يرتكز على "عملية سياسية سلمية ومفتوحة".

ويفتقد القرار إلى القيمة الإلزامية وجرى التصويت عليه برفع الأيدي، لكن النواب الأوروبيين أدانوا بموجبه بـ"شدة الاعتقال التعسفي وغير القانوني والاحتجاز والتخويف والاعتداءات" على الصحافيين والنقابيين والناشطين في الدفاع عن حقوق الإنسان والمتظاهرين.

وأعلن النائب الأوروبي الفرنسي رافايل غلوكسمان الذي يقف وراء المقترح أنّه "حان الوقت لإظهار أننا متضامنون مع الجزائر".

وأعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني التزامها أمام النواب الأوروبيين بـ"احترام الاتحاد التام لسيادة واستقلال الجزائر". وقالت "يعود إلى الجزائريين، ولهم وحدهم الإقرار بشأن حاضر بلدهم ومستقبله".

البرلمان الأوروبي يتضامن مع المحتجين
البرلمان الأوروبي يتضامن مع المحتجين

ويسود الجزائر مناخ من التوتر مع انطلاق الحملة الانتخابية للاستحقاق الرئاسي المقرر في 12 ديسمبر/كانون الأول غذّته حملة قمع وتضييق على الحريات، وفق تقديرات منظمة العفو الدولية.

وعبرت المنظمة الدولية الأسبوع الماضي عن قلقها إزاء ما قالت إنه "مناخ قمع وتضييق على حريات التعبير" ميّز انطلاق الحملة الانتخابية لانتخابات الرئاسة.

وأثار تمسك السلطة المؤقتة وقيادة الجيش بإجراء الانتخابات الرئاسية في الموعد المعلن كحل للأزمة الراهنة، انقسامات في الشارع الجزائري بين مؤيد ومعارض.

ومنذ بدء الحملة الانتخابية الأحد الماضي شهدت التجمعات الانتخابية للمرشحين الخمسة لهذا الاستحقاق تشويشا من معارضين لتنظيم الاقتراع.

وتم توقيف عشرات الأشخاص حكم على بعضهم أثناء هذه الاجتماعات الانتخابية وأثناء تظاهرات احتجاج على تنظيم الانتخابات التي ترفضها قيادة حركة الاحتجاج، معتبرة أنها ستؤدي إلى إعادة إنتاج النظام الحاكم في الجزائر منذ استقلالها عن فرنسا في 1962.

وكان رئيس هيئة الأركان الجزائري الفريق أحمد قايد صالح أعلن الأربعاء أنّ الجزائر "لا تقبل أبدا أي تدخل أو املاءات من أي طرف مهما كان"، مستهدفا بذلك تصريحات لوزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لودريان وقرار البرلمان الأوروبي.

الجزائريون يرفضون انتخابات رئاسية تستنسخ نظام بوتفليقة
الجزائريون يرفضون انتخابات رئاسية تستنسخ نظام بوتفليقة

وبرغم استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في أبريل/نيسان بعد نحو 20 عاما على رأس السلطة، فإنّ الحراك يطالب برحيل شخصيات النظام ويرفض إجراء الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 12 ديسمبر/كانون الأول.

ويأتي قرار البرلمان الأوروبي غير الالزامي بينما قال سكان إن مشاجرات بالأيدي وقعت بين مجموعة من الشباب المحتجين على مرشح في الانتخابات الجزائرية والشرطة.

وأشارت إلى أن تلك التطورات حدثت في مدينة بشرق البلاد في وقت متأخر الليلة الماضية مع تنامي الضغوط بين النخبة الحاكمة وخصومها قبل الانتخابات الرئاسية.

وشهدت الجزائر هذا العام احتجاجات جماهيرية سلمية أسبوعيا أدت إلى استقالة بوتفليقة واستمرت في المطالبة بتنحي بقية القيادات من الحرس القديم.

وفي أغلب الأحوال تجنب المحتجون والشرطة العنف منذ بداية المظاهرات في فبراير/شباط.

ويعارض المحتجون الانتخابات الرامية لاختيار من يخلف بوتفليقة، معتبرين أنها لا يمكن أن تكون نزيهة ما دام حلفاؤه يحتفظون بمراكزهم في السلطة وإن الجيش يلعب دورا في الحياة السياسية.

دفع السلطة لاجراء الانتخابات الرئاسية يؤجج احتجاجات لم تهدأ منذ فبراير الماضي
دفع السلطة لاجراء الانتخابات الرئاسية يؤجج احتجاجات لم تهدأ منذ فبراير الماضي

ومنذ بداية الحملة الرسمية للدعاية الانتخابية في وقت سابق هذا الشهر اتسع نطاق الاحتجاجات ورافقتها كذلك عمليات اعتقال واسعة لعدد أكبر من المتظاهرين.

ويوم الأربعاء منع مئات المحتجين في البويرة الواقعة على مسافة 100 كيلومتر شرقي الجزائر العاصمة المرشح علي بن فليس من حضور اجتماع جماهيري.

وأحاط المحتجون بقاعة الاجتماع وهتفوا "لا انتخابات مع العصابة" في إشارة إلى القيادات الحاكمة وذلك قبل وقوع اشتباكات بالأيدي مع شرطة مكافحة الشغب.

وبن فليس رئيس حكومة أسبق وخاض في 2014 سباق الانتخابات الرئاسية في مواجهة مرشح السلطة حينها عبدالعزيز بوتفليقة. وانضم للمعارضة وانخرط في تكتلات سياسية وتحالفات.

وقال السكان إن محتجين أصيبوا في المواجهات مع الشرطة. وقال أحد السكان في البويرة "الهدوء يسود صباح اليوم (الخميس)"، مضيفا أن السلطات ألقت القبض على عدة محتجين لكن لم يصدر تأكيد رسمي لذلك من وزارة العدل.

وقد قال الجيش أقوى المؤسسات في البلاد، مرارا إن الانتخابات هي الحل الوحيد لإنهاء الأزمة في البلاد.

وتحتجز السلطات عشرات من كبار القيادات من عهد بوتفليقة في قضايا فساد من بينهم اثنان من رؤساء الوزراء السابقين و12 وزيرا واثنين من رؤساء جهاز المخابرات وقيادات عسكرية كبيرة. ووعدت وزارة العدل بأن تجري محاكمتهم يوم الاثنين القادم علنا.

وإذا كان الإقبال على التصويت في الانتخابات محدودا فسيعني ذلك أن الرئيس الجزائري القادم لن يتوفر له هامش يذكر للمناورة في إصلاح الاقتصاد وتنويع موارده بدلا من الاعتماد على النفط والغاز.

وقد أثّر انهيار سعر النفط منذ 2014 على الإيرادات البترولية السنوية التي تمثل عماد الاقتصاد إذ انخفضت بمقدار النصف من حوالي 60 مليار دولار إلى 30 مليار دولار.