بعد حوادث البيجر واللاسلكي، هل يمكن أن تنفجر هواتفنا؟
بيروت - انفجرت أجهزة اتصال لاسلكية محمولة تستخدمها جماعة حزب الله المسلحة الأربعاء في جنوب لبنان في أدمى يوم منذ بدء القصف المتبادل عبر الحدود بين الجماعة اللبنانية وإسرائيل قبل ما يقرب من عام، بعد ساعات فقط من هجوم اول فجر الاف أجهزة البيجر، وهو ما نشر حالة من الذعر بين مستخدمي الهواتف في المنطقة وخارجها وطرح تساؤلات عن مدى أمن اجهزتنا.
واثارات التفجيرات التي يرجح ان يكون الموساد خلفها، العديد من التساؤلات حول كيفية حدوثها واحتمالية تكرارها مع أجهزة حديثة خاصة الهواتف الذكية والسماعات اللاسلكية وغيرها من الأجهزة التي نحملها في أيدينا طوال الوقت.
ونظرًا لانتشار الهواتف الذكية في كل مكان واعتمادها على بطاريات الليثيوم أيون، لا يُمكن استبعاد احتمال وقوع هجوم مماثل لانفجار "بيجر" باستخدام هذه الأجهزة، على الرغم من أن بعض العوامل تجعل مثل هذا الحدث صعبًا ومختلفًا.
بداية، تتّصل الهواتف الذكية بالإنترنت، ما يجعلها أكثر عرضة للاختراق السيبراني. وعلى مرّ السنوات، شهدنا أمثلة على قيام قراصنة بنشر برامج ضارّة عن بعد على الهواتف، لكن لا توجد حالات تمّ فيها استهداف الهواتف الذكية بتفجيرات.
كما عانت الهواتف الذكية من انفجار البطارية بسبب عيوب التصنيع، ما أدى إلى وفاة عدد من الأشخاص. لكن لا تُوجد تقارير مؤكدة عن اختراق هاتف ذكي عن بعد لإحداث انفجار.
ووفقًا لموقع "إنديا توداي"، فإنّه من الناحية النظرية، توفّر الهواتف الذكية نظرًا لبرامجها المُعقّدة واتصالها بالإنترنت وشبكة الاتصالات، المزيد من الفرص للتلاعب بها عن بعد، خاصة إذا كان من الممكن استغلال ثغرة أمنية في البرامج الثابتة للجهاز.
ومع ذلك، فإن تنفيذ مثل هذا الهجوم على نطاق واسع سيكون أكثر صعوبة بكثير بسبب الطبيعة واسعة النطاق والمتنوّعة لعلامات الهواتف الذكية ونماذجها وأنظمة برمجياتها.
كما تُضيف بروتوكولات الأمان المتنوّعة للهواتف الذكية الحديثة، طبقة أخرى من الحماية يصعب اختراقها بشكل جماعي.
ولا تنفجر الهواتف من تلقاء نفسها. وحتى لو تم التلاعب بها من قبل القراصنة لزيادة حرارة البطارية عن طريق تعديل التيار المتدفّق إليها. فعلى سبيل المثال، تقوم هواتف "أيفون" بقطع الشحن تلقائيًا إذا ارتفعت حرارة الهاتف.
بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الهواتف الذكية في الوقت الحاضر تقنيات تبريد متطوّرة تضمن تبديد أي حرارة متراكمة في الجهاز.
وغالبًا ما تستخدم الهواتف الذكية الحديثة تقنيات البخار وأنظمة تبريد الغرافيت التي تنشر الحرارة بالتساوي عبر الجهاز، باستخدام السائل الذي يتبخّر ويتكثّف لتبديد الحرارة، بينما تساعد طبقات الغرافيت في توصيل الحرارة بعيدًا عن المكوّنات المهمة مثل معالج الهاتف.
ومع ذلك، حتى في السيناريو الذي يتمّ فيه التلاعب بالهاتف الذكي لتسخينه، من المحتمل أنّ تنتفخ بطارية الليثيوم وتسرّب ما بداخلها، ما يؤدي إلى ذوبان الهاتف بدلًا من انفجارها.
وحتى في الحالات التي نقرأ فيها عن انفجار هاتف شخص ما، فإنّه يكون عبارة عن اشتعال الهاتف نتيجة حريق صغير، لكنّه لا ينفجر
ويرى خبراء ان بطارية الهاتف العادية لا تؤدي لمثل الانفجارات التي شهدتها لبنان، خاصة أن بطارية البيجر صغيرة جدا.
وأظهرت التقارير حتى الآن أن العملية التي استهدفت حزب الله لم تكن مجرد هجوم سيبراني بسيط، بل كانت عملية معقدة ومتعددة المراحل، إذ إن نظرية ارتفاع حرارة بطارية الليثيوم عن طريق إشارة لاسلكية لتنفجر بهذا الشكل أمر صعب للغاية وغير مقنع؛ لأن ارتفاع حرارة البطارية يؤدي إلى احتراقها فقط، وليس انفجارها، لذلك الأمر الأكثر منطقية هنا، هو تفخيخ الأجهزة بمواد متفجرة في مرحلة التصنيع.
ومن الناحية التقنية يصعب تفجير بطاريات الهواتف المحمولة أو أجهزة البيجر والأجهزة الذكية عن بُعد، إلا إذا تم التدخل في تصنيعها من خلال زرع مكونات أو دوائر إلكترونية تستخدم للتفجير عن بُعد، أما في حالتها المصنعية فيتم تصميمها وتصنيعها بمقاييس أمن وسلامة يتم التأكد منها واعتمادها وتجربتها لضمان سلامة استخدامها الآمن من قبل الأفراد.
وقال خبراء مستقلون في مجال الأمن السيبراني درسوا لقطات من الهجمات إنه من الواضح أن قوة وسرعة الانفجارات كانت ناجمة عن نوع من المواد المتفجرة.
لا أعتقد أن هذا اختراق أمني، جعل البطاريات تفعل أي شيء أكثر من الاحتراق أمر صعب للغاية
أكد ميكو هيبوينن، الخبير الأمني السيبراني في شركة WithSecure ومستشار الجرائم الإلكترونية في اليوروبول، أن هذه الأجهزة اللاسلكية لم تنفجر بفعل عطل تقني عادي أو اختراق سيبراني، بل خضعت لتعديلات متعمدة لتسبب انفجارات بهذا الحجم والقوة، وهذا يشير إلى عملية تخطيط دقيقة.
وقال روبرت جراهام، الخبير الأمني: “لا أعتقد أن هذا اختراق أمني، لأن جعل البطاريات تفعل أي شيء أكثر من الاحتراق أمر صعب للغاية وغير مقنع. والأكثر منطقية هو أن شخصًا ما رشى المصنع لإدخال مواد متفجرة”.
ولمقارنة هذه الحادثة بحوادث سابقة، يمكننا تذكر حادثة هاتف سامسونج (Galaxy Note 7)، التي وقعت في عام 2016، فبعد طرح الهاتف في الأسواق، بدأت تظهر تقارير عن انفجار بطاريات الهواتف بشكل عشوائي، مما أدى إلى حرائق بسيطة وإصابة بعص المستخدمين بحروق طفيفة.
ومع ذلك، عدد هذه الحوادث كان محدودًا ولم يحدث بشكل متزامن كما حدث في لبنان، علاوة على ذلك لم تنفجر البطارية وقتها كما حدث في لبنان بل احترقت فقط، وأقصى إصابة للمستخدمين كانت حروقًا طفيفة.
كيف تحمي بطاريتك من السخونة المفرطة
دائما ما ينوه خبراء تكولوجيا المعلومات إلى ضرورة تجنب تعريض الهاتف للحرارة أو تركه في الشمس، لتجنب ارتفاع حرارته وانفجاره.
يؤكد الخبراء أن اختيار كابلات وبطاريات عالية الجودة لشحن الهاتف المحمول، وتجنب الأنواع الرديئة المُنتشرة في الأسواق، والتي لا تستجيب للمواصفات ولا توفر العزل المُناسب، وتتسبب في ماس واشتعال الهاتف، أحد الأسباب الهامة التي تحمي الهاتف من الانفجار.
كذلك فإن تجنب تشغيل كثير من التطبيقات على الهاتف، وإغفال إغلاقها، ما يرفع حرارة الجهاز، خاصةً في الصيف، قد يحمي البطارية من التلف أو الانفجار.
وينصح خبراء تكنولوجيا المعلومات دائما بأهمية تفعيل عامل الحماية "Charging protection"، الموجود في أغلب الهواتف، لوقف الشحن تلقائياً، موضحين أن استمرار الشحن حتى بعد 100%، يجعل الخطر قائماً باستهلاك البطارية والتأثير عليها وتقصير عمرها.