تاريخ 'الإرهاب العثماني' في لبنان يثير حفيظة تركيا

ميشال عون يصف ممارسات الدولة العثمانية في لبنان خاصة خلال الحرب العالمية الأولى، بالإرهاب الذي أودى بمئات آلاف الضحايا.

أنقرة - أثارت تصريحات الرئيس اللبناني ميشال عون حول تاريخ الدولة العثمانية الأسود، بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس بلاده، غضب الحكومة التركية التي عبرت عن "استنكارها الشديد" لاتهام الإمبراطورية العثمانية بممارسة الإرهاب في لبنان".

والسبت، قال في ميشال عون في كلمة موجهة إلى مواطنيه نشرها عبر سلسلة تغريدات نشرها عبر صفحته على تويتر إن "كل محاولات التحرر من النير العثماني كانت تقابل بالعنف والقتل وإذكاء الفتن الطائفية. إن إرهاب الدولة الذي مارسه العثمانيون على اللبنانيين خصوصاً خلال الحرب العالمية الأولى، أودى بمئات آلاف الضحايا ما بين المجاعة والتجنيد والسخرة".

وناشد الرئيس اللبناني مواطنيه تعليم الأجيال القادمة تاريخ لبنان، قائلا "شعبنا لا يستكين أمام الاحتلال أو الوصاية، ولبنان الصغير بمساحته الجغرافية، منارة للديمقراطية، ومنبرا للفكر الحر".

وأثارت تصريحات عون حفيظة أنقرة التي ردت عبر بيان للخارجية قالت فيه إنها "تدين بأشد العبارات وترفض كليا التصريحات المبنية على الأحكام المسبقة، والتي لا أساس لها عن الحقبة العثمانية، واتهامه للإمبراطورية العثمانية بممارسة إرهاب الدولة في لبنان".

وأضاف البيان أن العبارات التي نشرها عون بعد أسبوع على زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إلى لبنان، "لا تتماشى مع العلاقات الودية بين البلدين، ومؤسفة للغاية وغير مسؤولة".

وشدّد البيان على اعتزاز الجمهورية التركية بكونها وريثة الإمبراطورية العثمانية.
كما أكد البيان على أنه لا يوجد "إرهاب دولة" في تاريخ الإمبراطورية العثمانية، بل على العكس، كانت الحقبة العثمانية فترة استقرار طويلة في الشرق الأوسط.
ولفت إلى أن تلك الحقبة كانت فترة يسودها التسامح، وعاشت خلالها المجتمعات من مختلف الأعراق والأديان في سلام.
وأضاف أن المنطقة التي جرى تقسيمها إلى مناطق نفوذ على أساس اتفاقية سايكس بيكو، عقب الحرب العالمية الأولى، لم تنعم بالسلام مجددا.
وذكر البيان أن بذور المشكلات التي هي مصدر عدم الاستقرار في يومنا أيضا، جرى زرعها خلال تلك الفترة.

واعتبرت الخارجية التركية تصريحات عون "هذيان" و"تحريف للتاريخ" وخضوع للاستعمار وهو ما استنكره اللبنانيون الذين طالبوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي باستدعاء السفير اللبناني في تركيا.

وندد مستشار عون للشؤون الروسية والنائب السابق أمل أبوزيد ببيان الخارجية التركية الذي اعتبره  "تطاولا على رأس الدولة في لبنان".

وقال أبوزيد في تغريدة على تويتر إن البيان "مدان ومرفوض وما هو إلا تعبير عن ذهنية التسلط والهيمنة، التي ورثتها الدولة التركية، عن السلطنة العثمانية البائدة".

وأضاف أن "أقل رد من الدولة اللبنانية، هو استدعاء السفير التركي لدى لبنان، لتوجيه رسالة شديدة اللهجة إلى السلطات في أنقرة، علها تستفيق، أن زمن السلطنة والتسلّط، ولى إلى غير رجعة، وأن التاريخ لا يعود إلى الوراء، وأن لبنان الكبير، الذي يحتفل بمئويته الأولى، سيبقى وطنًا سيدًا حرًا مستقلًا، وخصوصًا في ظل رئاسة العماد ميشال عون، الذي نجدّد معه القول "لبنان أكبر من أن يبلع وأصغر من أن يقسم".

المحامية اللبنانية سندريلا مرهج طالبت من جهتها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وهو صهر عون، بـ"استدعاء سفير الجمهورية التركية و الطلب منه مغادرة البلاد فورا ردّا على بيان الخارجية التركية الذي تعرض وأهان رئيس جمهوريتنا".

يذكر أن وزير الخارجية التركي زار بيروت في شهر أغسطس/آب الماضي، حيث التقى الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الوزراء سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل وعدد آخر من الشخصيات السياسية في لبنان.

وفي شهر أبريل الماضي، قام لبنانيون بحرق العلم التركي خلال مسيرة حاشدة نظمتها الأحزاب الأرمنية، مُطالبين أنقرة بالاعتراف بمجازر الأرمن التي وقعت قبل 104 أعوام.
وطالب السفارة التركية في بيروت آنذاك باتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية بحق المسؤولين عن إحراق العلم التركي في المسيرة.

وتطالب أرمينيا والدول الأوروبية ودول أخرى تركيا بالاعتراف بما جرى خلال عملية التهجير في 1915 على أنه "إبادة عرقية"، وبالتالي دفع تعويضات.

يذكر أن أكثر من 20 دولة حول العالم من بينها لبنان، الأرجنتين، البرازيل، كندا، فرنسا، إيطاليا، روسيا، سويسرا، الولايات المتحدة، الفاتيكان، وفنزويلا وغيرها اعترفت "بالمذبحة الأرمنية" ومجازر الأتراك قبيل انهيار السلطنة العثمانية والتي راح ضحيتها 1.5 مليون قتيل، بالإضافة إلى أعمال التهجير والطرد لأكثر من مليون أرمني.