تجاوزات تثير الشكوك حول نزاهة الانتخابات الرئاسية التونسية

غياب عدد من الملاحظين وحديث عن شراء اصوات ناخبين بالمال امام مراكز الاقتراع اضافة الى ضعف مشاركة الشباب.

تونس- تحدثت عديد المصادر عن وجود تجاوزات عديدة شابت الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية التونسية المستمرة اليوم الاحد.
ولاحظ عدد من المتابعين للاستحقاق الانتخابي غياب المراقبين والملاحظين في عدد من مراكز الاقتراع بعدد من الجهات ما يثير الشكوك حول مدى سلامة ونزاهة التصويت في ظل حديث عن شراء اصوات ناخبين وتوزيع للاموال.
وقد ردت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بان غياب الملاحظين في عدد من مكاتب الاقتراع لا يعني غياب الرقابة وبالتالي لن يؤثر على سير العملية الانتخابية مشيرة بان الملاحظين يتبعون في الاساس منظمات المجتمع المدني.
وطالبت الهيئة المواطنين بعدم الاستماع الى بعض الاشاعات التي تريد الاستنقاص من نزاهة وشفافية العملية الانتخابية.
وكشف مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات عن تجاوز خطير تمثل في كشف سيارة لى وجه الكراء تقوم بتوزيع الاموال على الناخبين في احد احياء منطقة " الكبارية" بتونس العاصمة حيث تم القاء القبض عليهم.
وطالب المرصد شاهد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية الملاحظين وتسهيل أدائهم لمهامهم ضمانا لحسن سير عملية الاقتراع.
كما شهد مكتب اقتراع في محافظة سوسة تجاوزا تمثل في قيام مواطن بالاقتراع مرتين ليتضح ان التصويت يعود لخطا فردي وان النيابة العامة تحقق في الموضوع للوقوف على الاسباب الحقيقية.
وشهدت منطقة الحانة بمحافظة قايس اعتداء بالعنف الشديد تعرض له احد المواطنين بعد اتهامه بتوزيع الاموال وشراء الناخبين للتصويت لمرشح معين لكن هيئة الانتخابات افادت بان العتدي عليه اوصل سيدة الى مقر الاقتراع ومنحها مساعدة مادية بد ان طلبت منه ذلك وان الامر لا يتعلق بشراء ناخبين.

وتعرف الانتخابات ضعفا كبيرا من حيث اقبال الناخبين الشباب حيث يتكرر الامر في الانتخابات التشريعية السابقة وفي الدور الاول من الانتخابات الرئاسية.
ويصل الطالب محمد للتو من مدينة سوسة (حوالى 150 كلم شرق) بعد ان تقاسم مع أصدقائه سيارة حملتهم الى تونس العاصمة للتصويت في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية مع ضعف اقبال الشباب على صناديق الاقتراع حيث قرر عدد من الشباب ان ينتقل في شكل مشترك الى العاصمة للتصويت لصالح استاذ القانون الدستوري المتقاعد قيس سعيّد (61 عاما) بعدما دعاهم للمشاركة بكثافة.
وينافس على منصب الرئيس، رجل الاعلام الملاحق قضائيا نبيل القروي (56 عاما) الذي ينطلق من افكار ليبيرالية براغماتية ويتخذ من مقاومة الفقر شعارا لحملته.
ويقترح القروي ضمن برنامجه الانتخابي تعيين شاب كسفير لمجموعة "GAFA" (غوغل وامازون وفيسبوك وآبل) لدعم الاستثمار الرقمي في البلاد وتحفيز الشباب على ابتكار أفكار تمكنهم من انشاء مشاريعهم الخاصة.
وصف القروي خلال مناظرة تلفزيونية برنامج سعيّد ب"والت ديزني" في اشارة الى صعوبة تنفيذه وانه خيالي، ورد عليه سعيّد "بعدم التهكم على برامج الشباب".
وتم انشاء العديد من الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك خلال الأيام الأخيرة من قبل شباب للتشارك في سيارات تقلهم من مقر سكنهم في عدد من المحافظات التونسية نحو العاصمة.
ويقول محمد (21 عاما) وهو يحمل حقيبة على ظهره "وضعت اعلانا لي ولقريبي في صفحة وقد تفاعل معي شخص وحددنا موعدا، وها انا ذا".
ويعلق قريبه الذي يدرس في جامعة سوسة (شرق) ساخرا "لم يحترموا التوقيت ولكن ليست مشكلة".
"تطوّع"
يتفاعل العديد من الشباب على صفحة "كوفواتوراج (تشارك السيارة) من أجل الرئاسية" والتي تدعم المرشح قيس سعيّد وتم انشاؤها بعد الدورة الأولى التي جرت في 15 أيلول/سبتمبر الفائت.
وتضم الصفحة نحو 30 ألف منخرطا يتبادلون أرقام الهواتف والمعلومات ويحددون مواعيد ليلتقوا فيها من أجل الانتقال من العاصمة في اتجاه مدنهم أو العكس من المدن الداخلية في اتجاه العاصمة للانتخاب.
وتضم المجموعة في غالبيتها طلابا عبروا عن نية التصويت لسعيّد.
وتقول بحرية ستيلا مديرة الصفحة "وضعنا حافلات في تصرف الذين لم يتمكنوا من تنسيق انتقال مشترك بالسيارة".
وتؤكد "نسقت لـ300 شخص السبت سيارات وحافلات. هذا عمل تطوّعي بالكامل".

المرشح الرئاسي قيس سعيد
قطاعات كبيرة من الشباب تدعم المرشح قيس سعيد

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لشباب ينتقلون في مجموعات بالحافلات رافعين صور المرشح قيس سعيّد.
ويمنع القانون الانتخابي ان يخصص المرشحون وسائل نقل للناخبين من المناطق البعيدة من أجل ايصالهم لمراكز الاقتراع.
ولم ينظم حزب القروي "قلب تونس" رحلات لأنصاره الأحد فيما تقوم مجموعة من الشباب المتطوعين بحملة سعيّد المستقل والذي شكل حلوله في الصدارة في الدورة الاولى ب 18,4 في المئة "زلزالا انتخابيا".
"واجب"
وسجلت محطة النقل "باب عليوة" بالعاصمة تونس ليل السبت، اكتظاظا، ويقول رضا (35 عاما) "من المهم ان ننتخب هذا واجب ومسؤولية".
ويتابع "يختلف المتنافسان كثيرا الواحد عن الاخر. واحد يمكن ان يطور البلاد وآخر يمكن ان يغرقها".
كما بادر بعض سائقي سيارات الأجرة الى تقديم خدمات بدون مقابل لنقل الناخبين، على غرار بكري الذي يقل أنصار سعيّد من مدينة نابل (شرق) الى العاصمة ويقول "أفعل ذلك من أجل بلدي وأدعم من يحمل الأمل لتونس".
ناهزت نسبة المشاركة في الدورة الأولى خمسين في المئة ورأى مراقبون ان عدم الاقتراع مرده الى ضعف الدولة في الاستجابة لمطالب التونسيين وخصوصا تشغيل الشباب.