تبون: الجزائر قادرة على منع 'صوملة' ليبيا

الرئيس الجزائري يحذر من تفكيك ليبيا إذا تواصلت الأزمة بعد التدخل التركي فيها ويقترح حصول بلاده على تفويض من مجلس الأمن لإيجاد حل سلمي.

الجزائر - قال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إن بلاده مستعدة للوساطة في أي محادثات تهدف لوقف إطلاق النار في ليبيا حتى لا تتحول المنطقة إلى "صومال" جديدة، في إشارة إلى التدخل العسكري التركي الذي أزم الوضع بين الفرقاء الليبيين.

وقال تبون في مقابلة مع صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية "إذا حصلنا على تفويض من مجلس الأمن بالأمم المتحدة، فنحن قادرون على تحقيق السلام في ليبيا على نحو سريع لأن الجزائر وسيط أمين وذو مصداقية ويحظى بقبول من كافة القبائل الليبية".

وحذر تبون من أنه إذا تم تفكيك ليبيا في غضون عام، أو عام ونصف، فإن أوروبا ومنطقة البحر المتوسط ستواجه "صومال جديد" على حدودها، مع عواقب تهدد أمنها واستقرارها.

وبعد نحو تسعة أعوام من الإطاحة بحكم معمر القذافي على أيدي مقاتلين مدعومين بضربات جوية من حلف شمال الأطلسي لا تزال ليبيا بدون سلطة مركزية تعترف بها كل الأطراف الليبية.

وأحبط رئيس حكومة الوفاق أمس الأربعاء الآمال في إحياء سريع لمفاوضات وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة بعدما أعلن انسحاب الوفد التابع له من المحادثات بعد قصف الجيش الوطني الليبي لمستودع ذخيرة يحتوى على أسلحة تركية في ميناء طرابلس.

وتأزمت الأوضاع في ليبيا أكثر بعد أن تدخل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ليبيا عسكريا ونشر وقوات تركية وبدأ منذ يناير الماضي في إرسال مرتزقة من فصائل سورية مسلحة تدعمها أنقرة شمال سوريا نحو طرابلس للقتال في صفوف الميليشيات ودعم حكومة الوفاق ومساعدتها في صد عملية تحرير العاصمة الليبية من الإرهابيين التي يقودها الجيش الوطني الليبي منذ أبريل الماضي.

وأمس الأربعاء، أعلن اللواء أحمد المسماري المتحدث العسكري لقوات الجيش الوطني الليبي تعليق العمل بالهدنة في ليبيا.

وقال المسماري، في مؤتمر صحفي إن أردوغان بدأ يتجه إلى التصعيد بشكل كبير، ويدلى بتصريحات رسمية حول الأزمة الليبية كأنه "رئيس طرابلس".

وأضاف إن "الأزمة طالت ويجب أن تنتهي بوقت سريع، ولا حل إلا الحل العسكري".

وأعلن المسماري أن قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر قد وصل إلى موسكو للقاء المسؤولين الروس وبحث الأزمة الليبية.

وأضاف أن "حفتر يؤيد الحل السلمي للأزمة الليبية، ويدعم المبادرات الدولية" مؤكدا أن "الجيش الليبي يحارب الإرهاب سواء كان أشخاصا أو مؤسسات".

وأوضح أنه "لا سلام مع وجود إرهاب أو قوات أجنبية على أراضي ليبيا".

وقال إنه في الوقت الذي نسمع فيه أطروحات السلام، ونشارك في المباحثات تقوم حكومة الوفاق باستجلاب الإرهابيين من كل أصقاع الأرض، وخصوصا من سوريا عبر تركيا، مضيفا أنه لا تهاون ولا هدنة مع مجموعات إرهابية ولا مع قوات محتلة تركية.

ال
الدبلوماسية الجزائرية كثفت مشاوراتها مع كل الأطراف

وانخرطت الجزائر مؤخرا في الملف الليبي بشكل كبير، وهي ثقل حقيقي في المعادلة الدولية، حيث تسعى جميع الأطراف في ليبيا لضمها إلى صفها لكنها تؤكد على أنها تقف على الحياد وترفض التدخل الخارجي في الجارة الشرقية التي ترتبط معها بحدود تصل لنحو ألف كيلومتر. 

ويقوم وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم بزيارات مكثفة منذ مدة إلى عدد من البلدان الغربية والعربية بشأن الملف الليبي من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في طرابلس وإطلاق مسار سياسي لحل الأزمة.

كما زار يوم 5 فبراير الجاري ليبيا والتقى عدد من القيادات الليبية على رأسهم حفتر في إطار وساطة تقوم بها بلاده لإطلاق مسار سياسي حول الأزمة.

وكان بوقادوم قد أكد خلال اجتماع دول الجوار الليبي في يناير الماضي على “ضرورة مشاركة دول الاتحاد الأفريقي في المبادرات الرامية إلى إيجاد حل للأزمة الليبية ودعم الحل السياسي فيها”.

وأعلن تبون خلال زيارة نظيره التونسي قيس سعيد إلى الجزائر بداية الشهر الجاري عن مبادرة للبلدين من أجل احتضان جلسات حوار ليبية تمهيدا لإطلاق مسار سياسي يفضي إلى وضع خارطة طريق سياسية تنتهي بانتخاب مؤسسات شرعية.

ويعتبر التحرك الدبلوماسي لفضّ النزاع الليبي أول تحدّ للسلطة الجزائرية الجديدة، فهي بخطابها الداعي لـ”الحياد” بين أطراف الصراع في ليبيا ورفض التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي، لا تريد إزعاج حلفائها الداعمين للجيش الليبي كما تتعامل بليونة مع التدخل العسكري التركي في طرابلس بغرض التهدئة بين الطرفين. 

يذكر أن أردوغان فشل في استمالة الجزائر لخدمة أجنداته في ليبيا خلال زيارة قام بها إلى البلاد يوم 26 يناير الماضي، حيث حاول تقديم إغراءات اقتصادية للنظام الجديد لكن المخاوف من تسلل الإرهابيين والمتشددين الذين شاركت أنقرة في إرسالهم إلى ليبيا يجعل الجزائر تتوجس أكثر من الدور الخطير الذي تلعبه تركيا لتهديد أمن المنطقة بأسرها.

وانتهت المباحثات بين تبون وأردوغان خلال تلك الزيارة خارج الطموح التركي، حيث أكد الرئيس الجزائري عن تمسك بلاده بـ"مخرجات قمة برلين" التي التزم خلالها قادة أبرز الدول المعنية بالنزاع في ليبيا باحترام حظر إرسال الأسلحة إلى هذا البلد، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.