بوتين يبعث رسائل تحذير للغرب بقصف قاعدة عسكرية قرب بولندا
واشنطن/لفيف (أوكرانيا) - بعد يوم واحد من تهديداتها بضرب إمدادات الأسلحة الغربية لأوكرانيا، بعثت روسيا اليوم الأحد برسالة قوية لخصومها الغربيين حيث قصفت قاعدة عسكرية قريبة جدا من حدود بولندا في عملية وصفها الغرب بأنها تصعيد خطير.
واعتبر مستشار الأمن القومي الأميركي أن الهجوم الروسي قرب حدود بولندا يظهر أن فلاديمير بوتين يوسع أهدافه ويعكس الإحباط من عدم إحراز تقدم، فيما أصيب نحو ثلاثين شخصا في ضربات طالت كنيسة كبيرة في منطقة دونيتسك ليل السبت الأحد، في حين اتهم مسؤول أمني أوكراني في منطقة لوغانسك الجيش الروسي بقصف بلدته بقنابل فوسفورية.
وقال مسؤول أوكراني إن هجوما صاروخيا روسيا على منشأة عسكرية أوكرانية كبيرة قرب الحدود مع بولندا العضو في حلف شمال الأطلسي أسفر عن مقتل 35 شخصا وإصابة 134 بجروح اليوم الأحد.
واعتبرت بريطانيا أن الهجوم الذي وقع على بعد 25 كيلومترا فقط من الحدود البولندية، يمثل "تصعيدا كبيرا" للصراع.
وفي وقت سابق قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن حلف شمال الأطلسي سيدافع عن كل شبر من أراضيه إذا امتد الغزو الروسي لأوكرانيا إلى دول أعضاء في التحالف الدفاعي الغربي.
وأعلنت أوكرانيا أن مدربين عسكريين أجانب عملوا من قبل في القاعدة، لكن مسؤولا من حلف شمال الأطلسي قال إن القاعدة لم يكن بها أحد من أفراد الحلف. ولم يتضح بعد ما إذا كان لأي دول من خارج الحلف ممثلون هناك.
وقال الحاكم المحلي مكسيم كوزيتسكاي إن طائرات روسية أطلقت 30 صاروخا على مركز يافوريف الدولي لحفظ السلام والأمن وأضاف أن بعضها تم اعتراضه قبل الوصول لهدفه. وتابع أن ما لا يقل عن 35 شخصا قتلوا وأصيب 134 بجروح.
وتأتي هذه التطورات بعد يوم واحد من إعلان روسيا أن قواتها يمكن أن تستهدف إمدادات الأسلحة الغربية لأوكرانيا حيث يواصل الجيش الروسي تقدمه منذ أواخر فبراير/شباط، فيما أعلنت القوى الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة عن نيتها تقديم الدعم العسكري إلى كييف.
وتبلغ مساحة منشأة التدريب العسكري 360 كيلومترا مربعا وهي الأكبر في القطاع الغربي من البلاد.
ورأى شاهد من رويترز 19 سيارة إسعاف تطلق صفاراتها وهي تتحرك من اتجاه القاعدة بعد الضربة في حين تصاعد دخان أسود من المنطقة.
قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف في منشور على الإنترنت "روسيا هاجمت المركز الدولي لحفظ السلام والأمن بالقرب من لفيف. يعمل هناك مدربون أجانب. يتم استجلاء المعلومات المتعلقة بسقوط قتلى أو جرحى".
وقال ممثل عن وزارة الدفاع الأوكرانية إن الوزارة ما زالت تحاول التأكد من وجود مدربين أجانب في المركز وقت وقوع الهجوم.
وكانت أوكرانيا، التي يزعج طموحها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تُجري أغلب تدريباتها العسكرية مع دول الحلف في هذه القاعدة قبل الغزو. وأجرت أحدث تدريبات كبيرة في سبتمبر/أيلول الماضي.
وتدربت قوات أوكرانيا في القاعدة في الأسابيع التي سبقت الغزو الروسي الذي بدأ يوم 24 فبراير/شباط، لكن وفقا لوسائل إعلام أوكرانية فقد غادر جميع المدربين الأجانب منطقة التدريب قبل الغزو الروسي.
ودفع غزو روسيا لأوكرانيا أكثر من 2.5 مليون من السكان للفرار عبر الحدود وعلق الآلاف في مدن محاصرة.
وفي حين سعت دول غربية لعزل بوتين بفرض عقوبات صارمة، تشعر الولايات المتحدة وحلفاؤها بالقلق من أن يستدرج حلف شمال الأطلسي للدخول في الصراع. وقال مسؤول الحلف "لا وجود لقوات للناتو في أوكرانيا".
وردا على سؤال عن مدى التصعيد الذي يمثله الهجوم، قال وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني مايكل جوف لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) "إنه كبير".
قال إيفانو فرانكيفسك رئيس بلدية مدينة أخرى في غرب أوكرانيا إن القوات الروسية استمرت كذلك في ضرب مطار المدينة اليوم الأحد. ولم تشر التقارير الأولية إلى سقوط قتلى أو جرحى.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية الأحد إن القوات الروسية في شرق أوكرانيا تحاول محاصرة القوات الأوكرانية أثناء تقدمها من مدينة ماريوبول في الجنوب ومدينة خاركيف في الشمال.
وشهدت خاركيف بعضا من أعنف عمليات القصف الروسية. وأظهر تسجيل فيديو، صوره تيمور علييف، وهو أحد السكان ويساعد في نقل المساعدات للسكان، مباني مدمرة على امتداد شارع وسيارات محترقة وحطام على الأرض.
وقال علييف وهو موسيقي يبلغ من العمر 23 عاما، عن شبكة توزيع الطعام التي يديرها والتي تضم حاليا عشرات المتطوعين "سنضمد جراح وآلام بلدنا ومدينتنا. نحن مستعدون لإعادة بنائها وتجديدها عندما تنتهي الحرب. لن نذهب إلى أي مكان آخر".
وقالت المخابرات البريطانية أيضا إن القوات الروسية التي تتقدم من شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا من أوكرانيا في عام 2014، تحاول تطويق ميكولايف في الوقت الذي تبحث فيه التقدم غربا صوب أوديسا. وقال فيتالي كيم حاكم إقليم ميكولايف في بيان على الإنترنت إن الضربات الجوية على الإقليم أودت بحياة تسعة أشخاص اليوم الأحد.
وأيقظت صفارات الإنذار من الغارات الجوية سكان كييف صباح الأحد بعد ساعات من تحذير الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي من أن القوات الروسية ستواجه قتالا حتى الموت إذا حاولت احتلال العاصمة.
واتهمت أوكرانيا روسيا أمس السبت بقتل سبعة مدنيين من بينهم طفل في هجوم على نساء وأطفال كانوا يحاولون الفرار من القتال بالقرب من كييف. وتنفي موسكو استهداف المدنيين، وتتهم كييف بأنها السبب في فشل محاولات إجلائهم من المدن المحاصرة، وهو اتهام تنفيه كييف وحلفاؤها الغربيون بشدة.
وقالت الولايات المتحدة إنها ستسارع بتقديم ما قيمته 200 مليون دولار إضافية من الأسلحة الصغيرة والأسلحة المضادة للدبابات والأسلحة المضادة للطائرات إلى أوكرانيا بعد أن طالب مسؤولون بالمزيد من مثل هذه المساعدات العسكرية.
ويصف الكرملين هجماته بأنها "عملية خاصة" لنزع سلاح أوكرانيا وتطهيرها من النازيين. وتصف الأخيرة وحلفاؤها الغربيون ذلك بأنه ذريعة لا تستند إلى أساس لحرب اختارت روسيا إشعالها وأثارت مخاوف من صراع أوسع نطاقا في أوروبا.
وحذر الرئيس البولندي آندريه دودا في مقابلة أذيعت اليوم الأحد من أن قيام روسيا باستخدام أسلحة كيماوية في أوكرانيا سيغير قواعد اللعبة، مشيرا إلى أنه سيكون على حلف شمال الأطلسي التفكير بجدية في كيفية الرد.
ووصفت واشنطن هذا الأسبوع اتهامات روسية جديدة لها بتشغيل مختبرات بيولوجية في أوكرانيا بأنها "مضحكة" وتشير إلى أن موسكو ربما تعد مبررا لاستخدام سلاح كيماوي أو بيولوجي.
وقال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي أمس السبت إن قوافل الإمدادات العسكرية الغربية لأوكرانيا عقّدت الوضع وإن القوات الروسية تعتبرها "أهدافا مشروعة".
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن المتحدث باسم وزارة الدفاع إيغور كوناشينكوف قوله اليوم الأحد إن القوات الروسية دمرت 3687 من منشآت البنية التحتية العسكرية الأوكرانية حتى الآن.