تحديات كبيرة تنتظر العراق للاستغناء عن غاز إيران

عملية تحديث شبكة الكهرباء في العراق تحتاج لاستثمارات لا تقل عن 30 مليار دولار.

بغداد - قال وزير الكهرباء العراقي اليوم الثلاثاء، إن العراق سيواجه صعوبة في توليد ما يكفي من الكهرباء إذا لم يواصل استخدام الغاز الإيراني لمدة ثلاثة أو أربعة أعوام أخرى، ليقاوم ضغوطا أميركية لوقف الاستيراد من جارته في الشرق الأوسط.

وهوت صادرات النفط الإيرانية منذ أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على إيران هذا العام سعيا لعزل الجمهورية الإسلامية بسبب الخلاف المتعلق بطموحاتها النووية.

وقال لؤي الخطيب للصحفيين على هامش مؤتمر الطاقة العالمي في أبوظبي "في النهاية هذه سوق مفتوحة. قضية الكهرباء أضحت شأنا سياسيا في العراق".

وقاد انقطاع الكهرباء في العراق لاحتجاجات مناوئة للسلطات في أغلب الأحيان. وتورد إيران غازا يكفي لتوليد 2500 ميغاوات فضلا عن تزويد العراق بإمدادات مباشرة من الكهرباء حجمها 1200 ميغاوات.

وذكر الوزير أن العراق يملك حاليا طاقة إنتاجية قدرها 18 ألف ميغاوات، ارتفعا من 12-15 ألفا في العام الماضي، لكنها تظل دون مستوى الطلب في أوقات الذروة والذي قد يصل إلى نحو 25 ألف ميغاوات ويرتفع كل عام.

وتظل صادرات الغاز للعراق وصادرات المنتجات المكررة للأسواق العالمية مصدرا مهما للإيرادات بالنسبة لإيران.

وردا على سؤال عن الضغوط الأميركية المتزايدة بشأن إمدادات الطاقة الإيرانية، قال الخطيب "لدينا علاقات متوازنة مع الجميع وينبغي أن يحترم الناس ذلك".

وذكر الخطيب أن تحديث شبكة الكهرباء في البلاد يحتاج لاستثمارات لا تقل عن 30 مليار دولار، إذ أن عمرها 50 عاما وفقدت 25 بالمئة من طاقتها بسبب هجمات تنظيم الدولة الإسلامية.

وتابع أن العراق يسدد ثمن الغاز العراقي على أساس آلية تعادل في المتوسط نحو 11 بالمئة من سعر خام القياس العالمي برنت أو حوالي ستة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. يأتي ذلك مقارنة مع ما بين دولارين و3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في السوق الأميركية المتخمة بالمعروض.

وتضغط الولايات المتحدة على العراق لإيقاف اعتماده على إمدادات الغاز الإيرانية وقد منحته إعفاءات مؤقتة من العقوبات مع مطالبته بتسريع تطوير بدائل الغاز المحلية.

وفي يوليو الماضي قالت مصادر حكومية عراقية إن "المسؤولين العراقيين والإيرانيين والأميركيين توصلوا بعد أشهر من المحادثات إلى آلية تمكن العراق من السداد لإيران عن طريق إيداع أموال في حساب مصرفي خاص داخل العراق بالدينار العراقي.

ووفقا لهذه الآلية لن تتمكن إيران من سحب الأموال، بل ستستخدمها حصرا لشراء سلع من خارج العراق.

إيران تزويد العراق بإمدادات مباشرة من الكهرباء حجمها 1200 ميغاوات

ويقول وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنقنة إن العراق مطالب بسداد فاتورة معلقة بنحو ملياري دولار ثمنا لشراء كهرباء وغاز سابقا.

وبالرغم من أن العراق يمتلك واحدا من أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم، فإنه يتقدم ببطء نحو استخراجها ويعتمد على إمدادات الغاز والكهرباء من إيران.

لكن العراق يمكنه خفض واردات الغاز الإيرانية إذا استغل المزيد من احتياطياته من الغاز بدلا من حرق الغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط.

وقال وزير النفط ثامر الغضبان إنه يجري تنفيذ أربعة مشروعات للمساعدة في تحويل 1.2 مليار قدم مكعبة من الغاز المصاحب إلى سوائل لخفض عمليات الحرق بشكل كبير.

ومنذ أسبوع قالت وزارة النفط العراقية إنها وضعت حجر الأساس لأكبر مشروع لاستثمار الغاز المصاحب، يتضمن إنشاء مجمع عملاق لتسييل الغاز في إطار جهود بغداد المتسارعة لإنهاء استيراد الغاز الإيراني والتحول إلى تصدير الغاز المسال.

وقال الغضبان إن المشروع سيعزز قدرة شركة غاز البصرة على استثمار الغاز المصاحب لتصل إلى 40 بالمئة من حقول منطقة أرطاوي.

وأضاف أن معدلات إنتاج الشركة من الغاز المستثمر سوف ترتفع إلى 1.4 مليار قدم مكعب يوميا من جميع الحقول المستثمرة في جولة التراخيص الأولى، وهي الرميلة الشمالية والزبير وغرب القرنة 1.

وأكد الغضبان خلال إطلاق المشروع أن وزارة النفط ماضية في تنفيذ خططها الرامية إلى الاستثمار الأمثل للغاز المصاحب للعمليات النفطية وتقليص نسبة الحرق والطاقة المهدورة إلى الحد الأدنى.

وقال إن المشروع سيوفر الغاز لشبكة الطاقة الكهربائية ويمكنها من توليد 1500 ميغاواط، ويمكن العراق من تحقيق الاكتفاء الذاتي وتحقيق إيرادات مالية من خلال تصدير الكميات الفائضة عن الاستهلاك المحلي، إضافة إلى تقليل التلوث البيئي الناجم حاليا عن حرق نسبة كبيرة من الغاز المصاحب.

ويقول محللون أن وتيرة استثمار الغاز وزيادة توليد الكهرباء بعد إبرام عقود مع شركات عالمية كبيرة مثل سيمنز الألمانية وجنرال الكتريك الأميركية، يمكن أن تؤدي إلى الاستغناء عن الإمدادات الإيرانية في المستقبل القريب.

كما أكدت مصادر مطلعة أن الحكومة العراقية تخوض حاليا مباحثات مكثفة مع عدد من الشركات السعودية لمناقشة فرص الاستثمار في أكبر حقول الغاز في العراق وتطوير صناعة البتروكيماويات.

وكشفت نفس المصادر أن النقاشات تجري مع شركتي أرامكو وسابك السعوديتين بشأن الاستثمار في مشروع نبراس للبتروكيماويات وتطوير حقل عكاس في محافظة الأنبار، وهو أكبر حقول الغاز في العراق.