برلين في حداد، زعيم أجنبي واحد يحضر جنازة غورباتشيف

يُظهر التكريم المحدود الذي خصّ به الروس آخر زعيم للاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشيف ضعف شعبيته في البلاد. ويرى كثيرون أنه ساهم في انهيار القوة السوفياتية العظمى التي كانت تتنافس مع أميركا والتي فتحت نهايتها المجال أمام عقد من الأزمات والعنف.

موسكو - يُظهر التكريم المحدود الذي خصّ به الروس آخر زعيم للاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشيف ضعف شعبيته في البلاد. ويرى كثيرون أنه ساهم في انهيار القوة السوفياتية العظمى التي كانت تتنافس مع أميركا والتي فتحت نهايتها المجال أمام عقد من الأزمات والعنف.
أما الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين، المنافس الأكبر لغورباتشيف، والذي حكم خلال السنوات الصعبة في تسعينات القرن الماضي وعيّن فلاديمير بوتين خلفا له في 1999، فقد تمّ تخصيص مراسم جنازة وطنية له عند وفاته في 2007.
آنذاك، حضر بوتين وغورباتشيف، جنازة يلتسين وأعلن يوم حداد وطني في البلاد بعد وفاته.
واليوم السبت، حضر مئات الروس لوداع غورباتشيف في مراسم جنازة محدودة لم يحضرها الرئيس فلاديمير بوتين ما يدل على إرثه المثير للجدل في روسيا.
توفي غورباتشيف مساء الثلاثاء "بعد صراع طويل مع مرض خطر"، حسب ما أفاد المستشفى التابع للرئاسة الروسية حيث كان يعالج.
ويحظى غورباتشيف الذي وصل إلى السلطة في 1985، باحترام كبير في الدول الغربية، فيما يأخذ عليه جزء من الروس مساهمته في انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 عند محاولته انقاذه مع إصلاحات ديموقراطية واقتصادية.
أدى انهيار الاتحاد السوفياتي الذي وصفه بوتين بانه "أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين" الى انتهاء الحرب الباردة.
رغم الإصلاحات الكبرى التي قام بها من أجل حرية التعبير، حمّله العديد من الروس مسؤولية انهيار قوة عظمى وسنوات من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تلت ذلك.
في دليل على هذا الأمر، لم يتم إعلان يوم حداد وطني كما ان الجنازة تنظم في ظل غياب بوتين الذي عزاه الكرملين الى "ارتباطات بالمواعيد".
اصطف مئات الروس صباحا أمام مجلس النقابات في موسكو حيث سجي جثمان غورباتشيف لالقاء نظرة الوداع كما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.
في الداخل، وضعت صورة للزعيم السابق الى جانب النعش المفتوح حيث جلست ابنته إيرينا.
وقف حارسا شرف على جانبي النعش فيما كان الزوار يضعون الزهور وينحنون احتراما امام النعيش.

الحاضر الوحيد
في إطار من التوتر الشديد بين روسيا والدول الغربية حول النزاع في أوكرانيا، لم يحضر أي زعيم أجنبي الى موسكو للمشاركة في الجنازة.
لكن تم في اللحظة الأخيرة الاعلان عن مجيء رئيس الوزراء المجري فيكتور اوربان المقرب من الكرملين ليكون الزعيم الاجنبي الوحيد الذي اعلن عن حضوره السبت. بحسب الرئاسة الروسية فانه ليس هناك أي لقاء مقرر بينه وبين بوتين.
مجلس النقابات الذي سجي فيه جثمان غورباتشيف هو مكان رمزي في العاصمة الروسية سجيت فيه جثامين عدة قادة شيوعيين مثل جوزف ستالين عام 1953.
بعد هذه المراسم، سيوارى الزعيم السوفياتي السابق الثرى في مقبرة نوفوديفيتشي الى جانب زوجته رايسا غورباتشيفا التي توفيت عام 1999 والتي كان قريبا جدا منها.
رغم أنه لن يحضر الجنازة السبت، توجه بوتين الخميس الى المستشفى المركزي في موسكو حيث توفي غورباتشيف ووضع باقة ورود قرب نعشه.
غداة وفاته وجه بوتين له أول تحية في رسالة تعزية. بلهجة حيادية، قال إن غورباتشيف "ترك تأثيرا كبيرا على تاريخ العالم" وكان "يجهد لعرض حلوله الخاصة للمشاكل".
وكانت العلاقات بين الرجلين معقدة وتتارجح بين علامات التقدير والمآخذ المتبادلة قبل أن تصبح لا مبالاة ودية.

ألمانيا في حداد
في المقابل فإن العواصم الغربية من واشنطن إلى برلين مروراً بباريس وروما وجهت تحية تقدير لذكرى غورباتشيف بسبب عمله على التقارب بين الغرب والشرق وخفض الترسانات النووية ما أدى الى منحه جائزة نوبل للسلام في 1990.
وأعلنت ألمانيا التي أتاح سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي إعادة توحيدها، أنه سيتم تنكيس الأعلام السبت في العاصمة.