
تحويل آيا صوفيا إلى مسجد يعمق الخلافات التركية الفرنسية
باريس- يعمق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من خلافاته مع الغرب خاصة مع فرنسا وذلك عبر قرار تحويل متحف ايا صوفيا الى مسجد في ظل جملة من تباين المواقف تجاه عدد من القضايا.
وفي هذا الصدد أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان الجمعة أنّ بلاده "تأسف" لقرار السلطات التركية تحويل كاتدرائية آيا صوفيا السابقة في اسطنبول من متحف إلى مسجد.
وقال لودريان في بيان إنّ "فرنسا تأسف لقرار مجلس الدولة التركي تعديل وضع متحف آيا صوفيا، ولمرسوم الرئيس أردوغان بوضعه تحت سلطة مديرية الشؤون الدينية. هذان القراران يشكّكان في أحد أكثر الإجراءات رمزية لتركيا العصرية والعلمانية".
وشدّد الوزير الفرنسي على "وجوب الحفاظ على سلامة هذه الجوهرة الدينية والمعمارية والتاريخية، رمز الحرية الدينية والتسامح والتنوّع، والمدرجة على قائمة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي".
ويندرج الموقف الفرنسي في سياق سلسلة ردود فعل مندّدة ومستنكرة لقرار السلطات التركية تحويل المعلم البيزنطي إلى مسجد.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن في وقت سابق الجمعة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، مشيراً إلى أنّ أول صلاة جمعة ستقام فيها في 24 تموز/يوليو.
وأتى تصريح أردوغان إثر حكم أصدره مجلس الدولة التركي، أعلى محكمة إدارية في البلاد، بناء على مراجعة تقدمت بها منظّمات عدّة، وقضى بموجبه بإبطال القرار الصادر في العام 1934 والذي تحوّلت بموجبه آيا صوفيا من مسجد إلى متحف.

وليست فرنسا فقط ممن عبرت عن رفضها لقرار تحويل ايا صوفيا الى مسجد حث ذكرت وكالة تاس الروسية للأنباء أن الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا عبرت الجمعة عن أسفها لأن القضاء التركي لم يعر مخاوفها اهتماما عندما اتخذ قراره وقالت إن القرار قد يثير انقسامات أكبر.
كما حثت اليونان وكذلك وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تركيا على الحفاظ على صفة المبنى الأثري كمتحف.
وسيزيد القرار من عزلة تركيا على المستوى الدولي مع تصاعد التهم الموجهة لها باستهداف الأقليات الدينية والعرقية.
وتعرف العلاقات التركية الفرنسية تدهورا بسبب إصرار انقرة على التدخل في ليبيا ودعم المجموعات الإرهابية ونقل المرتزقة إلى البلد الممزق بسبب الحرب ما يمثل خطرا على الامن القومي الفرنسي نظرا لقرب ليبيا من الحدود الجنوبية لأوروبا.
كما تصاعد الخلاف بين باريس وانقرة بسبب إصرار اردوغان على مواصلة عمليات التنقيب على الغاز والنقط شرق المتوسط دون رادع وسط دعوات فرنسية لكبح جماح تركيا.
كما رفضت فرنسا التدخل التركي المتصاعد في شمال سوريا وفي شمال العراق واستهداف الأقلية الكردية داخل وخارج تركيا في حين يتخوف الغرب من محاولات اردوغان اسلمة واخونة المجتمع التركي الذي تمسك بالنظام العلماني طيلة عقود.
وكاتدرائية آيا صوفيا تحفة معمارية شيّدها البيزنطيون عند مدخل مضيق البوسفور في القرن السادس وكانوا يتوّجون أباطرتهم فيها.
وبعد سيطرة العثمانيين على القسطنطينية في 1453 وتغييرهم اسم العاصمة السابقة للامبراطورية البيزنطية إلى اسطنبول، حوّلوا الكاتدرائية إلى مسجد في العام نفسه، وقد بقيت كذلك حتى العام 1934 حين أصبحت متحفاً بقرار أصدره مؤسّس الجمهورية التركية مصطفى كمال (أتاتورك) وذلك بهدف "إهدائها إلى الإنسانية".
وآيا صوفيا مدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، وتعدّ واحدة من أهمّ الوجهات السياحية في اسطنبول.