بماذا تحلم ماكينة الخياطة!

الكاتبة الإيطالية بيانكا بيتسورنو في رواية 'حلم ماكينة الخياطة'، تتذكر شخصية الخياطة المتواضعة في القرن التاسع عشر، والتي تستضيفها منازل الطبقات العليا لخياطة الفساتين في المناسبات المميزة.
يد حكيمة خبيرةٍ تقارن بين الخياطة والكتابة دون ابتذال أي منهما
بيانكا بيتسورنو تمثل أيقونة ورمزاً وعلامة تجارية مميزة
بيانكا بيتسورنو واحدة من أعظم الكتاب الإيطاليين

ميلانو (ايطاليا) - صدرت عن منشورات المتوسط في إيطاليا، رواية "حلم ماكينة الخياطة" للكاتبة الإيطالية ومعدة البرامج التلفزيونية الثقافية بيانكا بيتسورنو، الروائية التي كتبت عنها الناقدة ناديا تيرانوفا "بيانكا بيتسورنو واحدة من أعظم الكتاب الإيطاليين، ورواية 'حلم ماكينة الخياطة' رواية استثنائية، فلا يمكن سوى ليَدٍ حكيمةٍ خبيرةٍ أن تقارنَ بين الخياطة والكتابة دون ابتذال أيٍّ منهما". فيما أشاد الناقد الإيطالي لوكا أورسينيو بالعمل وصاحبته، قائلاً: "تمثّل بيانكا بيتسورنو أيقونة ورمزاً، وعلامة تجارية مميزة، وهي اليقين التام بأنك ستحظى بقراءة جذابة وممتعة. ورواية حلم ماكينة الخياطة تأكيدٌ جديدٌ على كلِّ هذا".
ترجمت الرواية عن الإيطالية المترجمة المصرية القديرة وفاء عبدالرءوف البيه، الأستاذة الجامعية والأكاديمية المتخصّصة في الأدب الإيطالي الحديث، والتي ترجمت أعمالاً عديدة، من مثل: "المسيح توقف عند إيبولي" لكارلو ليف، و"الكتب الممنوعة" لماريو إنفليزي، وحديثاً: رواية "أنطونيو الجميل" لڨيتالينو برانكاتي، الصادرة عن المتوسّط 2020.
في رواية "حُلْم ماكينة الخياطة"، تتذكَّر الكاتبةُ شخصية الخَيَّاطَة المُتواضِعَة في القرن التاسع عشر، والتي تستضيفها منازلُ الطبقات العليا لخياطة الفساتين في المناسبات المميزة. تراقبُ بطلة الرواية الجريئة والشابة من هذا الموضع المُتميّز حيوات الطبقة الأرستقراطية البليدة والمنافِقة في مقاطعة سردينيا. وما تلبث أن تتقاطع قصّتُها مع قصص العائلات التي تعمل لديها: إستر، الماركيزة المثقّفة والمستقلّة التي تُعلّمها القراءة؛ البارون الطاغية، التي يتعيّن عليها الدفاع عن نفسها أمام محاولاته، وبنات كاتب العدل اللواتي يشترين الحرير من ورشةٍ في باريس. تكتشف الخيّاطة الصغيرة على الفور أن بإمكانها الاطلاع على جميع الأسرار الخفية لتلك العائلات، ولكن هذه الفتاة البسيطة سيأتيها في النهاية يومٌ تعيش فيه دورَ البطولة أيضاً.
ونقرأ من مقدِّمة الرواية
أنا، أيضاً، خَيَّاطَة مُتواضِعَة، أَحِيْكُ الثياب منذُ صباي...هكذا أجابتْ بيانكا بيتسورنو، مُؤلِّفة هذه الرواية، مرَّاتٍ عدَّةً عندما سُئِلَتْ عن شخصية بَطَلتِها الحقيقيَّة، لتستدعيَ إلى الذِّهن عبارة مونيشا باسباثي، أُستاذة علْم النَّفْس التَّنْمَوِيّ في جامعة يوتا: أعتقدُ أن جميع البالغينَ الطَّبيعيِّيْن السِّلْمِيِّيْن يشتركون في قُدرتهم على تكوين قصَّة حياة. يمكنهم جميعاً جَمْع الأجزاءِ، وتكوينها كي نحظى بعلاقاتٍ، علينا جميعاً أن نحكيَ أجزاءَ من قصَّتنا. من الصعب أن تكونَ إنساناً، وتنخرط في علاقاتٍ دون أن يكون لكَ نسخة من قصَّةٍ حياتيَّة، تطفو حولكَ. وقد أَبَتْ بيتسورنو، منذُ البداية، أن تتركَنا نتساءلُ حولَ مدى حقيقيَّة الأحداث والأشخاص، فاستهلَّتْ روايتَهَا بمُفْتَتَحٍ، يبدو تقليديَّاً، لكنه يُحدِّد، بوُضُوحٍ، الخطَّ الفاصل بين واقعيَّة الأحداث وخياليَّتها: القصص والشَّخصيَّات الواردة في هذا الكتاب خيالية. لكنّ كلّ حكاية تنطلق من حَدَث وَقَعَ بالفعل، وقد عرفتُهُ من قصص جَدَّتي، وهي إحدى أتراب البطلة، ومن صُحُف ذلك الزمن، ومن الخطابات والبطاقات البريدية التي احتفظتْ هي بها في حقيبة سَفَر، ومن ذكريات ونوادر قاموس عائلتنا. أعدتُ أنا إحكام الأحداث، وملأتُ الفراغات، واخترعتُ بعض التفاصيل، وأضفتُ شخصيَّات ثانويَّة، وغيَّرتُ النهايات، في بعض الأحيان. لكنَّ أحداثاً من النوع الذي ستقرؤونه كانت تحدث بالفعل في وقت مضى، حتَّى في أفضل العائلات، كما يقول المَثَلُ القديم.
باعت كتب بيتسورنو أكثر من مليونيْ نسخة في إيطاليا وتُرجمت إلى العديد من اللغات.
أخيراً جاء الكتاب في 256 صفحة من القطع الوسط.
من الكتاب
كنتُ في السابعة عندما بدأت جَدَّتي تعهد لي بأبسط لمسات التشطيب على قِطع الثياب التي تخيطها في المنزل لزبوناتها في الفترات التي لم تتلقَّ فيها طَلَبَاً للعمل في منازلهنَّ، لم يتبقَّ غيرنا نحن فقط من العائلة بأكملها بعد وباء الكوليرا الذي أطاح في طريقه، دون تمييز للجنس، بوالدي واشقَّائي وشقيقاتي، وكلِّ أبناء جَدَّتي الآخرين وأحفادها، أعمامي وأبناء عمومتي. أما كيف نجحْنا نحن الاثنَتَيْن في الفِكَاك منه، فهذا ما لا أعلمه حتَّى الآن.
عن الكاتبة
بيانكا بيتسورنو، وُلِدَت في مدينة ساساري عام 1942، وتعيش وتعمل حاليَّاً في مدينة ميلانو. تخرَّجتْ في الآداب في جامعة كاليَري، وواصلت دراستها في ميلانو، حيثُ تخصَّصت في السينما والتليفزيون. عملت لأعوام لحساب راي ميلانو في إعداد برامج ثقافية، وأُخرى للأطفال. ألَّفتْ نُصُوصاً مسرحية وتليفزيونية عدَّة، وأصدرتْ بين عامَي 1970 و2011 ما يقرب من الخمسين عملاً، تتنوَّع بين المقالات وقصص الأطفال والبالغين، حازت شهرة كبيرة في إيطاليا وخارجها.