تبون يزور روسيا على وقع توتر مع فرنسا

دول غربية تنظر للتقارب الروسي الجزائري بريبة وتعتقد أن الرئيس تبون فتح منافذ واسعة للتمدد الروسي في فضاءات جيوسياسية حيوية للنفوذ والمصالح الغربية.

الجزائر - يبدأ الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الثلاثاء زيارة دولة إلى روسيا "تدوم ثلاثة أيام" على ما أعلنت الرئاسة الجزائرية في بيان، فيما تأتي الزيارة على وقع توتر لم يعد صامتا بين الجزائر وفرنسا.

وتعمل موسكو على توسيع منافذها في إفريقيا من بوابة تعزيز التعاون مع الجزائر ودول افريقية أخرى، وسط انزعاج غربي من دور جزائري فتح الطريق للتمدد الروسي في مناطق نفوذ ومصالح حيوية للغرب في مقدمته الولايات المتحدة.

وسبق أن أثارت أنباء عن مناورات روسية جزائرية (نفتها وزارة الدفاع الجزائرية) على الحدود مع المغرب غضب واشنطن التي تعتقد بقوة أن موسكو تسعى لانتزاع فضاءات جيوسياسية حيوية بالنسبة لولايات المتحدة ودول أوروبية.  

ويذهب التقارب الروسي الجزائري خاصة في المجال العسكري إلى أبعد من مجرد تعزيز للعلاقات، فروسيا توجه من خلال هذا التقارب رسالة إلى الغرب مفادها قدرة موسكو على التمدد والنفوذ في منطقة إستراتيجية بالغة الحساسية بالنسبة لأوروبا وللولايات المتحدة.

وينظر للتقارب أيضا على أنه محاولة روسية للبرهنة على قدرة موسكو على الانتشار عسكريا بالقرب من العمق الجغرافي للمصالح الغربية غرب المتوسط.

ونشرت الرئاسة الجزائرية على موقعها في فيسبوك صورا لتبون في المطار وهو يحيي تشكيلة من الحرس الجمهوري قبل صعود الطائرة.

وجاء في البيان "بدعوة من رئيس فيدرالية روسيا، السيد فلاديمير بوتين، يشرع اليوم، رئيس الجمهورية السيد عبدالمجيد تبون في زيارة دولة إلى فيدرالية روسيا تدوم ثلاثة أيام، في إطار تعزيز التعاون بين البلدين الصديقين".

وسيشارك تبون خلال هذه الزيارة في أعمال المنتدى الاقتصادي الدولي بسان بطرسبورغ والذي سينعقد من 14 يونيو/حزيران لغاية 17 منه، وفق البيان.

وكانت الزيارة مقررة في مايو/ايار، وفق ما اتفق عليه الرئيسان الجزائري والروسي خلال مكالمة هاتفية في يناير/كانون الثاني ولم يتم الإعلان الرسمي عن تأجيلها وهي الفترة ذاتها لزيارة مماثلة كان تبون يعتزم القيام بها في فرنسا قبل أن يتم تأجيلها لمنتصف يونيو/حزيران لأسباب غير معلومة، لكن مصادر محلية وفرنسية تحدثت عن توتر لم يعد صامتا بين الجزائر وباريس بعد جهود تهدئة يبدو أنها انهارت. ولا يبدو الموعد الثاني للزيارة المرتقبة دقيقا أو ثابتا ويبقى رهين تطورات مواقف البلدين.

وترتبط الجزائر وموسكو بعلاقات تاريخية سواء على المستوى الاقتصادي مع تبادلات تجارية بأكثر من 3 مليارات دولار، أو على المستوى السياسي والاستراتيجي، خاصة أن روسيا أكبر مورد للسلاح لأكبر بلد إفريقي من حيث المساحة.

كما تنسق الجزائر مع روسيا في إطار منتدى الدول المصدرة للغاز وفي اجتماعات الدول المصدرة للنفط "أوبك بلاس".

وتنظر روسيا للجزائر كما ليبيا كبوابتين مهمتين للعمق الإفريقي الذي يعتبر بالنسبة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فضاء حيويا لمصالح كليهما، فيما تسعى موسكو لتعزيز وجودها في إطار صراع على النفوذ والتمدد مع القوى الغربية.

وفي علامة على حالة القلق التي يثيرها السلوك الجزائري، سبق أن وجه 27 عضوا من الكونغرس الأميركي رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن طالبوا فيها بفرض عقوبات على الحكومة الجزائرية بسبب ما اعتبروه "صفقات أسلحة بالمليارات مع روسيا".

وأثار هؤلاء البرلمانيين بقيادة عضو الكونغرس الجمهورية ليزا ماكلين في رسالتهم مخاوفهم بشأن "تنامي العلاقات الوثيقة بين الجزائر وروسيا"، مشيرين إلى توقيع الجزائر خلال العام الماضي عقود تسلح ضخمة مع روسيا بأكثر من سبعة مليارات دولار تشمل شراء مقاتلات متطورة بينها 'سوخوي 57' وهو طراز لم تبعه موسكو لأي دولة.

وتشير صفقات التسلح الجزائري من روسيا إلى أن الجزائر باتت ثالث أكبر مستورد للأسلحة من روسيا لتمثل بذلك أكبر مصدر تسلح بالنسبة للجانب الجزائري.

ودعا الأعضاء الـ27 في الكونغرس الأميركي الرئيس جو بايدن لتطبيق  قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال عقوبات قانون 'كاتسا' الذي أقره الكونغرس في عام 2017.

وليس واضحا ما إذا كان تبون سيطرح مبادرة جزائرية لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا. وقد سبق أن أعلن في فبراير/شباط الماضي إلى وجود "مشروع خطة سلام" يمكن أن تطرحها بلاده لوقف الحرب في أوكرانيا، من دون الحديث عن أي تفاصيل، في الوقت الذي تقررت فيه إعادة فتح السفارة الجزائرية المغلقة في العاصمة الأوكرانية كييف.

وتأتي زيارة تبون لروسيا بينما لم يصدر أي بيان رسمي بشأن زيارته المرتقبة إلى باريس والتي كانت مقررة في النصف الثاني من يونيو/حزيران، لكن مصدرا من الرئاسة الفرنسية أشار إلى وجود "محادثات بين الطرفين لإيجاد تاريخ ملائم" لهذه الزيارة ما يعني أنها لن تكون في الموعد.