بغداد تختار الدبلوماسية لإنهاء التدخل التركي على الأراضي العراقية

تركيا تستخدم مسألة ملاحقة المقاتلين الأكراد كذريعة لبسط سيطرتها على مناطق شمال العراق وهو ما وتر العلاقات بين البلدين على مر السنوات الماضية.
لتركيا وجود عسكري في قاعدة بعشيقة عززته بدخول الموصل
أنقرة تسعى لاستنساخ الدور الإيراني عبر ميليشيا "الحشد الوطني"

بغداد - أفادت الحكومة العراقية اليوم الاثنين بأنها تسعى إلى إخراج القوات التركية من أراضيها بالوسائل الدبلوماسية، لتعود مسألة التجاوزات التركية في العراق إلى الواجهة من جديد.

وقالت وثيقة رسمية نشرت الاثنين بتوقيع الدكتور عبدالكريم هاشم مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي، إن "الحكومة العراقية تدرك أن تواجد القوات التركية على أراضيها يؤثر سلبا على أمن واستقرار البلدين، وهي تسعى إلى إنهاء التواجد التركي على أراضيها بالوسائل الدبلوماسية".

وأضافت الوثيقة أن "عدد قوات التحالف الدولي في العراق بلغ حتى شهر كانون أول/ديسمبر الماضي 8956 فردا منهم6132 من القوات الأميركية بصفة مستشارين ومدربين ودعم وإسناد جوي".

وذكرت الوثيقة، التي جاءت تفاصيلها بناء على طلب من النائب في البرلمان العراقي فالح حسن جاسم من كتلة السند الوطني، أن اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية نهاية عام 2008 لم تحدد مدة بقاء تلك القوات، لافتة إلى تنظيم الأنشطة خلال وجود القوات الأميركية في العراق بشكل مؤقت.

وتطالب كتل وتيارات شيعية ممثلة في البرلمان العراقي إلى إصدار قانون يتيح إخراج القوات الأجنبية من العراق الأمر الذي ترفضه التيارات السنية التي ترى أن الخطر لا يزال يحيط بالعراق من الجماعات الإرهابية.

وتأتي المساعي العراقية في وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع التركية، اليوم الاثنين، أنها كثفت حملتها العسكرية ضد المقاتلين الأكراد شمال البلاد.

وقالت الوزارة في بيان إن مقاتلات سلاح الجو شنت غرات على مواقع حزب العمال الكردستاني في منطقتي هاكورك أفاشين- باسيان شمالي العراق.
وأضاف البيان أن الغارة الجوية أسفرت عن تدمير مرابض أسلحة وملاجئ ومخابئ ومستودعات أسلحة للحزب المحظور في تركيا.

وذكرت الوزارة أن هذا التحرك جاء ردا على هجمات حزب العمال الكردستاني مساء السبت التي أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود في هكاري جراء قصف من شمالي العراق ومقتل رابع في تل رفعت شمالي سوريا.

أنقرة تكثف حملتها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني شمال العراق بعد مقل 3 من جنودها

وتأخذ تركيا مسألة ملاحقة المقاتلين الأكراد كذريعة لبسط سيطرتها على مناطق شمال العراق وهو ما وتر العلاقات بين البلدين على مر السنوات الماضية.

ولتركيا أصلا وجود عسكري في قاعدة بعشيقة، على بعد 25 كيلومترا من مدينة الموصل العراقية، وعزت أنقرة تواجدها إلى الحرب على داعش، بعد أن طالبتها الحكومة العراقية بالانسحاب منها في أكثر من مناسبة.

ونشرت القوات المسلحة التركية في ديسمبر/كانون الأول عام 2015، فوجا من 150 جنديًا و25 دبابة في بعشيقة في مهمة زعمت أنقرة أنها تهدف إلى تعزيز أفراد الجيش التركي الموجودين هناك، لتدريب قوات البيشمركة الكردية وميليشيا "الحشد الوطني"، وهو المعادل السني للحشد الشعبي الشيعي، بحجة تأهيلها للمشاركة في عملية استعادة الموصل من يد تنظيم الدولة الإسلامية.

وهي الخطوة التي اعتبرها مراقبون بمثابة استنساخ تركي للدور الإيراني في دعم الميليشيات الشيعية، وتريد من خلالها أنقرة توظيف معاناة سكان المناطق السنية لتوجد لنفسها موطئ قدم في العراق وسوريا المجاورة.

واستدعت وزارة الخارجية العراقية آنذاك، السفير التركي في بغداد، لإبلاغه الاحتجاج على الوجود العسكري التركي شمال البلاد، وفي خطوة تصعيدية أخرى، طالبت بتدخل مجلس الأمن الدولي لإيجاد حل لهذه المشكلة.

وتصاعدت حدة التوتر في مارس 2018 بين بغداد وأنقرة، عندما أعلنت الأخيرة إنها تسعى إلى إطلاق عملية عسكرية في شمال العراق من أجل "تطهيره من العناصر الكردية المسلحة".

ويصف العراقيون القوات التركية في شمال البلاد بأنها قوات "محتلة".

وكان النائب في مجلس النواب العراقي حسن سالم، قد طالب الجهات الحكومية العليا، بالضغط على وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال زيارته لبغداد منذ أسبوعين، من أجل سحب قوات بلاده من شمال العراق.

لكن تلك القمة التركية العراقية فشلت في حل مسألة الاستهداف العسكري التركي للأراضي العراقية، كما فشلت في إيجاد حل لأزمة المياه بين البلدين، أو التعاون التركي مع إقليم كردستان في مجال تصدير النفط الذي طالما مثلا أزمة بين بغداد وأنقرة.
وقال جاويش أوغلو إن الرئيس رجب طيب أردوغان سيزور العراق أواخر العام للمشاركة في اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين، في نسخته الرابعة.
وكان أردوغان أكد في يناير الماضي حين استقبل الرئيس العراقي برهم صالح في أنقرة، أن تركيا والعراق سيعززان تعاونهما في مكافحة الإرهاب.

لكن زيارة صالح إلى تركيا لم تسفر عن أي نتائج إيجابية ملموسة بخصوص تواجد القوات التركية في شمال العراق، حيث قال أردوغان حينها "إنه من المهم العمل سويا، حتى نتمكن من النجاح في حربنا ضد الإرهاب"، متعهدا بمواصلة القتال ضد حزب العمال الكردستاني المحظور، الذي ينشط في العراق ويشن عمليات ضد تركيا.