بريطانيا تصنف حزب الله بالكامل 'إرهابيا' بعد سنوات من التردد

القرار البريطاني يأتي في سياق جهود دولية أوسع لتضييق الخناق المالي على أذرع إيران في الشرق الأوسط وضمن جهود لا تهدأ لتعقب شبكات حزب الله في العالم وتجفيف منابع تمويله.
بريطانيا كانت تفرق بين الجناحين العسكري والسياسي لحزب الله
إدراج حزب الله تحت قانون 'تجميد أصول الإرهاب' يحاصر أنشطة إيران
حزب الله يعاني ضائقة مالية مع انحسار التمويل الإيراني بفعل العقوبات

لندن - أدرجت الخزانة البريطانية حزب الله اللبناني بجناحيه السياسي والعسكري تحت قانون "تجميد أصول الإرهاب" الذي دخل حيز التنفيذ الجمعة، في خطوة تهدف لتجفيف منابع تمويل الجماعة الشيعية المدعومة من إيران وتضييق الخناق على انشطتها التي تصفها دول غربية تتقدمها الولايات المتحدة بأنها 'مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط'.

وأوضحت الخزانة البريطانية في بيان أنها أدرجت "اعتبارا من الخميس 16 يناير (كانون الثاني) حزب الله بالكامل بجناحيه السياسي والعسكري تحت قانون تجميد أصول الجماعات الإرهابية". ويعاقب القانون بمدة قد تصل إلى السجن 10 سنوات في حال الانتماء إلى حزب الله أو في حال الترويج له.

ومنذ مارس/اذار 2019 تم حظر أي نشاط لحزب الله في بريطانيا بشكل يتجاوز القرار السابق بشأن نشاطات جناحه العسكري ويرجع ذلك إلى "محاولاته لزعزعة استقرار الوضع الهش في الشرق الأوسط".

وأكدت وزارة المال البريطانية في قرارها أنّ هذا الحزب اللبناني "نفى علنا وبنفسه التفرقة بين جناحيه العسكري والسياسي"، مضيفة أن "المجموعة بأكملها معنية بالإرهاب وتم حظرها كمنظمة إرهابية في المملكة المتحدة في مارس 2019".

وتابعت "هذا يشمل الجناح العسكري والمجلس الجهادي وجميع الوحدات التابعة له بما في ذلك منظمة الأمن الخارجي".

وذكرت أن التغيير تقرر بعد المراجعة السنوية لسجل تجميد الأصول، ليتماشى مع قرار عام 2019 الصادر عن وزير الداخلية بإدراج حزب الله على القائمة السوداء، مضيفة أن "المملكة المتحدة تظل ملتزمة استقرار لبنان والمنطقة ونحن نواصل العمل من كثب مع شركائنا اللبنانيين".

وفي الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 2019، جرى حظر 75 تنظيما في المملكة المتحدة بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى حظر 14 جماعة مرتبطة بإيرلندا الشمالية.

وكانت الحكومة البريطانية تدرج الجناح المسلح فقط لحزب الله تحت هذا التصنيف بموجب قواعدها، فيما يأتي ادراج الحزب بجناحيه السياسي والعسكري تناغما مع دفع أميركي لتضييق الخناق على وكلاء إيران في المنطقة وحزب الله واحد من أهم الأذرع الإيرانية.

وسنت بريطانيا تشريعا في فبراير/شباط 2019 يعتبر الجناح العسكري لحزب الله "منظمة إرهابية" ولا يشمل ذلك التصنيف جناحه السياسي.

واطلع السفير البريطاني لدى لبنان كريس رامبلنيغ سليم جريصاتي وزير الدولة لشؤون الرئاسة على دخول قانون "تجميد أصول الإرهاب" حيز التنفيذ بعد انتهاء مفعول القانون القديم في هذا الخصوص.

وجاء ذلك في لقاء مع رامبلينغ بحث خلاله جريصاتي أيضا بمكتبة في القصر الجمهوري ، آخر المستجدات على صعيد تشكيل الحكومة.

وتأتي الخطوة البريطانية على وقع تحرك مكثف تقوده الولايات المتحدة لتجفيف منابع تمويل 'الإرهاب' وتحجيم ثقل ودور ميليشيات تعتبرها أذرعا لإيران في الشرق الأوسط.

وتتعقب واشنطن والعديد من حلفائها الأوروبيين شبكات واسعة ومعقدة يديرها حزب الله عبر العالم خاصة في أميركا اللاتينية تنشط في تبييض الأموال ومنها أموال تأتي من عائدات تجارة المخدرات.

والدفع نحو ادارج حزب الله بجناحيه السياسي والعسكري على قائمة الإرهاب وقائمة تجفيف أصول الإرهاب من شأنه أن يزيد الخناق المالي على الجماعة الشيعية الموالية لإيران والتي بدأت بالفعل تواجه متاعب مالية بعد انحسار التمويلات الإيرانية بفعل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها طهران والناجمة عن حزمة عقوبات أميركية مشددة.

دول أوروبية بينها ألمانيا على خطى واشنطن في انهاء الفصل بين جناحي حزب الله العسكري والسياسي والتعامل معه كتنظيم ارهابي

وبريطانيا ليست الدولة الأوروبية الوحيدة التي استجابت للدعوة الأميركية في ما يخص حزب الله، فقبل نهاية العام الماضي أقر البرلمان الألماني اقتراحا يحث فيه حكومة المستشارة أنغيلا ميركل على حظر جميع أنشطة الجماعة اللبنانية المدعومة على الأراضي الألمانية، مشيرا إلى ما وصفها بـ"أنشطته الإرهابية" خاصة في سوريا.

وأيد المحافظون من حزب ميركل الاقتراح إلى جانب الحزب الاجتماعي الديمقراطي المشارك في الائتلاف الحاكم وحزب الديمقراطيين الأحرار المعارض. والاقتراح غير ملزم لكنه سيزيد الضغوط على الحكومة لاتخاذ موقف.

ويدعو الاقتراح ألمانيا للتخلي عن سياساتها الراهنة التي تفرق بين الجناح السياسي والوحدات العسكرية لحزب الله التي قاتلت إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد.

وأشاد الاقتراح بجهود الحكومة في اتخاذ مواقف من أنصار حزب الله المشتبه في جمعهم المال لصالح الجماعة الشيعية في ألمانيا عن طريق منح الادعاء المزيد من سلطات التحقيق، لكنه قال إن هذه الإجراءات غير كافية.

وتحث الولايات المتحدة وإسرائيل الحكومة الألمانية على حظر أنشطة حزب الله بالكامل في رفض لمزاعم بأن جناحه العسكري وجناحه السياسي كيانان منفصلان.

ويأتي هذا الاقتراح بعد يومين من إعلان الخارجية الأميركية أن مجموعة تنسيق إنفاذ القانون المهتمة بمحاصرة أنشطة الجماعة اللبنانية عقدت اجتماعا هو الثامن في مقر وكالة تطبيق القانون الأوروبية ببروكسل الأسبوع الحالي.

بريطانيا تنهي الفصل في تصنيف حزب الله على قائمة الإرهاب بين جناحيه العسكري والسياسي
بريطانيا تنهي الفصل في تصنيف حزب الله على قائمة الإرهاب بين جناحيه العسكري والسياسي

وأكدت الخارجية الأميركية أن الادعاء والأجهزة المختصة في تطبيق القانون في دول من الشرق الأوسط وأميركا الجنوبية وأوروبا وإفريقيا وأميركا الشمالية ركزوا على ضرورة مواجهة الأجهزة المالية والتجارية التابعة للحزب.

وكانت جمهورية الكونغو الديمقراطية جمدت احتياطيا أصول رجل أعمال لبناني يملك مخبزا صناعيا ضخما في كينشاسا، تطبيقا لعقوبات وزارة الخازنة الأميركية التي تتّهمه بتمويل حزب الله.

وفرضت وزارة الخازنة الأميركية في 13 ديسمبر/كانون الأول عقوبات على اللبنانيَّين ناظم سعيد أحمد وصالح عاصي اللذين يملكان عددا من الشركات في الكونغو الديمقراطية واتّهمتهما بتمويل "أنشطة مجموعة حزب الله الإرهابية" بعشرات ملايين الدولارات.

وفي يوليو/تموز أعلنت واشنطن فرض عقوبات على سلمان رؤوف سلمان أحد قادة حزب الله اللبناني المشتبه في تنسيقه تفجير مقر جمعية يهودية أرجنتينية في بوينوس آيرس عام 1994 أسفر عن مقتل 85 شخصا وعرضت مبلغ سبعة ملايين دولار مكافأة لمن يدلي بمعلومات تقود إليه.

وتعد الولايات المتحدة حزب الله حركة "إرهابية" منذ العام 1997. ومنذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرئاسة زادت العقوبات الأميركية على الجماعة اللبنانية ومسانديها على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم.

وقال براين هوك الممثل الأميركي الخاص لإيران إن الولايات المتحدة "سعيدة للغاية" بالقرار، مضيفا أنها طالما سعت إلى هذه الخطوة لدى الحلفاء الأوروبيين.

وتابع للصحافيين في واشنطن "نود تهنئة المملكة المتحدة لا فرق بين ذراع حزب الله السياسية وذراعه العسكرية".

وتصنف إسرائيل والولايات المتحدة حزب الله تنظيما "إرهابيا"، في حين أنّ الاتحاد الأوروبي يشمل الجناح العسكري للحزب فقط بمثل هذا التصنيف.