بوادر انشقاق رئيسي في حماس بقيادة الزهار

رغم نفي حماس المعلومات المتداولة حول استقالة الزهار، الا ان الخلافات الداخلية وتعدد القيادات يشير الى حرص الحركة على إبقاء صراعاتها قيد الكتمان.

لندن - انتشرت على مجموعة من الصفحات الفلسطينية والعربية على مواقع التواصل الاجتماعي معلومات تشير إلى قيام عضو المكتب السياسي لحركة حماس محمود الزهار بتقديم استقالته من الحركة. 
ورغم نفي الحركة المعلومات المتداولة، الا ان الخلافات داخل حماس وتعدد قياداتها يشير الى ان الحركة تحاول إظهار التماسك تحسبا لخروج الانشقاقات الى العلن.
وذكرت المعلومات أن الزهار يطلب من الحكومة التركية حمايته من يحيى السنوار، رئيس الحركة في القطاع، والتدخل لإخراج عائلته من غزة وإطلاق سراح أبنائه من ما وُصف بـ"سجن السنوار"، الأمر الذي فتح الباب أمام بدء انشقاقات في الهيكل التنظيمي للحركة خاصة بعد مخاضها الأخير، بانتخابها إسماعيل هنية رئيسًا للمكتب السياسي في 2021.
وأشار محللون الى أن استقالة الزهار القيادي المعروف بموالاته لإيران، جاءت كرد فعل لهيمنة هنية على الحركة وصراع التيارات داخل حماس. 
فالزهار الذي كان يمني نفسه بتولي منصب قيادي أرفع وأعلى داخل الحركة، سبق له الحديث عن خلافات داخلية، معتبراً أنه أمر مشروع في القضايا التكتيكية، لكنه قال إن حماس أقل الحركات التي تعاني من الخلافات.

حركة برأسين أم حركتان؟
حركة برأسين أم حركتان؟

وسرعان ما خرج الزهار عبر موقع فلسطيني لينفي المعلومات المتداولة ويصف الاشخاص الذين يقفون وراء نشر الخبر بـ"الأنذال". 
والخلافات التي تطفو على السطح وتتداولها وسائل الاعلام من وقت الى اخر تشير إلى وجود انشقاقات فعلية داخل الحركة. فهناك تيار قوي داخل الحركة مع التقرب من إيران وأذرعها في المنطقة مثل حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، وأن التضحية بعلاقة قوية مع إيران يعد تفريطًا وتنازلًا عن مورد هام للحركة من سلاح وأموال مهربة.
أما الفريق الثاني فيدعم التقرب من الدول السنية القوية بالمنطقة مثل السعودية ومصر وتركيا ويرى أن حماس حركة سنية.
وجاء انتخاب يحيى السنوار رئيسًا للحركة في قطاع غزة خوفا من انشقاقات داخلية متوقعة حينها تضرب الحركة بعد التحولات الواردة في وثيقة المبادئ والسياسات العامة.
وعلى مدار السنوات الماضية، ظهر الحديث عن الانشقاقات داخل الحركة، غير أنه كان يعلو تارة وينخفض أخرى. والبداية كانت في 2013، حين ذكرت صحف إسرائيلية أن الحركة تشهد صراعات خفية على السلطة وبوادر انشقاقات بين قيادات الحركة وهم رئيس المكتب السياسي للشؤون الخارجية خالد مشعل وهنية والزهار، وكل منهم يحاول فرض سياسته وهيمنته عليها.
الحركة كانت تعاني من حالة انقسام حاد بين ثلاثة أجنحة كل منها ينتهج سياسة مختلفة عن الآخر، أحدها كان يريد الانفصال بالحركة عن جماعة الإخوان ويرى أن المصلحة في الارتباط أكثر بالتنظيم العالمي للإخوان، وهو التيار الذي ينتهجه مشعل.
الزهار من أنصار تيار تعزيز الحركة عسكرياً ويتلقى هذا التيار الدعم المالي والعسكري من إيران، ويعزز علاقاته مع حزب الله إلى الآن، ويعتبر أن الحركة ستندم على قرار ابتعادها عن محور إيران.
وهذا ما يخالف نهج هنية ومشعل اللذين قادا سلسلة اجتماعات لتهدئة الأوضاع مع كافة الأطراف، وكان أهمها التنسيق الأمني مع الجانب المصري. وسبق وأن شارك الزهار في تأبين قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بعد استهدافه، ورثاه بكلمات أثارت استفزار بعض الدول الخليجية.
لا تزال الخلافات والصراعات بين تيارات حماس تلقي بظلالها بين فينة وآخرى على المشهد السياسي الفلسطيني، ومهما حاول انصار الحركة انكارها الا ان الدلالات السياسية تثبت حقيقة وجوهر هذه الصراعات التي تخوضها تيارات الحركة في سبيل بسط نفوذها وسيطرتها داخل حماس لتتحكم بمواردها المالية وقراراتها التنظيمية والسياسية وطبيعة تحالفاتها التي تحقق لها انتشار شعبيتها في المنطقة.
 التقلبات التي عصفت بحماس، وأدت إلى صعود مشعل وهنية والسنوار لواجهة الصدارة من جديد بعد إجراء الانتخابات الداخلية للحركة، أظهرت صراع المحاور داخل حماس.

السنوار صنيعة التقلبات داخل حماس
السنوار صنيعة التقلبات داخل حماس

بعد الانتخابات أفرزت قيادتان بارزتان، تمثلت الأولى في هنية، والثانية في مشعل، وهذا يعطي مؤشراً واضحاً الى أن الحركة بات لديها رئيسان مختلفان. توجهات مشعل ليست هي نفس توجهات هنية؛ وهذا يخلق تباينات في المواقف، فالحركة أصبحت برأسين كل منهما يدفع بها في اتجاه معين.
هذه التطورات أفرزت ما يشبه حركتين أو محورين داخل حماس، المحور الأول وهو الأقرب إلى إيران، خصوصاً أنها الداعم المالي الذي يلعب دوراً كبيراً في تحديد الموقف السياسي، وهناك من يدور في الفلك القطري-التركي، منوهاً بمواقف أنقرة السياسية الأخيرة، وتقاربها مع السعودية والإمارات ومصر.
هذا الأمر سيخلق موقفاً ما بين تيار يتجه نحو إيران وتيار أكثر تمسكاً بقطر وتركيا، ما ينعكس على المواقف والقرارات السياسية الداخلية لـحماس، ومنها القرار السياسي للحركة في غزة وانعكاسات الحصار والتصعيد وخيارات الحرب على القطاع، وبالتالي فإن غزة هي التي تلخص القرار السياسي لـحماس، وهي المخرج للقرار السياسي.
ويرى مراقبون أن المفاوضات التي تخوضها إيران في فيينا مع الدول الكبرى حول البرنامج النووي، من الممكن أن تنعكس على الموقف السياسي لإيران تجاه دعمها حركتَي حماس والجهاد الإسلامي.
وإذا ما تم التوصل إلى اتفاق بين طهران والدول الكبرى، فإنه لن يسمح لإيران أن تستمر بنفس السياسات التي تقوم بها من دعم لـحماس والجهاد الإسلامي، الأمر الذي سيخلق تباينات في الموقف السياسي داخل حماس، وسيؤدي إلى تزايد المطالبات داخل صفوف الحركة، فمنهم مَن يرى العودة إلى الحضن العربي أو مَن يؤيد الاستمرار في المحور الإيراني.