'تراث المغرب' ينطلق في رحلة إلى قطر في عرض لروائع الأطلس

متحف الفن الإسلامي بقطر يستضيف معرضا ضخما يرسم معالم المغرب بثقافاته المزدهرة.

الرباط - أكثر من 200 قطعة فنية ترسم معالم المغرب بثقافاته المزدهرة، ستكون في ضيافة متحف الفن الإسلامي بقطر من خلال معرض "روائع الأطلس: رحلة عبر تراث المغرب"، وذلك ابتداء من شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وسيأخذ هذا المعرض الضخم الذي سيكون متاحا للجمهور من 2 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل إلى غاية 8 مارس/آذار 2025، الزوار في رحلة تستكشف تراث المغرب، وتستعرض القوى التي شكلت الهوية الفريدة للمملكة، وفق بلاغ للمنظمين.

ويضم المعرض المنظم في إطار العام الثقافي قطر- المغرب 2024، مقتنيات تزيد على المئتي، تشمل قطعا أثرية، ومخطوطات، وآلات، ومجوهرات، وصورا فوتوغرافية، تروي جميعها قصة متعددة الأوجه عن تاريخ المملكة، ومجتمعها، وتعبيراتها الفنية، وتبرز دورها الفعال في تنشيط ثقافات البلد.

كما يحتوي معرض "روائع الأطلس" على مجموعة من القطع المعارة التي لم تعرض سابقا في قطر، من مختلف المؤسسات المغربية، مثل المؤسسة الوطنية للمتاحف، والمكتبة الوطنية بالرباط.

وسيتم وفق البلاغ أيضا عرض مجموعة من الأعمال التي لم تشاهد من قبل، من مجموعات متاحف قطر، ومتحف الفن الإسلامي، ومتحف لوسيل المستقبلي، مشيرا إلى أن الدكتورة منية شخاب أبودية نائبة مدير المتحف للشؤون المتحفية في متحف الفن الإسلامي ستكون أمينة هذا المعرض.

وقالت رئيسة مبادرة الأعوام الثقافية ورئيسة مجلس أمناء متاحف قطر، الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، وفق ما نقله البلاغ ونشرته وكالة المغرب العربي للأنباء، "نحن محظوظون للغاية بشراكتنا مع مؤسسات من جميع أنحاء المغرب في إطار العام الثقافي قطر-المغرب 2024".

وأضافت "سيعزز ذلك إمكانيات القطريين والمقيمين في بلورة رؤية دقيقة عن التقاليد الإسلامية العظيمة لجيراننا في شمال أفريقيا"، متابعة أن "الالتزام المشترك بتوسيع المعارف والاكتشافات العلمية والتميز الفني قد هيّأ أرضية خصبة للبرنامج الغني لهذا العام الثقافي".

وبحسب البلاغ، فإن مبادرة الأعوام الثقافية تروم تنظيم شراكات ثقافية طويلة الأمد بين قطر والدول الشريكة، سعيا منها لتعزيز الاحترام وتعميق التفاهم بين الثقافات المتنوعة، وتحفيز الشعوب على الاتحاد معا.

وأكدت مديرة متحف الفن الإسلامي، شيخة ناصر النصر "لا أجد أفضل من متحف الفن الإسلامي لاحتضان هذا المعرض الرائع، لكونه مكرسا لحفظ الثقافات الإسلامية حول العالم وعرضها ونشرها"، مبرزة أنه "أثناء التخطيط لهذا المعرض، كنا نسعى إلى تسليط الضوء على الهوية الثقافية المغربية ذات الطبقات المتداخلة، لنتيح للزوار فرصة استكشاف تراث البلد الغني".

وتابعت أن "هذا المعرض يأتي ليكون جسرا يربط الماضي بالحاضر، ويدعو الجمهور إلى الانغماس في الجمال الخالد للثقافة المغربية وإرثها العالمي الدائم".

ويتمحور معرض "روائع الأطلس" حول خمسة أقسام، يتطرق كل منها إلى موضوع معين، مستعرضا ثقافات المغرب المتنوعة والمترابطة فيما بينها، وأثرها الدائم على الحياة المعاصرة.

وتشمل هذه الأقسام "وجوه المغرب: الطبيعة والمجتمع"، وهو عبارة عن معرض تعريفي يقدم للزوار مجموعة آسرة من الصور الفوتوغرافية بعدسة كل من برونو باربي، وإيرفينغ بن، وللا الصعيدي، وموس المرابط، ومنير راجي، تجسد مظاهر التنوع البيئي والسكان المعاصرين بالمغرب، وتقدم أيضا لمحة عن الحياة اليومية للمجتمعات العربية والأمازيغية والتضاريس التي يتنقلون عبرها.

ويسافر قسم "روح المغرب: ملوك، أولياء ومفكرون" في رحلة عبر تاريخ السلالة الحاكمة بالمغرب التي غرست بذور المعرفة في العلوم الدينية، وساهمت في التقدم العلمي في مدينتي فاس ومراكش، وهما المركزان الرئيسيان لطلب العلم. ويبرِز هذا القسم كيف مهّد حكام المغرب الذين يعود نسبهم مباشرة إلى نسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الطريق لمواصلة مسيرة البحث العلمي في الفلك والرياضيات والطب وغيرها من المجالات.

وسيركز القسم بشكل خاص على التطرق إلى مؤسسات التعليم العالي، مثل جامعة القرويين الشهيرة، التي تأسست على يد المرأة المسلمة فاطمة الفهرية عام 859، وهي أقدم جامعة في العالم لا تزال مستمرّة في منحها للدرجات العلمية.

ويستكشف قسم "نسيج التقاليد: البراعة اليدوية المغربية"، وهو أكبر قسم في هذا المعرض، الدور المحوري للحرف اليدوية في ثقافات المغرب المتعددة، مستعرضا ازدهار مجموعة من الصناعات التي تناقلتها الأجيال، ترتبط بالجلود، والمنسوجات، والسجاد، والخزف، والمجوهرات، والأعمال الخشبية.

وتعكس الأعمال الخزفية التراث الإسلامي في المغرب، وخاصة الأمازيغي والأندلسي منه، في حين ترسم المنسوجات اليدوية صورة عن البلد باعتباره ملتقى تتقاطع فيه الحضارات، حيث تجتمع فيه لمسات التأثير من أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط تحت مظلة واحدة.

ويضمّ هذا القسم أزياء ومجوهرات، لاسيما الملابس التقليدية مثل القفاطين التي ترتديها النساء في الحفلات والمناسبات، وجميعها توضّح كيف حافظ المصممون والحرفيون على أزيائهم التقليدية، وكيّفوها مع الاحتياجات المعاصرة. ويستمد هذا القسم فكرة تصميمه من ورشات الحرف والأسواق المغربية، صانعا لزواره تجربة آسرة.

ويستعرض قسم "الأصوات المغربية التقليدية"، آلات موسيقية، تعبّر عنها مقتنيات من متحف دار الجامعي بمكناس والتي تستخدم في إبداعات عديدة من سمفونيات أندلسية للمدن إلى موسيقى كناوة جنوب المغرب. كما ستصاحب القطع المعروضة مقاطع فيديو، تقدم لمحة عن التراث الموسيقي الذي يميز مختلف المناطق.

أما القسم الأخير، فهو بمثابة تكريم لبراعة الحرف المغربية ذات اللمسة العصرية، حيث يضم سبعة أعمال بتكليف من المصمم المغربي نور الدين أمير، تستجيب القطع فيها لمعايير الحرف التقليدية، أضفيت عليها ملامح الابتكار لتصبح أعمالا تجريدية بارزة وجديدة، ستعلق في سقف المعرض، وتُصاحبها تركيبات ضوئية تساعد في التعرف على ملمس المنسوجات التقليدية والتقنيات المستخدمة لصناعتها.

وسيكون هذا المعرض مصحوبا بكتاب يحتوي على مقالات قصيرة حول المواضيع التي تطرقت إليها الأقسام الرئيسة. كما سيتضمن صورا ومعلومات مفصلة لكل عمل في المعرض. وستُعرض العديد من هذه القطع التابعة لمجموعات متاحف قطر بالمعرض لأول مرة.

وتقدم مبادرة الأعوام الثقافية شراكات ثقافية طويلة الأمد بين قطر والدول الأخرى، وتهدف إلى تعزيز الاحترام بين الثقافات المتنوعة وتحفيز الشعوب على الاتحاد وتعزيز الروابط وتشجيع الحوار وتعميق التفاهم.