بوادر أزمة دبلوماسية بين إيران وفرنسا

فرنسا تندد باعتقال إيران اثنين من مواطنيها وتعتبرهما رهائن لدى طهران، واصفة بث اعترافات لهما بالتجسس وتمويل احتجاجات سابقة للمعلمين الإيرانيين، بأنها "مسرحية غير لائقة ومثيرة للاشمئزاز".

باريس/طهران - تقف فرنسا وإيران على حافة أزمة دبلوماسية وسط توتر بين البلدين بسبب اعتقال السلطات الإيرانية مواطنين فرنسيين اتهمتهما بالتجسس وبتمويل احتجاجات سابقة وتأجيجها بهدف تكثيف الضغوط على النظام والعمل على إسقاطه.

وفي السياق التوترات الكامنة والمعلنة، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الخميس أن بث إيران ما وصفته بأنه "اعترافات" بالتجسس أدلى بها فرنسيان اعتقلا في مايو/ايار الماضي، هو "مسرحية غير لائقة ومثيرة للاشمئزاز وغير مقبولة ومخالفة للقانون الدولي".

وأضافت الوزارة في بيان أن "هذه المهزلة تكشف عن ازدراء السلطات الإيرانية بالكرامة الإنسانية" مطالبة بـ"الإفراج الفوري" عن الفرنسيين سيسيل كولر وجاك باري.

وتابعت الوزارة أن هذين الفرنسيين الذين عرفت عنهما على أنهما نقابيان في مجال التعليم "معتقلان بشكل تسعفي في إيران منذ مايو 2022 ويعتبران بهذه الصفة رهينتي دولة".

وقالت إن "اعترافاتهما المزعومة المنتزعة بالإكراه لا أساس لها ولا الأسباب التي استدعت توقيفهما تعسفيا"، مضيفة "نحمل السلطات الإيرانية المسؤولية عن مصيرهما ومعاملتهما، كما هو الحال مع كل الرعايا الفرنسيين المعتقلين تعسفيا في إيران حاليا".

واعتقل الفرنسيان في وقت كانت إيران تشهد فيه تظاهرات معلمين يطالبون بإصلاحات متعلقة بالأجور ورواتب التقاعد ويدعون للإفراج عن زملاء لهم أوقفوا خلال احتجاجات سابقة.

ويأتي بث هذا الفيديو على خلفية تظاهرات أخرى بدأت في 16 سبتمبر/أيلول إثر وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق.

واتهمت إيران عدة مرات قوى أجنبية بتأجيج التظاهرات وأعلنت الأسبوع الماضي توقيف تسعة أجانب من فرنسا وألمانيا وايطاليا وبولندا وهولندا والسويد.

وبث موقع قناة العالم التلفزيونية الرسمية الناطقة بالعربية، الخميس ما وصفه بأنه "اعترافات" بالتجسس أدلى بها على حد قوله الفرنسيان.

وفي الشريط، تقول سيدة تتكلم بالفرنسية في الفيديو إنها تدعى سيسيل كولر وإنها ضابطة استخبارات في عمليات "الإدارة العامة للأمن الخارجي" (دي جي اس أو)، جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي.

واتهمت طهران مطلع يوليو/تموز الماضي "نقابيين فرنسيين" اعتقلا في مايو/ايار "بالمساس بأمن البلاد".

وقال مصدر نقابي فرنسي حينها إنهما سيسيل كولر المسؤولة في نقابة الفدرالية الوطنية للمعلمين-القوة العاملة وزوجها جاك باري، موضحا أنهما كانا يزوران المعالم السياحية في إيران خلال عطلة عيد الفصح عند اعتقالهما.

وفي التسجيل الذي نشر الخميس ، قالت المرأة إنها وزوجها كانا في إيران "لتهيئة الظروف للثورة وإسقاط النظام الإيراني". وكانا، بحسب تصريحاتها المسجلة، يمولان الإضرابات والتظاهرات بل ويستخدمان السلاح "إذا لزم الأمر لمحاربة الشرطة".

وأوضح الرجل الذي ظهر في الفيديو وتحدث بالفرنسية أيضا أن المديرية العامة للأمن الخارجي تهدف إلى "الضغط على الحكومة" الإيرانية.

وسبق أن بث التلفزيون الإيراني "اعترافات" موقوفين لا سيما الصحافي في نيوزويك مزيار بهاري الذي قال لاحقا في كتاب نشره في الخارج إنه أرغم خلال اعتقاله في 2009 على القيام بذلك.

وفي يونيو/حزيران 2020 حضت منظمات غير حكومية إيران على وقف ممارسات "الاعترافات القسرية" المتلفزة لموقوفين والتي تبث على وسائل إعلام رسمية.

وأكثر من عشرين من مواطني دول غربية معظمهم من مزدوجي الجنسية محتجزون أو عالقون في إيران في ما تعتبره المنظمات غير الحكومية سياسة احتجاز رهائن للحصول على تنازلات من قوى أجنبية.

وبين هؤلاء الباحثة الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه التي اعتقلت في يونيو/حزيران 2019 وحُكم عليها بالسجن خمس سنوات بتهمة تقويض الأمن القومي وهو ما نفاه أقاربها دائما بشدة، وبنجامان بريار الذي أوقف في مايو/ايار 2020 وحُكم عليه بالسجن ثماني سنوات وثمانية أشهر بتهمة التجسس التي ينفيها.

وكانت إيران أعلنت في منتصف يونيو/حزيران أنها أوقفت ناشطا ماركسيا مفترضا يعتقد أنه على صلة بنقابات فرنسية مؤكدة أن "مهمته التحريض على العصيان وإحداث اضطراب في أوساط العماليين".