بوتين يقطع الطريق على نفوذ تركي أوسع في القوقاز

إعلان روسيا نشر قواتها في ناغورني قره باغ بعد الهدنة الموقعة يمثل خطوة هامة تحبط إمكانية وجود تركي أقوى في منطقة تعتبرها موسكو استراتيجية للدفاع عن جناحها الجنوبي.
روسيا تحقق تقدما جيوسياسيا على حساب تركيا في القوقاز

موسكو - كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الوسيط في اتفاق السلام في إقليم ناغورني قره باغ الذي حقق مكاسب إقليمية لأذربيجان المدعومة من تركيا، حيث استطاع بوتين بهذا الإنجاز أن يحبط إمكانية وجود تركي أقوى في منطقة تعتبرها موسكو فناءها الخلفي.

وأعلن الجيش الروسي الأربعاء أن قواته لحفظ السلام انتشرت في ممر لاتشين الذي يربط أرمينيا بإقليم ناغورني قره باغ الانفصالي إثر الهدنة الموقعة مع أذربيجان.

وقال الجنرال الروسي سيرغي رودسكي في بيان "سيطرت الوحدات المتقدمة في كتيبة القوات المسلحة التابعة لاتحاد روسيا على ممر لاتشين".

وأوضح المصدر نفسه أن نحو 400 من أصل 1960 جندي سلام روسيا يفترض أن ينتشروا بين الأرمن والأذربيجانيين في الأيام المقبلة، وصلوا إلى أرمينيا.

وينص الاتفاق الموقع بين يريفان وموسكو وباكو على نشر هذه القوات تدريجا مع انسحاب القوات الأرمينية من الأراضي التي ستعود لسيطرة أذربيجان المنتصرة عسكريا في النزاع الدامي الذي استمر ستة أسابيع لاستعادة السيطرة على الإقليم الانفصالي وسبعة أقاليم محاذية خارجة عن سيادتها منذ تسعينات القرن الماضي.

وبموجب الاتفاق ستستعيد باكو الأقاليم السبعة وجزءا صغيرا من ناغورني قره باغ وستستمر الجمهورية المعلنة من جانب واحد في الإقليم الانفصالي بحماية الجنود الروس وانتشارهم عند خط الجبهة.

وسيحمي الجيش الروسي خصوصا ممر لاتشين طريق التموين الوحيد بين ناغورني قره باغ وأرمينيا وستقام مراكز مراقبة روسية اعتبارا من الخميس في جنوب الإقليم.

وكانت الاشتباكات العنيفة بين القوات الأذربيجانية والقوات الأرمنية العرقية في الإقليم اختبارا لنفوذ موسكو في جنوب القوقاز الذي كان جزءا من الاتحاد السوفييتي تعتبره روسيا حيويا للدفاع عن جناحها الجنوبي.

وسبق أن انهارت ثلاث اتفاقات لوقف إطلاق النار توسطت موسكو في واحد منها على الأقل. كما أسقطت أذربيجان طائرة هليكوبتر عسكرية تابعة لروسيا بطريق الخطأ مما أسفر عن سقوط قتيلين.

ودعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الهجوم الأذربيجاني عسكريا ودبلوماسيا وحاول إحباط مساعي الوساطة.

ومع ذلك ففي النهاية استطاع بوتين أن يحقق حلما روسيا يرجع لأكثر من عقدين بإدخال قوات روسية لحفظ السلام إلى ناغورني قره باغ على أساس أن يتم تجديد وجودها كل خمس سنوات وفي الوقت نفسه أبقى خارج الإقليم القوات التركية التي ستساعد في إدارة مركز لمراقبة وقف إطلاق النار من الخارج.

ويوسع ذلك الوجود العسكري الروسي ويضع حدا فيما يبدو للتنافس الجيوسياسي بين موسكو وأنقرة مماثلا لما تكشف عنه التطورات في سوريا وليبيا.

الوجود الروسي في المنطقة عامل سلبي لتركيا وأذربيجان

وبهذه الصفقة تحاشى بوتين استيلاء قوات أذربيجانية مدعومة من تركيا بالكامل على الإقليم الانفصالي الذي قالت قوات الأرمن العرقيين إنه سيسقط بعد أيام. وأكد بوتين من جديد أيضا نفوذ روسيا في المنطقة بالتوسط في اتفاق لم تكن تركيا أحد الموقعين عليه.

وقال الكسندر جابويف الزميل الباحث في مركز كارنيجي بموسكو "صفقة اليوم تعالج من أكثر من جانب مصالح روسية أساسية في الصراع وربما كانت أفضل نتيجة يمكن أن تحصل عليها موسكو" على الأقل في الأجل القصير.

وأضاف "روسيا وضعت جنود حفظ السلام البالغ عددهم 2000 جندي في ناغورني قره باغ وهو أمر كانت موسكو تريده في 1994 غير أنها عجزت عن تحقيقه. ولن توجد قوات حفظ سلام تركية مسلحة وهو أمر بالغ الأهمية لموسكو".

وقال أوزغور أونلوهيسارجيكلي مدير صندوق مارشال الألماني، وهو مؤسسة بحثية في أنقرة، إن "الوجود الروسي في المنطقة عامل سلبي لتركيا وأذربيجان لكن الموقف الأذري أقوي بكثير الآن مما كان قبل ستة أسابيع".

وأضاف "أذربيجان حققت نجاحا عظيما في الميدان ويعزز وقف إطلاق النار ذلك".

وتابع أن أنقرة لم تكن تحتاج لإذن كي ترسل قواتها لمراقبة وقف إطلاق النار غير أنه من غير الواضح ما إذا كانت موسكو قد قبلت ذلك.