بعد سوريا.. بوتين وأردوغان يستعدان لبحث الملف الليبي

الرئيس التركي ونظيره الروسي أجريا اتصالا هاتفيا اتفقا خلاله على بحث خطة تركية لتقديم دعم عسكري لحكومة الوفاق الليبية الشهر المقبل في تركيا.

موسكو - قال الكرملين اليوم الثلاثاء إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيبحث مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان خطة تركية لتقديم دعم عسكري لحكومة الوفاق الليبية وذلك خلال محادثات في تركيا الشهر المقبل، في توافق بين البلدين ينبئ بإعادة سيناريو شبيه لذلك الذي تم تنفيذه في سوريا.

ويوم السبت، أحالت تركيا إلى برلمانها اتفاقا ثنائيا مثيرا للجدل مع فائز السراج رئيس حكومة الوفاق، للتصديق عليه في خطوة تقرب احتمال إرسال مساعدات عسكرية للحكومة التي تتخذ من طرابلس مقرا لها.

والخميس الماضي، أطلق المشير خليفة حفتر إشارة الهجوم الحاسم للسيطرة على طرابلس بعد نحو تسعة أشهر من بدء عملية تحرير العاصمة من الميليشيات والمجموعات الإرهابية، وهي الخطوة التي جاءت حسب رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، استباقا لتدخل تركي لوح به أردوغان من شأنه تغيير موازين القوى لصالح الميليشيات التي تقهقرت بعد أشهر من المعارك.

وقالت تركيا إنها قد تقدم دعما عسكريا لحكومة السراج إذا طلبت منها ذلك، لكن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قال يوم السبت إن تركيا لم تتلق مثل هذا الطلب حتى الآن.

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين "روسيا.. تدعم أي جهود وأي دول (تعمل) بمفردها فيما يتعلق بإيجاد حلول للأزمة (الليبية)".

والأحد، التقى السراج بأردوغان في إسطنبول بحضور وزير الدفاع خلوصي أكار ة لمناقشة الاتفاقية التي تنص على أن طرابلس قد تطلب مركبات وعتادا وأسلحة لاستخدامها في العمليات البرية والبحرية والجوية. وتنص أيضا على تبادل جديد لمعلومات المخابرات.

ولم يكن الانخراط التركي في الأزمة الليبية حديثا، حيث سبق أن صادرت اليونان خلال السنوات الماضية شحنات أسلحة على متن سفن قادمة من أنقرة كانت متجهة إلى طرابلس، لكن هذا الدعم خرج إلى العلن في مايو الماضي عندما أكد أردوغان استعداده لمساعدة الميليشيات في التصدي للجيش.

وسبق للجيش الوطني الليبي أن كشف في عدة مناسبات عن تدميره لمخازن أسلحة ومدرعات وطائرات دون طيار أرسلتها تركيا إلى حكومة الوفاق في مطاري معيتيقة ومصراتة.

ويتعهد حفتر منذ أبريل الماضي بتخليص طرابلس من الجماعات المسلحة التي رسخت أقدامها في طرابلس بعد 2011، لكن الدعم الذي تقدمه تركيا من عتاد وأسلحة للميليشيات في العاصمة الليبية والمدن المحيطة بها أخّر تقدم الجيش الليبي بسبب تحصن المجموعات المسلحة بالمناطق الكثيفة بالسكان حول طرابلس.

وفي الأسابيع الأخيرة أحرزت قوات حفتر تقدما كبيرا حول المناطق المحيطة بطرابلس جعل تركيا تزل بكل ثقلها لمنع انهيار الميليشيات الإرهابية المساندة لحكومة الوفاق وتقديم الدعم للسراج سياسيا وعسكريا.

ويأتي التنسيق التركي مع روسيا حول الملف الليبي في وقت تستعد فيه العاصمة الألمانية برلين لاحتضان مؤتمر لبحث الأزمة وإيجاد حل سياسي بين الأطراف المتنازعة في البلد الذي يعيش فوضى منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في 2011.

وسبق وان حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من إعادة سيناريو سوريا في ليبيا مع تأزم الأوضاع في طرابلس، التي يسعى الجيش الوطني الليبي لاستعادتها من الميليشيات التي أصبحت تتحكم في حكومة السراج.

وقالت ميركل في سبتمبر الماضي إن "الوضع يتطور في ليبيا وقد يتخذ أبعاداً مثل التي شهدناها في سوريا... ومن الضروري أن نبذل كل ما بوسعنا لضمان عدم تصعيد الوضع إلى حرب بالوكالة وستقوم ألمانيا بدورها، محذرة من أن الوضع هناك ينذر بزعزعة استقرار أفريقيا بأسرها.

وفي وقت لاحق اليوم الثلاثاء، قالت الرئاسة التركية في بيان إن أردوغان وبوتين أجريا اتصالا هاتفيا ناقشا خلاله التطورات في ليبيا وسوريا والعلاقات الثنائية بين بلديهما والقضايا الإقليمية الأخرى.

ويسعى البرلمان الليبي، عبر رئيسه عقيلة صالح، إلى سحب الثقة من حكومة السراج التي أصبحت تحكتم إلى الميليشيات والدعم التركي الذي يضمن ديمومة وجودها في طرابلس.

وأدانت عدة دول الاتفاق بينها اليونان وقبرص ومصر لأنه يعطي أنقرة سيادة على مناطق شاسعة في شرق البحر المتوسط الغني بالموارد النفطية في خضم صراع على الاستكشافات النفطية والغازية في المنطقة.

وقام صالح بجولة إلى كل من مصر واليونان التي طردت السفير الليبي من أثينا على اثر الاتفاقية.

وأكد لرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن بلاده لن تسمح لأحد بالسيطرة على ليبيا في تصريحات نشرتها أكثر من صحيفة مصرية، وأشار فيها إلى أن السودان وليبيا "دول جوار" وأمنها في صميم الأمن القومي المصري.

وشدد السيسي على أن مصر لن تتخلى عن الجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر.

ميركل سبق وأن حذرت من إعادة سيناريو سوريا في ليبيا مع تأزم الأوضاع في طرابلس، التي يسعى الجيش الوطني الليبي لاستعادتها من الميليشيات