بريكست يبهت كريسماس

أعضاء الحكومة البريطانية مصابون باكتئاب اسمه بريكست صار معروفا للعالم، ولا يجدون حلا لمخاوفهم إلا باحتساء المزيد من الكحول.
بريكست فوضى على حافة الجرف

تشبّه الصحافة البريطانية ما يعيشه “أفندية الوايتهول” كالأيام الأخيرة قبل سقوط الإمبراطورية الرومانية، فهم مصابون باكتئاب اسمه بريكست صار معروفا للعالم، ولا يجدون حلا لمخاوفهم إلا باحتساء المزيد من الكحول! بل إنهم لا يشعرون أن لديهم أي فرصة للاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة لهذا العام.

على مر التاريخ لم تخفت علاقة رجال السياسة بالكحول، ومازالت حانات وستمنستر مشرّعة الأبواب ولا أحد يفكر في إغلاقها لأي سبب كان، لكن إسراف أعضاء الحكومة والبرلمان البريطاني في شرب الكحول خلال العامين الماضيين يعزى إلى بريكست وحده ويخلو من أي متعة شراب.

لقد تم إنفاق مبالغ طائلة من أموال دافعي الضرائب على المشروبات الكحولية. واحتسى أعضاء البرلمان البريطاني هذا العام حوالي 4000 زجاجة نبيذ بزيادة 20 بالمئة عن عام 2016، وهو العام الذي تم فيه إجراء استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي ووصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

ويعزو باحثون في “كينجز كوليدج” هذه الزيادة في الشراب وتناول المهدئات ومضادات الاكتئاب إلى ضغوط بريكست، في تناقض صارخ مع انخفاض واسع النطاق في تعاطي أدوية الأمراض الأخرى.

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي نشر سمّا قاتلا في سياسة البلاد. ولا تزال هناك طريق لخروج منظم، إلا أنه لا توجد أي علامة حتى الآن على أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي ستسلك هذا الطريق. ما تفكر فيه تيريزا ماي هو ما يقود إلى كيفية تأجيل الكارثة، بدلا من تجنبها.

فبحلول الشهر الأول من العام الجديد سيكون الجميع متوترين، بمن فيهم أعضاء البرلمان المتمردون على فكرة الخروج. سيبدأ البريطانيون بتخزين الحاجيات الضرورية وستشرع الأسواق في بيع الجنيه الإسترليني.

لذلك يفترض أحد الصحافيين أن إحدى المزايا القليلة لـ”بريطانيا العالمية” الرافضة للأم الأوروبية ستكون فرصة لاستيراد المزيد من الكحول!

اليوم تتم عملية شرب الخمر لأعضاء البرلمان البريطاني بهدوء على طاولات ركنية في حانات وستمنستر، حيث يتبادل الأعضاء القيل والقال، التي لا تخلو من النكات القذرة ويتحسرون على حال العالم الذي كان يتخيل في يوم من الأيام أن بريطانيا هي النموذج السياسي المثالي الذي تتوق له البلدان، من كان يتخيل أن هذا النموذج يمكن أن يتغير في يوم ما، البريكست وحده!

من وجهة نظر فيليب ستيفنز الكاتب في صحيفة فايننشيال تايمز، فإن الخيارات قد تقلصت إلى خيارين. أحدهما هو الفوضى على حافة الجرف التي يسعى إليها أنصار خروج بريطانيا الميالون إلى المخاطرة. يجب على بريطانيا ببساطة الخروج من سجنها الأوروبي. حين تقول إن هذا قد يكون كارثة اقتصادية ستجد أمثال بوريس جونسون ببساطة يسدون آذانهم ويدندنون النشيد الوطني. “فلتذهب الأعمال إلى الجحيم”، كما يحب أن يقول وزير الخارجية السابق. الخيار الآخر هو منح الناخبين استفتاء ثانيا.

لكن حتى هذا الاستفتاء المحتمل، من غير المتوقع أن يقلل شرب الكحول ولا يعيد الكريسماس للبريطانيين.