شدّ وجذب بين واشنطن وأنقرة ينذر بأزمة دبلوماسية

الخارجية التركية تستدعي السفير الأميركي لدى أنقرة احتجاجا على اعتراف الكونغرس بالإبادة الأرمنية، بينما تتهيأ واشنطن على أرجح التقديرات لفرض عقوبات على تركيا.

تركيا وروسيا تقتربان من الاتفاق على دفعة ثانية من صواريخ إس400
معركة ليّ أذرع بين واشنطن وأنقرة تلوح في الأفق
العلاقات الأميركية التركية تمرّ بأسوأ فترة مع تفاقم التوترات

أنقرة - دخلت العلاقات الأميركية التركية الجمعة إلى مرحلة جديدة من التوتر الذي لم يهدأ ضجيجه منذ سنوات على وقع خلافات على أكثر من ملف وحالة شدّ وجذب رسمت ملامح أزمة دبلوماسية يبدو أنها ستطول أكثر مم يتوقع الحليفين العضوين في حلف شمال الأطلسي.

وفي أحدث حلقة من حلقات الشدّ والجذب في العلاقة المتوترة بين واشنطن وأنقرة، استدعت الخارجية التركية الجمعة السفير الأميركي لدى أنقرة ديفيد مايكل ساترفيلد للاحتجاج على قرار غير ملزم من الناحية القانونية كان قد تبناه الكونغرس بالإجماع مساء الخميس اعترف فيه بالمسؤولية التركية عن ابادة الأرمن في عهد الإمبراطورية العثمانية.  

وجاء قرار الكونغرس في خضم توترات بين البلدين بسبب الهجوم التركي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي على أكراد سوريا وإتمام الحكومة التركية صفقة شراء منظومة صواريخ اس 400 الروسية رغم الاعتراضات الأميركية.

ونقلت وكالة الأناضول التركية للأنباء عن مصادر دبلوماسية لم تسمها قولها، إن سدات أونال نائب وزير الخارجية التركي أبلغ السفير الأميركي رفض تركيا لقرار مجلس الشيوخ حول الإبادة الأرمنية.

وقالت الوكالة التركية أيضا إن السفير الأميركي ساترفيلد أوضح أن موقف الإدارة الأميركية لم يتغير حيال أحداث 1915 وأن وجهة نظرهم تجلت في البيان الأخير للرئيس دونالد ترامب في أبريل/نيسان الماضي حول تلك الأحداث بحق الأرمن والتي صنفها دول كثيرة على أنها ابادة جماعية تتحمل الدولة التركية المسؤولية عنها.

وكان ترامب قد استخدم عبارة "الكارثة الكبرى" في توصيف أحداث الإبادة الأرمنية في عام 1915 التي يعتبر فيها يوم 24 أبريل/نيسان من كل عام ذكرى لتلك المجزرة.

تركيا تتهيأ لاستلام الدفعة الثانية من صواريخ اس 400 الروسية في ذروة التوتر مع الولايات المتحدة
تركيا تتهيأ لاستلام الدفعة الثانية من صواريخ اس 400 الروسية في ذروة التوتر مع الولايات المتحدة

ومن المتوقع أن تلجأ تركيا إلى ردود انتقامية للضغط على الحليف الأميركي كأن تستخدم ورقة القواعد العسكرية على أراضيها التي تتواجد فيها قوات أميركية وقد تفتح قواعد أخرى لروسيا.

وقد لمحت إلى ذلك مرارا لكبح أي تحرك أميركي في اتجاه فرض عقوبات عليها خاصة في ما يتعلق بشرائها منظومة صواريخ روسية قالت واشنطن وحلف الناتو إنها تشكل خطرا على منظوماتها العسكرية.

لكن تركيا تبدو مصرة على معركة كسر عظام مع الحليف الأميركي وهو ما يكلفها غاليا إذا فرضت عليها واشنطن عقوبات مالية واقتصادية.  

وقال إسماعيل دمير مدير هيئة الصناعات الدفاعية التركية اليوم الجمعة إن بلاده قد تستكمل بنود استلام دفعة ثانية من أنظمة صواريخ إس-400 الروسية بحلول أبريل/نيسان عندما تكون الدفعة الأولى مستعدة للتشغيل.

ويأتي هذا الاعلان بالتزامن مع مرحلة جديدة من التوتر في العلاقات بين أنقرة وواشنطن وهو اعلان مدروس في توقيته ردّا على قرار الكونغرس الأميركي باعترافه بالإبادة الأرمنية.

ويشكل هذا الإعلان أيضا إشارة واضحة من تركيا تؤكد أنها لن تتراجع عن خطوات تصعيدية قطعتها في السابق بالتقارب مع روسيا الخصم التقليدي للولايات المتحدة.

ووافقت أنقرة بالفعل على شراء دفعتين من أنظمة صواريخ إس-400 مما فجر أزمة مع الولايات المتحدة وأثار احتمال فرض عقوبات أميركية، لكن دمير قال إن أنقرة تناقش مع موسكو مسألة نقل التكنولوجيا والإنتاج المشترك للدفعة الثانية.

وتقول أميركا إن أنظمة إس-400 لا تتوافق مع أنظمة الدفاع الغربية وعلقت مشاركة تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي في برنامج إنتاج مقاتلات إف-35 لأنها تخشى حصول روسيا على معلومات عن الطائرات عبر نشر هذه الأنظمة.

وذكر دمير أن أنقرة لا تزال مهتمة بشراء أنظمة باتريوت الأميركية للدفاع الجوي، مشيرا إلى أن بلاده لا تضع شروطا مسبقة، لكن واشنطن طلبت منها مرارا التخلي عن صفقة أنظمة إس-400.

وقال إن العقوبات الأميركية المقترحة على أنقرة قد تمنعها من شراء قطع غيار طائرات إف-16 مما يعفي تركيا من التزاماتها المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية ويتيح لها اللجوء للإنتاج المحلي.

وأضاف أن بلاده تريد في نهاية الأمر استبدال أسطولها الحالي من طائرات إف-16 بأول طائراتها محلية الصنع تي.إف-إكس، مشيرا إلى أنها منفتحة على التعاون الدولي في هذا المشروع.