تحرك أممي يكسر جمود مفاوضات الصحراء المغربية

هورست كولر يجمع في جنيف حول طاولة محادثات أولية المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية والجزائر وموريتانيا وذلك على أمل إحياء المفاوضات.
الرباط ترفض أي حل آخر خارج منح الصحراء حكما ذاتيا تحت سيادتها

الرباط ـ يجمع مبعوث الامم المتحدة الى الصحراء المغربية هورست كولر الأربعاء والخميس في جنيف حول "طاولة محادثات أولية" كلا من المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية والجزائر وموريتانيا، وذلك على أمل إحياء المفاوضات المتوقفة منذ 2012 حول هذه المنطقة المتنازع عليها.

واعتبر كولر في دعوته الموجهة للأطراف المعنية بهذا اللقاء في تشرين الأول/أكتوبر أن "الوقت قد حان لفتح فصل جديد في المسلسل السياسي". ويبدو كولر عازما على إيجاد مخرج سياسي.

وترفض الرباط أي حل آخر خارج منح الصحراء المغربية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية، منبهة إلى ضرورة الحفاظ على الاستقرار في المنطقة.

وعرض المغرب منح حكم ذاتي للصحراء المغربية التي تملك مياها غنية بالأسماك واحتياطيات من الفوسفات.

وترفض البوليساريو وحليفتها الجزائر ذلك وتقول إنهما تريدان إجراء استفتاء يكون استقلال الصحراء المغربية أحد خياراته.

وفي انتظار التوصل إلى حل يعيش لاجئون صحراويون في مخيمات قرب مدينة تندوف بالجزائر، وتقدر مصادر عددهم بما بين 100 ألف إلى 200 ألف شخص، في ظل غياب إحصاء رسمي. وتقع تندوف جنوب غرب الجزائر العاصمة على بعد 1800 كيلومتر وهي قريبة من الحدود مع المغرب.

ويعاني سكان مخيمات تندوف من ظلم وتهميش في ظل سطوة عصابات البوليساريو التي تحكم قبضتها على شؤون تلك الخيمات والتي قامت مرارا بتحويل هبات ومنح دولية وأموال مخصصة للصحراويين لحسابات قادتها.

ويوظف قادة البوليساريو أموال المساعدات المنهوبة في شراء الولاءات وضرب معارضيهم المؤيدين للمقاربة المغربية لتسوية النزاع سلميا.

وفي العام 1975، بدأت قضية الصحراء بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو إلى نزاع مسلح، استمر حتى 1991، وتوقف بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار لم يحترمه الانفصاليون.

ومنذ تعيينه سنة 2017 مبعوثا أمميا للصحراء التقى الرئيس الألماني السابق هورست كولر عدة مرات أطراف النزاع، خاصة بمناسبة جولة له في المنطقة، لكن كل على حدى.

المقاربة الأممية تتجنب ممارسة الكثير من الضغوط وتعليق الكثير من الانتظارات على اللقاء الأول

وأدت جهود كولر الى جمع المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا حول نفس الطاولة رغم أن كل طرف ينظر لصيغة اللقاء من زاوية مختلفة، فالجزائر تؤكد أنها تحضر بصفتها "بلدا مراقبا" بينما تعتبرها الرباط "طرفا" في النزاع.

وتطمح الأمم المتحدة لجعل اللقاء المرتقب عقده في قصر الأمم بجنيف "الخطوة الأولى في مسار مفاوضات جديدة"، من أجل التوصل إلى "حل عادل، دائم يحظى بقبول جميع الأطراف.

ويتضمن جدول أعمال اللقاء عناوين فضفاضة تتعلق ب"الوضع الحالي والاندماج الإقليمي، والمراحل المقبلة للمسار السياسي" بحسب نفس الورقة.

ويوضح مصدر دبلوماسي قريب من الملف أن هذه المقاربة "تتجنب ممارسة الكثير من الضغوط وتعليق الكثير من الانتظارات" على هذا اللقاء الأول، معتبرا أنها تهدف الى "إذابة الجليد" مع التذكير بسياق العلاقات السيئة بين المغرب والجزائر.

وتظل الأوضاع على الأرض "هادئة في العموم على جانبي الجدار الرملي" الذي شيده المغرب على طول 2700 كيلومتر، وذلك رغم "استمرار توترات" وقعت مطلع السنة، حسب التقرير الأخير للأمم المتحدة.

ويدافع المغرب عن حل سياسي "دائم" مطبوع بـ"روح التوافق" لكنه لا يقبل أي نقاش "حول وحدته الترابية" و"مغربية الصحراء"، كما أكد ذلك العاهل المغربي الملك محمد السادس مؤخرا.

ويتمسك المغرب بسيادته على كافة أراضيه بما فيها الأقاليم الصحراوية واقترح كحل حكما ذاتيا موسعا تحت سيادته، بينما تطالب البوليساريو بتنظيم استفتاء على تقرير مصير الإقليم، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي صحراويين.

وحسب مصدر جزائري قريب من الملف فإن النقاش حول "الوضع في المغرب العربي" هو الذي "يفسر حضور الجزائر وموريتانيا" في جنيف.