بزوغ فكر كوكبي يعمل على تغيير العالم

ثورة غير مسبوقة في تطور وسائل الاتصال وشبكات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
الإعلام التفاعلي الجديد أحدث ثورة  عالمية جديدة في علم الاتصال
إلى أي مدى يمكن أن تؤثر شبكات التواصل الاجتماعي في تعزيز وحماية حقوق الإنسان؟
شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت إحدى العلامات البارزة في العصر الحديث

عمّان ـ شهدت السنوات القليلة الماضية ثورة غير مسبوقة في تطور وسائل الاتصال وشبكات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة Social Media  من فيس بوك Face Book ويوتيوب YouTube وتويتر Twitter   والينك اند link ind  وقد أحدث استخدام هذه الوسائل تغيراً واسعاً في نمط وشكل العلاقات الاجتماعية والعائلية والاقتصادية والسياسية بشكل عام وفي حقوق الإنسان بشكل خاص.
وفي الآونة الأخيرة لم تعد لغة الإنترنت والإعلام التفاعلي حكراً على مستخدميها، وانما اقتحمت  لغة الشارع  والخطاب اليومي  يرددها من سمع عنها في سياق يتباين تماماً مع الكيفية  التي كانت  تتداول به في السابق بمعنى؛ أن البعض كان  يشير إلى الإنترنت  وغرف الدردشة والتواصل مضيعة للوقت، وطريقة لتبادل الصور والأغاني، أما اليوم فقد دفع الوعي الجمعي المطالب بأهمية  التغيير السياسي وتحقيق العدالة والمساواة والكرامة إلى استخدام وسائل الإعلام التفاعلي لتعزيز الحراك المجتمعي الرامي إلى التغيير المنشود بتطبيق مبادئ حقوق الإنسان. وأضحت تلك الوسائل جزءاً لا يتجزأ  من الخطاب، بل من الحياة اليومية مثلما شهدنا في فترة الربيع العربي التي بلغت ذروتها في عام 2011.   
لقد منح الإعلام التفاعلي قيمة مضافة في الحياة السياسية وقرع جرس الإنذار لمنافسة الإعلام التقليدي، وأصبح سلاحاً فعالاً بأيدي رواده، وأثبت قدرته على صناعة الأحداث والتأثير في مجالات الحياة المختلفة.  
قد يتفق الكثير من العلماء والخبراء  الباحثين في  علم الاجتماع بشكل عام، وعلم اجتماع الاتصال بشكل خاص، على أن الإعلام التفاعلي الجديد، أحدث ثورة  عالمية جديدة في علم الاتصال، فقد  أصبح مصدراً للاتصال التفاعلي المباشر بالصوت والصورة من خلال الإنترنت والمحطات الفضائية والهواتف الخلوية التي باستطاعتها بث الصور والفيديوهات من قلب الحدث، متخطية بذلك جميع الحواجز والحدود التي كانت تحول دون التفاعل بين الناس من مختلف الثقافات، يضاف إلى ذلك، ما ساهمت به شبكات التواصل الاجتماعي، من تسهيل عملية تدفق المعلومات وتبادل الآراء والأفكار في المواضيع  كافة، سواء الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو التربوية.
لا جدال أن هنالك ارتباطاً عضوياً بين حقوق الإنسان وبين شبكات التواصل الاجتماعي يؤثر كل منها في الاخر ويتأثر به؛ فحقوق الإنسان المستقرة التي نصت عليها المعاهدات والقوانين الدولية والوطنية ليست موضع جدل أو نقاش  كون ان الكرامة والحرية هي الضمانة الحقيقة لصيانة حقوق الإنسان؛ وهي الضمانة الاكيدة  لتنمية الإنسان.  
أمام عن  دور الشبكات الاجتماعية في حقوق الإنسان وفي تعزيز  وحماية حقوق الأفراد والجماعات والدول والتي لا يمكن أحصاؤها؛  إذ عملت على نقل  حقوق الإنسان إلى آفاق غير مسبوقة وأعطت مستخدميها فرصا أكبر للتأثير والانتقال عبر اللاحدود بلا قيود ولا رقابة بشكل نسبي في كثير من الأحيان.
بمعنى آخر؛ ساهمت  شبكات التواصل الاجتماعي في تعزيز وحماية حقوق الإنسان؛ فالأول منهما يسعى إلى  كفالة حرية الحق في استخدام وسائل الإعلام التفاعلي في المعايير الدولية لحقوق الإنسان والقوانين الوطنية الناظمة له داخل الدول، والثاني يسعى إلى مساهمة وسائل الإعلام في نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان. 

شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت إحدى العلامات البارزة في العصر الحديث، وأحد أهم العوامل المؤثرة في التاثير بحقوق الإنسان، وإنها بمثابة انقلابة تقنية ضد وسائل التواصل التقليدية

يذكر أنه في عام 2011 أعلنت الأمم المتحدة في تقريرها السنوي   اعتبار الحق  في الحصول والوصول إلى المعلومات حق من حقوق الإنسان اذ اعتبرت أن مساحة الديمقراطية التي تتبناها الدولة تتحدد في سياق العلاقة العكسية بين السلطة ومساحة الحريات الممنوحة لأفرادها؛ من خلال رصد سياسات واستراتيجيات الدول التي تمنع تدفق المعلومات في شبكات الإعلام التفاعلي، وتأثير ذلك في حرية الرأي والتعبير والمجال العام الرقمي عموماً ويتجلى ذلك مع  مدى موائمة القوانين والتشريعات الوطنية المتعلقة بحرية الرأي والتعبير مع المعايير الدولية المصادق عليها. 
وفي ضوء تطورات الأحداث السياسية، فقد أصبح الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يتفوق على التواصل الشخصي، حيث إن لشبكات التواصل الاجتماعية خدمات عديدة لمستخدميها ممن لديهم اهتمامات متشابه سواء أكانوا زملاء دراسة أو عمل أو أصدقاء جدد، مثل المحادثة الفورية والرسائل الخاصة والبريد الإلكتروني والفيديو والتدوين ومشاركة الملفات قد أحدثت تغيراً كبيراً في كيفية الاتصال والمشاركة بين الأشخاص والمجتمعات وتبادل المعلومات. 
ويركز كتاب "سيسيولوجيا الشبكات الاجتماعية وحقوق الإنسان" للدكتورة فريال حجازي  العساف، على إبراز الدور الذي تقدمه شبكات التواصل الاجتماعي في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان وتفسير ذلك الدور من جهة نظر سيسيولوجية من خلال الإجابة عن عدة تساؤلات حول تأثير شبكات التواصل الاجتماعي في حقوق الإنسان من بينها: ما هي وجهة النظر  السيسيولوجية لدور  شبكات التواصل الاجتماعي في حقوق الإنسان؟ وإلى أي مدى يمكن أن تؤثر  شبكات التواصل الاجتماعي في تعزيز وحماية حقوق الإنسان؟ وكيف  كفلت المعايير الدولية الناظمة لحقوق الإنسان  حرية استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لروادها؟ وما هو  الدور  الذي  يمكن أن  تقدمه وتتأثر به شبكات التواصل الاجتماعي في حقوق الإنسان؟ وإلى أي مدى يمكن أن  تتوافر على صفحات هذه الشبكات المقومات والمعالم الأساسية التي تجعلها جديرة بمنافسة غيرها من صفحات والمواقع التقليدية  الأخرى في مجال حقوق الإنسان؟.. إلخ التساؤلات التي تكشف عن أن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت إحدى العلامات البارزة في العصر الحديث، وأحد أهم العوامل المؤثرة في التاثير بحقوق الإنسان، وإنها بمثابة انقلابة تقنية ضد وسائل التواصل التقليدية، حيث بدت آثار ممارسات هذه الشبكات تتبدى على قواعد حرية النشر والتعبير، وعلى الفكر الديمقراطي وحقوق الإنسان وغيرها من مفاهيم سياسية واجتماعية انتشرت وتكونت حولها الجماعات مستفيدة من سهولة استخدامها والمشاركة فيها دون خبرات تقنية أو تكاليف مادية يرى البعض أنها سوف تؤدي إلى بزوغ «فكر كوكبي» يعمل على تغيير العالم.